هي الحياة كما عهدناها أيام تمضي، ليال تسري، سنين تجري، يعيش فيها الجميع يضحكون يمرحون يبكون يحزنون يلعبون، هي فطرة الله في خلقه، فعندما خلق الله آدم ميزه عن جميع مخلوقاته، خلقه بيده، نفخ فيه من روحه، أسجد له ملائكته، ليس هذا فحسب إنما جعله مكرماً فقال (ولقد كرمنا بني آدم) سورة الإسراء.
والحكمة من هذا ليعلم الإنسان أنه كما خُلق مميزاً يجب أن يعيش متميزاً، فلو تركنا لأنفسنا لحظات نفكر ونفكر بما فيها وما بداخلها لوجدنا أنا ظلمنا أنفسنا حق الظلم وقتلناها حق القتل والظلم يقع، لكن الأخطر هو أن تظلم نفسك بنفسك، فتقتل طموحك وأنت لا تدري، وتنسى آمالك وأنت لا تعي، فكم وهب الله لنا قدرات وطاقات ومواهب لم نعطها حتى القليل من حقها، فما المانع ليعطي المرء نفسه حقها؟! فكفاها ظلماً وكفاها قهراً وكفاها استبداداً وكفاها إغفالاً.
فقد آن الأوان لنعيدها حقها والسبب أن تلك الطاقات رزقٌ يسوقها الله لك ومن الذكاء أن لا نضيعها، لأنك عندما تقتلها بهذا تقتل روحك لأنك ضيعت أغلى وأثمن ما تملك "فبقدر الطموح يضع الله القدرة والقوة فيك"، فإذا ارتضى المرء لنفسه أن يكون كبيراً، فسيهب الله له عزيمة الأبطال وقوة البواسل وستذل المصاعب من تلقاء نفسه.
والفارق بين هذا وذاك أنه فجر المخازن التي بداخله، فجعل منها أحلاماً تتجدد وطموحاًت تتحقق، فما أجمل الطموح عندما نجعله وقوداً لحياتنا وصدق أبو القاسم حين قال:
ومن يتهيب صعود الجبال × يعش أبد الدهر بين الحفر
اجعل طموحك وقوداً لحياتك، ولتكن أنت العود الذي يشعلها، ارسمه، لونه، أكتبه على المرآة كي يلقي عليك التحية صباح مساء، فمن الجميل أن نملك طوحاً وأحلاماً، لكن الأجمل أن نملك همماً لتحقيق تلك الأحلام، فالأحلام مقيدة بهمم أصحابها.. وجل الأشياء العظيمة – في هذا العالم – كانت يوماً ما مجرد أحلام في أذهان أصحابها.