;
د.علي الفقيه
د.علي الفقيه

الاتحاد الأوروبي.. قواعد مالية جديدة 1816

2012-03-23 16:39:05


بداية شهر مارس وقعت 25 دولة من الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي معاهدة مالية جديدة لضبط الموازنة الخاصة بكل دولة، وتنص المعاهدة على خفض الديون وفقاً للنموذج الألماني الذي تم مراجعته من قبل المحكمة الأوروبية، وسوف يسمح فقط لدول مجموعة اليورو التي وقعت على المعاهدة بالحصول مستقبلاً على مساعدات من صندوق الاستقرار الأوروبي الدائم، ويتعين على كل دولة وقعت على المعاهدة أن تصدق عليها منفرد لاحقاً.. ومن المقرر أن تدخل المعاهدة حيز التنفيذ بحلول 2013م، وتهدف المعاهدة إلى التصدي لأزمة الديون الحالية والحيلولة دون تكرارها مستقبلاً وتراكمها كما هو الحال مع اليونان.
ووفقاً لنص المعاهدة تلتزم كل دولة بوضع حد لديونها، والاستعداد لعقوبات صارمة في حال مخالفة المعاهدة، المحكمة الأوروبية العليا تدرس ما إذا كان يتعين على كل دولة وقعت على المعاهدة وضع حد لديونها في دستورها الخاص.
المعاهدة تنص على قواعد ذهبية تفرض توازن الحسابات العامة، إضافة إلى عقوبات تفرض بصورة تلقائية أكبر ضد الدول التي تتساهل حيال تخطي عجزها السنوي العام حدود 3% من إجمال الناتج المحلي، لكن وحتى قبل دخول هذه المعاهد حيز التطبيق فإن الظروف الاقتصادية التي تزداد تدهوراً والانكماش في منطقة اليورو، تثير الشكوك حيال قوة الموازنة التي تعتزم المعاهدة فرضها، وقد وجدت عدة دول نفسها مرغمة على مواجهة تجاوز مالياتها العامة حدود التوازن المطلوب.
المفاجأة الحقيقية أتت من هولندا التي كانت سباقة في انتقاد التساهل المالي لشركائها، والتي تجد نفسها الآن مع ذلك ملزمة بدورها في القيام بتوفير مالِ إضافي بسبب تدهور كبير في الأوضاع الاقتصادية فاق ما كان متوقعاً، ويتوقع أن يبلغ العجز في هولندا نسبة 4.5% من إجمال الناتج الداخلي هذه السنة، وخصوصاً أن يتجاوز العام الماضي أيضاً الحدود الأوروبية المحددة بنسبة 3%، وكذلك في 2014 "4.1%" وفي 2013 "3.3%".
وإضافة إلى أسبانيا وهولندا قد تواجه دول أخرى قريباً صعوبات في جعل مالياتها تسلك الطريق المستقيم في الوقت المحدد، وهناك هدف يتمثل في جعل العجز عند 4.5% هذه السنة سيكون صعب المنال وأن العودة إلى 3% خلال 2013 ستكون أكثر صعوبة أيضاً، وإذا كان لا بد من تليين القواعد ولو بشكل طفيف لهولندا أو إسبانيا، فإن ذلك قد يؤدي إلى نتائج غير محسوبة ويمكن حتى أن يثير غضب دول مثل بلجيكا التي وجدت نفسها مرغمة على وضع موازنات تصحيحية في ظروف مؤلمة جداً، ما يؤدي إلى إضعاف المعاهدة.
وفي موضوع الاقتصادات الأوروبية وما تعانيه من إخفاقات فقد منح البنك المركزي الأوروبي "800" بنك في منطقة اليورو "529.53" مليار دولار في عمليته الثانية الاستثنائية من القروض على مدى ثلاثة أعوام، وهو رقم قياسي جديد لهذا الإجراء الذي يهدف إلى استقرار النظام المالي الأوروبي وتنشيط التسليف، وأثناء عمليته الأولى من هذا النوع خلال نهاية العام الماضي، والتي جرت في الظروف السخية جداً، تمت تلبية كل الطلبات بمعدل فائدة ثابت متدنٍ تاريخياً ويبلغ 1 %، اقترض "523" بنكاً ما قيمته"489" مليار يورو من البنك المركزي الأوروبي، وقد حطمت الأرقام القياسية سواء من حيث قيمة المبلغ أو عدد المشاركين، وهذه العملية الثانية على مدى ثلاثة أعوام قدمت على أنها الأخيرة من هذا النوع في الوقت الحالي للبنك المركزي الأوروبي.
وكانت قيمة هذه القروض موضع تكهنات عدة منذ أسابيع، حيث تحدث البعض عن مبلغ مرتفع جداً يصل إلى حدود ألف مليار يورو في حين توقع آخرون حجماً مستقراً مقارنة بالعلمية الأولى وحتى أدنى منها، وتفسير الزيادة القوية، في عدد البنوك المشاركة مقارنة بالعملية الأولى، مرونة شروط منح القروض التي قررها البنك المركزي الأوروبي في سبع دول بينها فرنسا وإيطاليا وإسبانيا وهذه المبادرة مخصصة أيضاً لفتح باب العملية أمام بنوك ذات حجم متواضع ولكنها تضطلع بدور مهم في تحويل الشركات الصغيرة والمتوسطة الأكثر عرضة لتشديد شروط التسليف المطبق في منطقة اليورو.
لكن حسنات العملية الأولى على التسليف لم تظهر بعد، لأن بنوك منطقة اليورو ولا تزال متحفظة نسبياً حيال الإقراض، لأنها تواجه هي نفسها ظروفاً اقتصادية صعبة وحاجات تمويلية كبيرة، ويتعين عليها في الوقت نفسه تعزيز صناديقها الخاصة للامتثال لالتزامات تنظيمية من الآن وحتى يونيو.. في المقابل أدى تدفق السيولة من البنك المركزي الأوروبي حتى الآن إلى تأثير إيجابي في سوق الاقتراض الدولية التي هدأت معدلات الفوائد منذ بداية السنة، وفي سوق السندات السيادية في أوروبا، الأمر الذي خفض خصوصاً كلفة الإستدانة لكل من إيطاليا وإسبانيا.
البنك المركزي الأوروبي يؤجل فقط إنهيار بعض البنوك الأدنى تصنيفاً بطرحه الثاني لأموال بفائدة رخيصة.. عملية إعادة التمويل طويل الأجل التي قام بها البنك المركزي للمرة الأولى في نهاية العام الماضي أكسبت الأسواق الأوروبية بعض الثقة وحالت دون مزيد من التخفيضات الأعمق لتصنيفات البنوك، وفي بعض الحالات كسبت البنوك وقتاً لمعالجة مشاكلها.. لكن بالنسبة للبنوك الأخرى الأدنى تصنيفاً فإن حبل الإنقاذ المتمثل في عملية إعادة التمويل طويل الأجل يؤخر انهيارها لا أكثر.. البنوك متوسطة الحجم، لا سيما في إيطاليا وإسبانيا بدأت مجدداً تجهيز الضمانات لعملية إعادة التمويل الثانية من البنك المركزي الأوروبي.
هامش:
1. الاتحاد الاقتصادي 1/3/2012.
2. الاتحاد الاقتصادي 2/3/2012
3. الاتحاد الاقتصادي 3/3/2012
4. الاتحاد الاقتصادي 4/3/2012.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد