كروان عبد الهادي الشرجبي
معارك مع النفس
في داخل كل واحد منا هناك معركة تبدأ كل صباح، ولا تضع أو زارها إلا عند ما نضع رؤوسنا..
هذه المعركة قد تكون كبيرة لدرجة تحتاج معها إلى قوات تدخل سريعة لنزع فتيل الحرب بيننا وبين أنفسنا.
فنلجأ إلى أقرب صديق أو أبعد صديق.. ليس مهماً من يكون أو من تكون المهم أن نجد من يعيننا على أنفسنا فأصعب معركة يدخلها الإنسان هي معركته ضد نفسه والحرب ضد رغباته وضد أخطائه.
فأنت إذا أردت أن تنتقم من إنسان لا تدخل معه في معركة بل انقل المعركة إلى داخله لأنه لا يوجد من ينتصر على ذاته إلا إنسان خصم لذاته ولا يوجد هذه الأيام من يقف نداً لذاته. فعندما ندخل معركة قد تكون أهدافنا نبيله لأننا نريد أن نكسر الباطل وننتصر للحق، وقد تكون أهدافنا غير نبيلة عندما نحاول أن ننتصر لأنفسنا بغض النظر عن الحق والباطل، فيكون انتصارنا في الواقع هزيمة لنا أكثر من كونه انتصاراً!
لذا نجد أنفسنا في صراع مرير مع ما نؤمن به من قيم ومع ما نريده من مصالح..
فنحن كلنا أصحاب مبادئ عند ما نتكلم، كلنا أصحاب مصالح عند ما نعمل، وبين هذه وتلك تكون أساس معاركنا.
كل يوم .. وكل ساعة.. ننتصر في بعضها وننكسر في بعضها، أحيانا تكون انتصاراتنا هزائم وهزائمنا انتصارات على أنفسنا على الأقل!!
لتبدأ في الغد معركة جديدة تبدأ كل صباح ولا تضع أوزارها إلامع صباح يوم آخر.
"السقوط"
بعض أنواع السقوط لا يعادله مرارة سوى مرارة الموت.
فالبعض يسقط من العين والبعض يسقط من القلب والبعض يسقط من الذاكرة.
وليس بالضرورة أن الذي يسقط من عينك يسقط من قلبك وأن الذي يسقط من قلبك يسقط من ذاكرتك فلكل سقوط أسبابه التي قد لا تتأثر أو تؤثر في النوع الآخر من السقوط فالبعض يسقط من قلبك ولكنه يظل محتفظاً بمساحته النقية في عينيك فيتحول إحساسك بحبه إلى إحساس ملئ بالاحترام، فتعامله بتقدير لأنه استطاع أن يحتفظ بصورته النقية في عينيك برغم من امتساح صورته من قلبك، وهذا النوع من البشر يجعلك تردد بينك وبين نفسك كلما تذكرته، شكراً.
أما المعاناة الكبرى فهي حين يسقط من عينيك إنسان ما ولكنه لا يسقط من قلبك، فتبقى أنت وحدك الضحية، لأحاسيس مزعجه تحبه .... لكنك بينك وبين نفسك تحتقره أكثر من حبك له.
أما الذي يسقط من الذاكرة فلا يبقى في القلب ولا يبقى في العين.