;
عبد الوهاب البنا
عبد الوهاب البنا

التحدي القادم 1076

2014-06-07 19:10:23


من يدرك واقعنا كمجتمع عربي يوشك على فهمه من خلال ما يدور في شبكات التواصل الاجتماعي؛ فهو فرصة الحديث لمن ليس له لسان ومتنفس للمواهب وخصوصاً الشابة منها في الشعر والقصة والرسم والمقال إلخ.. إلا أننا لم نعطيها حقها وانطلقنا وراء من نبحث عن مجاملتهم لتنحصر كل التعليقات و"اللايكات" عليهم ليكون الأهم فالمهم بعدها انجرارنا وراء تلك الهواجس التي طالما شغلت تفكير المراهق لتجرنا في سربه أيضاً على الرغم من اختلاف أعمارنا وظهور الشعر الأبيض..

 مع ذلك مازال يشغل تفكيرنا الحب بمضمونه السطحي الذي يسرق الوقت بلا جدوى وقد نلحظ هذا من خلال شبكات التواصل الاجتماعي وتلك الأطروحات التي طالما تنشر والتي ليس لها من غاية غير الحديث عنه ليكون فضائها فإن كان لنا مآذن في المساجد ودور العبادات تقول حي على الصلاة في أوقاتها قالت مأذنة الفيس بوك حي على الحب في كل الأوقات وليت ما يسطرونه حباً, فلو بحثت عمن يكرسون جهدهم لنشر الأحاديث التي من شانها تأجيج المشاعر ومحاولة الانخراط في فرق الحب هذه لوجدتهم في أسوأ حال فهم أفقر الناس إلى الحب الحقيقي في الوقت الذي يظنهم الغير ممن يتابع منشوراتهم أنهم في أطيب عيش وأهنأ حال, إلا أنهم يقومون بإلهاء الناس وإبعادها عن قضايا الأمة وجعلها تدور في نطاق ضيق كالجمل الذي يدور في المعصرة بعينين مقفلتين, فهل آن لنا أن نستفيق من هذا السبات العميق؟..

 دعوة ربما اتبعها من أحسن الغوص في هذا الجانب المقلل لقيمة الرجولة من خلال الهوى في التعرف على النساء ورمي الحبال الكاذبة والتي من شانها اصطياد المشاعر والهوى في الحب الذي ليس له هدف غير التباهي بقدراتنا على جذب النساء فان قالت امرأة في شبكات التواصل الاجتماعي مساء الخير أدركها المئات بالرد مساء النور فإن شاءت أن تختبر قدر جمالها وأنزلت صورتها حينها (يا جناه) انقلب الفيس بوك في الوقت الذي لا نعير اهتماماً للمواهب الحقيقية والعقليات المفكرة التي تتحدث عن أهم الجوانب التي تهم الأمة؟ لكن للأسف لمن تتحدث ونحن في هذه العتمة ليس لنا هم إلا كيف نقضي أوقاتنا ومع من نلهو دونما شعور بانتمائنا إلى هذه الأمة التي قادة الأمم يوماً فأصبح حالها لهذه الأسباب ولغيرها بهذه الهزاله؟ ليست أكثر من لعبة شطرنج يحركها الغرب حيثما شاءوا و في الوقت الذي يريد .

فان وجدنا من يهتم بمقدرات هذه الأمة ممن لهم صلة بشبكات التواصل الاجتماعي أو غيرها أدركنا قلتهم التي لا تعد رقماً ؟ ربما كان هذا جزءاً من الثقافة والتربية الإعلامية التي تجرعناها خلال عقود من السنوات؛ أهمها الخمسين العام الماضية ولعل ما عايشناه من الأفلام والمسلسلات لاسيما المصرية والسورية منها فأصبحنا مجتمعاً بمقدورنا أن نطلق عليه مجتمع تربية أفلام ومسلسلات ليس لنا هم غير البحث وراء التسلية والحب والتفكير فيما سيقوم به البطل أو البطلة وان كان لكل بلد عربي حيز من المسلسلات المحلية إلا إنها تحذوا  على شاكلة من سبقتها وتسلط جل اهتمامها على الجانب العاطفي وليته قادنا إلى نتيجة نستفيد منها غير ذلك الضعف والوهن الذي شمل مناحي التفكير فجعلنا لا ندرك النظر إلا بقدر ما تمتد إليه أقدامنا يليه إحساس طغى عليه حب الذات.

 وهذا يعني أن العقل العربي مازال مغيباً ومنفصلاً عن واقعه السياسي وان تكوين مصيره ما يزال تحت سيطرة قلة من أصحاب المصالح ممن ساعدتهم التكنولوجيا الحديثة وما تمثله من طفرة في تعدد القنوات التي من شأنها تسليط الأضواء بحسب الحاجة والفائدة لثقافة عربية ظل مصدرها الوحيد قائماً على ما تشاهده في هذه الشاشات وانعكاساتها وما تحمله من سلبية تتضمن رعاية ومصالح أشخاص بعينهم؛ لذا وجدنا من يتحدث في الشريط الذي تم تسريبه للسيسى في احد الاجتماعات التي بثته الجزيرة إن الإعلام المصري يتركز في أيدي خمسة وعشرين جهة بالإمكان السيطرة عليها- حسب قول المتحدث- وهذا يعني أننا كشعوب عربية ننقاد من خلال الإعلام وعلى وجه الخصوص المرئي وان وجد من يفكر من هذا الجيل لاسيما بعض الشباب الذي بدأت تتضح له بعض الحقائق من الإعلام المغلوط الذي استأثر الكذب وتظليل الحقائق وتزييف الانتخابات حتى احدث هذا الاستنفار الذي ولد ثورات الربيع العربي وان كانت أسبابها ما عجز إعلام الحكومات عن تزييفه. وهي حاجة هؤلاء الشباب لفرص عمل حتى وان كانت غير مناسبة لما درسوه وتعلموه المهم أن تهيئ استقرار معيشي ولو بأقل الإمكانيات, والدليل أن ثورات الربيع العربي قامت في دول عانت الفقر والظلم في آن واحد ولم تقم في دول غنية مثل دول الخليج على الرغم أنها تحكم بميزان القوة والاستبداد وان كان نسبة ما تنفقه على شعوبها مقارنة بما يصرفه الحكام والأمراء لا يتعدى10% في الوقت الذي يصرفه اقل أمير في لندن في ليلة واحدة أكثر ما تصرفه مدينة غزه في أسبوع فمن يتتبع أخبار الأمراء الخليجيين يدرك حقيقة ما يقال عنهم؛ فأمير واحد يكفي ليوقف انتباه مدينة كمدينة لندن حال وصوله إلى هناك نتيجة ما قد ينفقه في" باراتها" وأماكن التنزه فيها ففي معظم الأحيان يتم حجز مدينة ملاهي بكاملها أو "بار" بكامله من اجل هذا الضيف الاستثنائي للاستئناس بفرق العروض الذي تقدم له وحده.

لذا نجد أكثر من يحارب نجاح دول الربيع العربي أو الأحزاب الإسلامية هي مثل هذه الدول اعتقادا منها ان هذه الأحزاب تتشابه في توجهاتها وأهدافها وعليه فإن مصيرها للتوحد في إطار دولة إسلامية وان كان هذا وارد في حال سيطرة الأحزاب الإسلامية على مضامين الحكم في حال أراد الله لنا الخير وهذا لا يدعو للقلق بقدر ما يدعو للفخر والاعتزاز لأنها ستعيد للمسلمين ملامح العزة والكرامة وهم في أي بلد ويفتخر المسلم بانتسابه للإسلام مثلما يفتخر الأمريكان الآن بجنسياتهم الأمريكية لذا نجد سعي هذه الدول الدؤوب في تقليص حجم هذه الأحزاب من خلال دعمها للأحزاب المنافسة لها كالعلمانية واللبرالية وان كان الوجه الحقيقي لكل هذه الأحزاب مسلم ومعظم من ينتمون لتلك الأحزاب يصلون وحاجتهم إلى توحيد النفوس أكثر من حاجتهم إلى توحيد الأفكار وأحزاب اللقاء المشترك في اليمن خير دليل على ذلك مع ذلك يضل الصراع قائم كسنه من سنن الحياة وان كان عامل الخوف من الأحزاب الدينية مقصور على فئات تخشى أن يصل الحق إلى ذروة نصابه لعلمها إنها لا تستحق المكانة التي تتبوأها كونها تتسلق ولا تنتمي وهذا هو وجه الفرق بين الأحزاب الإسلامية عن منافسيها على الرغم إنني لا أحبذ الانتماء لحزب بقد ما أحبذ أن يكون التفافنا لقائد نجد فيه الأمانة والإخلاص لهذا الدين أما الأحزاب الإسلامية فإنها ستظل محاربة حتى وان نجحت في بلدانها كما هو الحال في تركيا إما بتعاون من الدول الغربية المعادية للإسلام لقوله تعالى" لن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم".

أو بعض الدول العربية التي أصبح الشارع العربي يدرك وجودها كطرف في هذا الصراع فالأمر لم يعد قيد التكهن فما ترصده هذه الدول لنجاح السيسي الذي ترشح للانتخابات لم يعد يخفي على احد،وان كان السبب الذي يدفعها على محاربة الأحزاب الإسلامية فهمها أن هذه الأحزاب لو وصلت فان مكوثها على الحكم لا يستغرق الوقت الكثير وان هذه المليارات التي يتم بعثرتها من حق الدولة الإسلامية الموحدة التي تسير على نهج الديمقراطيات التي شرع في تأسيسها الغرب برضى وقناعة الجميع حسب ما هي عليه الديمقراطيات في كافة أنحاء العالم وان كان هذا يعني أيضاً إن منطق القوه التي حكمة عليه معظم الدول العربية لم يعد له ارض يقف عليها في الأيام القادمة وان محاولة استرجاعه ليس إلا كمن يحاول صب الزيت على النار وقد شاهدنا ذلك في اتساع ثورات الربيع العربي بسبب محاولة قمعها لان عصا سيدنا لم تعد مجدية والتلويح بها ليس إلا حماقة كون التعليم والفهم قد طرق الأبواب المقفلة وان مازلنا في حاجة إلى من يرعى هذا الشأن إلا أن البوصلة قد تحركت وان القادم خلال السنوات القادمة يصب في صالح الدولة الإسلامية الموحدة ولنا أن نضع علامة استفهام وان مازالت الأحزاب الإسلامية تخفي ملامحها الحقيقية وصفاتها المميزة والتي من المفترض أن تتسم بها كالسماحة والأخلاق العالية التي تربى عليها الصحابة فكانوا خير خلف لخير سلف. فقد أمكنهم نشر الإسلام بموجب ما كانوا يتحلون به من أخلاق مكنهم نشر هذا الدين الذي أصبح اليوم مثار خوف وقلق من لا يعرفونه بسبب الإعلام العالمي الذي ظل يظهرهم على أنهم بدو متخلفون إلى جانب الإعلام العربي الذي كرس جهده من خلال الأفلام و المسلسلات المصرية في تشويه صورة الإخوان كأفراد وكحزب وهو لا يعي انه يشوه الإسلام بصفة عامة للعالم كله الوقت الذي حاول تشويه هذه الجماعة في نفوسنا كعرب وإظهاره مظهر المتطرف حتى جاءت ثورة 25 يناير وما عكسه نجاح هذا الحزب في الانتخابات ادركنا بعدها أن فهمنا عنه كان مغلوط بسبب البعد وان كان لي بعض التحفظ على بعض قنواته الإعلامية الذي أثار بعضها الجدل ليكون بنفس الوحشية التي يقوم بها الإعلام المناهض له فليتها ناهضت الوحشية بالسماحة لكنها بادرت بالظهور مظهر المنتصر المتحدي في الوقت الذي مازال الناس مقسومين في تجربه مازالت حديثه الوقت الذي كان عليهم التحلي بجل أخلاق المسلم لان النظرة تهتز عند الناس من خلال أفراد الحزب الذين مازالوا يجهلون فهم التعامل مع الآخر بسبب قصور في همهم ؟ كون الدين يعني المعاملة ولهم أن يحتذوا بالسلف، فالفتوحات التي تمت لم تفرض على الناس الدخول في الإسلام بقدر ما فرضها أخلاقهم فما بالنا لو كان هائلا الناس يعيشون بينهم مثل الأقباط وغيرهم من ضعفاء الإيمان وهذا يعني أن جانب أخلاق المسلم غير مكتمل نتيجة الأمية المتفشية والغيرة الغبية عند من ينتسبون إلى هذه الأحزاب ولم يحالفهم الحظ بقدر من  التعليم ولعل هذا الأمر أهم جوانب القصور الذي يسيء لهذه الأحزاب فقد حدثني احد الأشخاص وأنا اسأله لماذا تكرهون حكم الإخوان - هو مسيحي طبعا وجلنار متقاعد في الجيش المصري؟- أجابني حينها: أنا عمري تسعة وستون سنة ولم أسمع في حياتي من دعانا بالكفار إلا في هذه الفترة ،وان كانت هذه العبارات لا تخرج إلا ممن يجهلون فهم الدين وإلا فالمسيحيون يدعون أهل كتاب إلى جانب أنهم ذميون ومن حقهم العيش والمواطنة والاحتفاظ بكافة حرياتهم.

 ولنا أن نعلم أن الله عندما أمر سيدنا موسى بالذهاب إلى فرعون وهو يدعي الألوهية؛ أمره أن يقول له" قولاً ليِّنا" وما اقصده أن بعض العناصر تدخل في التيارات الإسلامية وهي لا تمتلك الحس الذي من المفترض أن يتحلى به المسلم..

في الوقت الذي يعتقد الناس أنهم من المفترض أن يتحلوا بما يتحلى به علماء الدين والوعاظ سواء في سلوكهم أو أفعالهم متناسيين أنهم أناس عاديون.. ثمة فرق بينهم وبين المستوعبين للدين ومن هذا المنطلق جاء الفهم المغلوط فالذي على خطأ لا يسئ إلى نفسه بقدر ما يسئ إلى دينه وكذا حزبه لأن الإسلام عرف باللين وليس بالغضاضة والتبجح فإذا كان الله يأمره وهو نبي فيقول له" وجادلهم بالتي هي أحسن" ولم يقل له أطلق صيحتك وقل الله الكبر الموت لأمريكا الموت لإسرائيل وما أعنيه أن الفضاضة لا تعني للمسلم سواء كان الناطق باسم حزب أو جماعة إلا الخسران وهذا ليس من عندي؛ فالله يقول لرسوله صلى الله عليه وسلم" ولو كنت فضاً غليظ القلب لانفضوا من حولك" ما أعنيه أن هذا القول يقال لخاتم النبيين وسيد المرسلين فما بالنا بإنسان جاهل لا يعرف عن الإسلام إلا ما تيسر..

 فكان من حق الناس أن يسيئوا الفهم إلى هذه الأحزاب ما جعلها تتعثر رغم هذا فهي المؤهل الوحيد من بين كل الأحزاب لقيادة المرحلة القادمة لو أنها تنبهت إلى معالجة أخطائها سالفة الذكر لتفادي شعبيتها من هذا المنطلق, أما إدارياً فستتجه بنفس الوتيرة التي أدت إلى نجاح الحزب الإسلامي في تركيا لتكون التحدي القادم.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

محمد عيضة شبيبة

2024-04-27 03:04:29

إلا الزنداني!!

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد