;
محسن   فضل
محسن فضل

كيف تَمذهبنا؟ 1093

2013-09-22 16:44:58


مع أنني لا أُود أن أتحدث في هذا الجانب المذهبي الذي أرى أن الخوض فيه لا يأتٍ لنا بأي فائدة قط.. كذلك إن التعمق في هذا الجانب يذهب بالإنسان إلى التفحص في الفوارق والاختلافات بين المجتمعات, مما قد يسهم ذلك في زعزعة أمن المجتمع واستقراره، بمعنى أن تركيزنا على الفوارق والاختلافات يجعلنا نمزق النسيج الاجتماعي الواحد..
إلا أن ما شدني للحديث عن هذا الجانب هو ما شاهدته أثناء زيارتي ولأول مرة للجامع الكبير بصنعاء القديمة الجمعة الماضية من جوٍ إيمانيٍ خالص يشرح خاطر كل إنسان ويخلق فيه متعة الذوق الإيماني الرفيع.. زيارتي للجامع الكبير كان لها عندي هدفان أساسيان؛ الهدف الأول: التعرف على معلم تاريخي حضاري يمني قديماً حيث وأن الكثير من كتب التاريخ تؤكد أن الجامع الكبير هو أول مسجداً بني في اليمن على يد الصحابي الجليل وبر بن يحنس الأنصاري..
أما الهدف الثاني: فكان من أجل أن أشاهد أهم ما يتميز به رواد هذا المسجد والقائمين عليه وكان كلا الهدفين هامين بالنسبة لي؛ سيما وأن الجامع الكبير ما زال تحت تصرف شخصيات دينية هم من عمق المذهب الزيدي في اليمن.
حقيقة الأمر لو قلت إن هناك اختلافاً فعلياً ما بين المذهب الزيدي والمذهب الشافعي في بلدنا لكنت كذاباً.. شخصياً لا أرى في أي اختلاف شكلي اختلافاً فعلياً لأن الاختلاف الشكلي ربما يزول ويتبدل مع الأيام؛ فكثير هم اليوم من أتباع المذهب الزيدي الذين يضمون ويؤمنون, كما يضم ويؤمن أتباع المذهب الشافعي وهناك من أتباع المذهب الزيدي من لا يزالون يسربلون أيديهم أثناء الصلاة ولا يؤمنون ومثل هذا يؤكد أن الاختلاف ما بين المذهبين: الزيدي والشافعي هو اختلاف شكلي وليس اختلافاً فعلياً ممتداً، ونتيجة لمثل هذا الاختلاف الشكلي الغير مؤثر نجد أن اليمنيين يؤدون صلواتهم إلى جنب بعضهم ويتزاوجون فيما بينهم ويسكنون إلى جوار بعضهم. على كل حال ما شاهدته في الجامع الكبير بصنعاء لا يختلف كثيراً عما شاهدته بمساجد الضالع وعدن وكذلك في مساجد الحديدة و تعز، وأنا أعتب على من يرى أن الفرق ما بين المذهبين هو بفرق واسع ، إن ما يحز في القلب هو ما نراه اليوم من تعدد للمذاهب في بلدنا وهي مذاهب لم نكن نسمع عنها سابقاً..
مع أن تاريخ اليمن يؤكد أن من يسكن اليمن هم من أتباع المذهب الزيدي والشافعي كمذهبين أساسيين إضافة إلى وجود أقلية إسماعيلية وجعفرية تنحصر في بعض مناطق اليمن وهذا شيء يجب أن لا ننكره فمثل هؤلاء هم في الأخير يمنيين ومن حقهم أن يمارسوا معتقداتهم كما يشاءون وحتى نثبت للعالم أن اليمن مهما كان فيها من اختلاف سياسي - حزبي- إلا أنه ليس من الممكن أن يكون في اليمن اختلافاً مذهبياً.. فما الذي يجري اليوم؟ وهل هناك مبرر للمذهبية اللا معقولة؟, أم أن تاريخ اليمن بدأ يصنع نفسه اليوم بشكل جديد؟.
لا أخفي على أحد أنني لا أكن حقداً لجماعة الحوثي على الإطلاق؛ بقدر ما تثير هذه الجماعة استغرابي أي اتجاه هي تسلكه!, فإذا كانت جماعة الحوثي تمثل حالياً حكام اليمن سابقاً- آل حميد الدين, فإن آل حميد الدين هم أنفسهم من أئمة المذهب الزيدي الذي تتبعه تلك الكوكبة التي رأيتها في الصف الأول بالجامع الكبير، وإن كان ذلك صحيحاً, أي أن جماعة الحوثي تمثل آل حميد الدين, فهذا لا يعد شرطاً لتأجيج الصراع المذهبي في اليمن سواءً كان مصدر تأجيج الصراع هم جماعة الحوثي أو غيرها من الجماعات، ومن الأفضل للجميع أن يسلكوا النهج السياسي الديمقراطي الذي لا صراع فيه ولا سفك للدماء أو إزهاق للأرواح؛ مع حق أي جماعة أو حزب أو أي فرد في اليمن أن يدعي أن اليمن بلده وأرضه.
أخيراً.. أتمنى من ممثلي المذهب الزيدي في اليمن بمختلف شواربهم( الدينية، والسياسية، والفكرية) أن يسعوا إلى التصالح فيما بينهم وأن يحافظوا على مذهبهم الديني والوطني المتميز؛ حتى يؤكدوا لجميع أبناء الشعب اليمني والأمة العربية أن ما تُحدث به كتب التاريخ على أن شمال اليمن يكتنفه المذهب الزيدي المعروف عنه هو صحيح ولا شيء غير ذلك.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

عدنان العديني

2024-05-20 00:34:14

ماذا يريد الحوثي؟

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد