بعد أزمات مالية واقتصادية كان آخرها أزمة عام2008م التي ضربت أوروبا والولايات المتحدة.. يبدو أن قسماً كبيراً في أوروبا عازم على تقليص عجز الموازنات العامة عن طريق إلغاء قسم كبير من النفقات، لكن يفترض دراسة مترتبات الإجراءات هذه على معيشة الناس اليومية وعلى الواردات العامة المتخلفة عن النمو الاقتصادي، وما يبدو غير متوافر لا يقتصر على الخطة السياسية الطموحة ويتعداها إلى تفكير اقتصادي عميق وجامع في إثر استراتيجية اقتطاع العجز من غير تبصر ولا اعتدال ولا ريب أن قضايا التضحية تحمل على النشوة.
اليوم يغري التقشف أسياد المال فينساقون إليه, غافلين عن الغشاوة التي تحول بينهم وبين النظر البعيد إلى ما آلت إليه الأمور ونتائجها.
لقد كان هناك قلق كبير نتيجة اقتناع البلدان عن انتهاج سياسة نقدية حرة ومناسبة ومن البت في سعر صرف العملة الوطنية على ما كانت تفعل حين تشكو ضائقة عابرة لطالما أنقذها في فرض باهظ على المواطنين لقاء استقرار الأسواق المالية، يمكن التخلي عن الاستقلال النقدي، ولكن شرط موازنة التخلي باندماج سياسي ومالي على مثال الولايات المتحدة.
وفكرة أوروبا متحدة فكرة كبيرة لم تلبث أن تردت مكانتها إلى مرتبة ثانوية مع تقديم برنامج اندماج مالي غير متماسك على السياسة الديموقراطية واحتياجاتها، ولا يستهان بنتائج النظر في منطقة اليورو من جديد.
وبالمشكلات العسيرة المترتبة عليه، ولكن مناقشة هذه المشكلات ليست مستحيلة، وعلى أوروبا التصدي لها من غير قيد واحتساب الظروف الفعلية وملابسات كل بلد على حدة.
إن أوروبا ليست ملزمة بالانقياد لرياح مالية تهب من جهة فكر اقتصادي ضيق الأفق تعتو ثغرات كثيرة وخطيرة وترفع رايته وكالات [وكالات التصنيف المالي] لا تستقوي إلا بتوقعات وتشخيصات رديئة وضريرة، وأوروبا أحوج ما تكون إلى الحيلولة دون تهميش التقليد الديموقراطي الأوروبي.
هــــامش:
الحياة العدد [17631] 13/7/2011م
د.علي الفقيه
صعوبات تواجه العُملة الأوروبية أهمها عدم الاندماج السياسي والاقتصادي 1115