;
د.علي الفقيه
د.علي الفقيه

اليورو تمايل قبل السقوط (2 2) 1862

2012-02-17 02:47:33


هناك وصفة تردد كثيراً في أوروبا عن ضرورة التقشف وفرض إجراءات قاسية على الحكومات التي تعاني عجزاً مالياً كبيراً وديوناً هائلة، والحال أن هذه السياسة التي ينظر إليها على أنها الباسم الشافي ستفضي إلى مزيد من البطالة وانكماش في الاستهلاك وصعوبة النمو الاقتصادي الذي بدونه لن تتمكن البلدان المنكوبة في سداد دوينها ودفع مستحقاتها.
ويجب التأمل في هذا السياق الفكرة التي قامت عليها العملة الأوروبية الموحدة "اليورو"، فمن الخلاصات المهمة التي تخرج بها غالبية الاجتماعات للقادة الأوروبيين يتضح أن الدول الأوروبية لا تنسق فيما بينها بما يكفي، لا سيما فيما يتعلق بالموازنات وضبط العجز والديوان، وهو الأمر نفسه الذي قيل عند إنشاء العملة الموحدة بحيث كانت أوروبا وما آلات تفتقد لآلية تنسيق واندماج في السياسيات المالية، لكن جميع هذه التحذيرات تم تهميشها على أمل أن فكرة اليورو سوف تنجح بفعل النوايا الحسنة وشيء من الحظ، واليوم يواجه اليورو خطراً محدقاً قد يفتح الباب أمام انسحاب الدول المتضررة والقبول بعملة موحدة بأقل من العدد الحالي من أعضاء منطقة اليورو، ورغم أن القرارات تتخذ ظاهرياً في المؤتمرات واللقاءات التي يعقده القادة الأوروبيون لحل الأزمة، يظل السوق في النهاية العامل المحدد الذي يخضع له الجميع بصرف النظر عن عيوبه الكثيرة.
فالأسواق تتكون من مضاربين محترفين لا يهمهم في شيء ما إذا كان اليورو سينجو أم سيغرق، وهم يراهنون على الطريقة التي ستؤثر بها القرارات السياسية على قيمة اليورو، فهدفهم الأول هو ربح المضاربات، ولأن إقبال المضاربين على عملة ما يحد قيمتها في السوق، فإن المسألة تنطوي على خطورة كبيرة لأنها تحدد أيضاً ما إذا كانت الدولة المعنية ستتمكن من تسديد ديونها والحصول على ديون أخرى بشروط معقولة، وهنا تكمن المشكلة الحقيقية، فبعيداً عن أسواق العملات والمضاربات، لكل عملة قيمة حقيقة بالنسبة للمواطنين الذين يشترون بها أشياء عقلية، لذا تؤثر تلك المضاربات مباشرة على الاقتصاديات الوطنية والمجتمع، وهو أمر يغيب تماماً عن ذهن المضارب الذي يتعامل مع العملات كحصان رباح في سباق الخيول بصرف النظر عن الاعتبارات الأخرى، فلماذا تسمح الحكومات إذاً للمضاربة بتحديد قيمة الأسواق النقدية كما فعل نيكسون منذ فك ارتباط العملة باحتياطي الذهب عام 1971م، حيث كانت هناك أخطار، ومع ذلك مضى في العملية لأنه أراد وقف تحويل احتياطات الذهب الأميركي إلى فرنسا وبلدان أخرى كانت ستقبل الاستثمارات الأميركية بالدولار المرتبط بالذهب ومن ثم معالجة الاختلال في الميزان التجاري الأميركي، وبدلاً من الاستقرار في مناقشة المزيد من التدابير التقشفية في اللقاءات الأوروبية لمعالجة أزمة اليورو، يتعين على القادة النظر في طرق الحد من المضاربة وتأثيرها في الاقتصاد، هذا التأثير الذي بات واضحاً كما كشفت عنه صحف أوروبية.
في العاصمة بروكسل انعقدت قمة طارئة لقادة الاتحاد الأوروبي حيث تم الموافقة على مخطط لمواجهة أزمة الديون السيادية في الاتحاد من خلال مزيد من الاندماج بين بلدان منطقة اليورو، وافق 26 من أصل 27 زعيماً أوروبياً على اعتماد ما سمي اتحاداً مالياً ـ مجموعة من الدول داخل الاتحاد الأوروبي تقيد بقواعد ميزانية أكثر صرامة وتقبل بعقوبات في حال خرق هذه القواعد.. أراء كثيرة تحدثت عن القيمة حيث أشار أحدهم بأن أوروبا خطت خطوة نحو حل الأزمة لأن تعزيز التنسيق المالي يمثل ركناً مهماً من أركان اتحاد نقدي مستقر، ولكنه لا يعالج المشكلة الرئيسية للاقتصادات التي تكافح في جنوب أوروبا غياب النمو، آخر قال إن الاتفاقية سوف تصبح أساس اتفاقية مالية جديدة ومدعاة لمزيد من الانضباط في السياسة الاقتصادية لأعضاء منطقة اليورو.
رأي ثالث يؤكد أن ما تم الاتفاق عليه ليس قطعاً اتحاداً مالياً، ذلك أنه لا توجد ميزانية مشتركة، ولا توجد ميزانية مشتركة، ولا إصدار مشترك للديون، ولا آلية لتحويل الأموال بين الاقتصادات المشاركة، إنه اتفاقية لإرسال الاستقرار المالي ولكنها مجملة بمساحيق، والتقشف المالي وحده لن يحل الأزمة وأن المطلوب هو نمو اقتصادي.
وعلاوة على التوصل لاتفاق حول اتحاد مالي، وافقت الاتفاقية على تقديم صندوق الإنقاذ المالي الجديد لأوروبا، الذي يدعي آلية الاستقرار الأوروبية في يوليو 2012م، وعلى أن توفر بلدان الاتحاد الأوروبي "200" مليار يورو لصندوق النقد الدولي من أجل المساعدة على معالجة الأزم

هامش:

1. الاتحاد العدد "13268" 2/11/2011.
2. الحياة العدد "17750" 9/11/2011.
3. الاتحاد العدد "13278" 9/11/2011.
4. الاتحاد العدد "13286" 20/11/2011.
5. الاتحاد العدد "17771" 3/12/2011.
6. الاتحاد العدد "13308" 12/12/2011.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد