;
د.علي الفقيه
د.علي الفقيه

الولايات المتحدة والأزمة المالية.. تأثيرها على النمو والاقتصاد!! 1860

2012-05-16 03:05:47


الولايات المتحدة تواجه قرارات صعبة فيما يتعلق باحتواء دينها، لأن الدين الأميركي يمثل عجزاً سنوياً في الموازنة يتجاوز "1" تريليون دولار، وهناك معركة بين فريقي الديمقراطيين والجمهوريين بشأن تمديد الخفض الضريبي الذي تم إقراره في عهد الرئيس بوش الابن والتي تنتهي آخر عام 2010م، والجمهوريين يريدون تمديده بالكامل، في حين يسعى الديمقراطيون إلى قصرها على العائلات التي يقل دخلها السنوي عن "250" ألف دولار.
نهاية العام المالي المنتهي في 30 سبتمبر 2010م انخفض عجز الميزانية الأميركية إلى "1.3" تريليون دولار، حيث يمثل العجز نسبة 8.9% في الناتج المحلي الإجمالي ويقل عن عجز ميزانية 2009م، بمقدار "122" مليار دولار وهو ثاني أكبر عجز في الميزانية الأميركية منذ الحرب العالمية.. الحكومة الأميركية أنفقت ما لا يقل عن "1.5" تريليون دولار منذ الأزمة المالية عام 2008م من أجل إنقاذ البنوك واثنتين من شركات السيارات ومحاولة تحفيز الاقتصاد، لكن التعافي يسير ببطء شديد ومواصلة الإنفاق على إعانات البطالة المعيقة للنمو في الاقتصاد الأميركي، ويعتقد أن الحكومة ما زالت تقترض "37" سنتاً في كل دولار تنفقه.. التوقعات أشارت إلى أن العجز سيؤدي إلى ارتفاع سعر الفائدة مع اضطرار الحكومة لتوفير عائد مغرٍ لجذب الاستثمار.
بعد اجتماع للرئيس أوباما مع مستشاريه الاقتصاديين بداية شهر أكتوبر 2010م بدا وكأن فرصة جديدة تتوفر لمراجعة سياسته الاقتصادية وإعادة إطلاقها، فلاشك أنه يحتاج إلى شيء جديد لإعادة الثقة إلى الأميركيين وإفساح المجال أمام أفكار مبتكرة تنتشل البلاد من الأزمة الاقتصادية التي تتخبط فيها، ومن الصعب التصدي لأزمة هيكلية ساهمت في اندلاعها مقصلة الديون المتراكمة منذ سنوات طويلة، حيث يبدو أن الأمر سوف يستغرق سنوات..
الأميركيون أصبحوا عاجزين عن الانتظار فيما مستوى معيشتهم يتراجع كل يوم، لاسيما فيما يتعلق بقطاعات مهمة على حياتهم اليومية مثل التعليم العالي ومشاكله والرعاية الصحية وصعوباتها أو المستوى التعليمي، مشاكل عدة تتخبط فيها الولايات المتحدة، مجمعات صناعية حساسة، حيث دفع المجمع الصناعي الطبي بتكلفة الرعاية الصحية في الولايات المتحدة لتصل إلى 17% من الناتج المحلي الإجمالي في حين أن الكلفة نفسها لا تتجاوز في البلدان المتقدمة التي تقدم خدمات صحية متميزة لمواطنيها 11%، فكل دولار ينفق على الرعاية الصحية ويهدر دون جدوى هو دولار يقتطع من دخل المواطنين.. وهناك محاولات لإفشال الإصلاحات في القطاع الصحي، فمثلاً التعليم العالي لسنوات عديدة ارتفعت فيه رسوم الجامعات لدرجة عجزت شرائح واسعة من الأميركيين عن متابعة دراساتهم الجامعية، ولو لم يستفد الطلبة في إعانات ومنح تقدمها جامعات خاصة أو الحكومات المحلية لما استطاع العديد منهم التخرج من الجامعة..
الراحل الاقتصادي/ منكور أولسون، حذر في كتابه "صعود وسقوط الأمم" مما تعانيه أميركا حالياً عندما أشار إلى سقوط الديمقراطيات المتقدمة ضحية لجماعات المصالح الاقتصادية التي تختطف الحكومة، وتخدم أهدافها الضيقة، والآنية ليسود انعدام الكفاءة ويتراجع النمو، هذا الواقع تلمسه بوضوح في الولايات المتحدة ويتجسد في عدم تطابق النتائج مع الجهد.
الأزمات الاقتصادية الطاحنة وفترات الركود القياسية لها القدرة على محو الصفحة الملطخة بالكامل والبدء من الصفر، لكنها عملية صعبة ليبقى السبيل الأمثل هو تشجيع المبادرة الحرة والابتكار وتسخير قدرة الرأسمالية على اجتراح الأجوبة وتقديم الأفضل بسعر أقل.
وفيما يتعلق بتراجع سعر الدولار اعتبر مفيداً للولايات المتحدة، إذ سمح بدعم النمو ويحفز في الوقت نفسه تضخماً مطلوباً في ظل اقتصاد يخشى انهياراً في الأسعار.. وحين تكون عملة بلد ما ضعيفة، فهذا يعتبر مكسباً للمصدرين، إذ يمنح منتجاتهم في الخارج أفضلية على منتجات الدول الأخرى على صعيد مقارنة الأسعار، وفي وقت تسجل ضعف في الطلب الداخلي الأميركي، يتوقع أن يستمر لفترة من الوقت، فإن التراجع المسجل مؤخراً في سعر الدولار يمكن أن يحرك انتعاشاً اقتصادياً ما زال ضعيفاً من خلال تشجع الصادرات غير أن تنافسية سعر صرف العملة الوطنية لديها انعكاس سلبي، إذ تسبب عادة بتضخم في البلد الذي يشهد تراجعاً في سعر عملته، إذ تزيد من كلفة المواد المستوردة.. إذ يعتبر مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي "البنك المركزي" أن التضخم الحالي ضعيف إلى حد يدعو إلى القلق وهم يسعون بكل الوسائل لتجنب انكماش معمم في الأسعار والرواتب، ما سيشكل في حال حصول كارثة يكون الخروج منها صعباً، أي أن التضخم الناتج عن انخفاض سعر الدولار يخفف الضغوط الانكماشية على المنتجين المحليين، والتراجع الحالي في سعر صرف الدولار مرتبط إلى حد بعيد بالسياسة النقدية التي يعتمدها الاحتياطي الفيدرالي، إذ يعلن بشكل واضح تصميمه على إبقاء معدلات فوائده القريبة الأجل بأدنى مستوياتها لفترة طويلة.. الإجراءات التي يدرسها الاحتياطي الفيدرالي تقضي بزيادة السيولة وتيسير القروض وفق ما يعرف بـ"التدابير غير التقليدية"، رئيس الفيدرالي اعتبر مستوى النمو الاقتصادي والتضخم منخفضاً إلى حد خطير، النتيجة غير المقصودة أو الضمنية ولو أنها مفيدة لضخ المزيد من السيولة ستكون في الإبقاء على الضغوط التي بدأت تظهر في تراجع سعر الدولار لفترة طويلة من الزمن.. إنه ونتيجة للأزمة المالية، فإن نسبة البطالة وصلت إلى 9.7%، والبطالة المرتفعة تثني المستهلكين عن الإنفاق، لأنها تنطوي على تجميد الأجور، يستند ركود الاقتصاد وتوسعه عادة إلى طائفة معقدة من المؤشرات الاقتصادية تشمل البطالة والناتج المحلي الإجمالي والدخل والإنتاج الصناعي ومبيعات الجملة والتجزئة وتجارة الصادرات.
يذكر أن الرئيس أوباما وقع في فبراير 2009م على خطة التحفيز الاقتصادي بتسخير "787" بليون دولار لهذا الغرض، وبالتالي أصبحت قانوناً نافذ المفعول يستهدف انتشال الاقتصاد وتحقيق الاستقرار في القطاع المالي، جاء ذلك في أعقاب خطة أقرها الرئيس جورج بوش الابن في أكتوبر 2008م وانطوت على تسخير مبلغ "700" بليون دولار لدعم القطاع المالي الأميركي في مواجهة ركود سرعان ما أصبح مستشرياً.
هامش:
1.   الحياة العدد "17330" 15/9/2010م.
2.   الاتحاد الاقتصادي 17/10/2010م.
3.   الاتحاد العدد "12877" 7/10/2010م.
4.   الحياة العدد "17365" 20/10/2010م.
5.   الاتحاد الاقتصادي 21/10/2010م.
6.   الاتحاد العدد "12983" 23/10/2010.
7.   الاتحاد الاقتصادي 25/10/2010م.
8.   الاتحاد الاقتصادي 26/10/2010م.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد