سراجي الدين اليماني
هذه الأحداث العظام الجسام وهذه الإرهاصات المبشرة بنصر تمام وهذه الفتن التي تنزل على أمتنا كالقطر من السماء، احداث تحدث وإرهاصات تكون، وفتن تعصف، هذه كلها أليست كفيلة بأن تعي أمتنا أنها بلغت الذروة من الذلة والهوان والغوص في بحور العمالة؟ أليست كفيلة بأن يعي قومي أننا بعد هذا سنكون على وشك الدخول في عصر القوة والمنعة والعزة والتمكين والمجد والعلوا للمسلمين؟ وفي هذا الوقت بالذات لا ينبغي التخاذل والتكاسل ولا التهارش ولا التحارش ولا التفارق ولا الشتات ولنكن أمة واحدة على من سوانا ونكون صفاً واحداً على أعدائنا ونكون صوتاً واحداً يسمع دويه العالم أجمع. لا لزمن الهيمنة والغطرسة من قبل الصليبيين أعداء الوحدة والسلام والأمن والأمان أعداء الأمتين الإسلامية والعربية أعداء السامية أنصار الكفر والشرك والإلحاد والزندقة، أنصار التفرقة والتمزق والتكودن والتعصب والتمذهب، أنصار الكذب والخيانة وضياع الرجولة والفساد، أنصار الهيمنة والغطرسة والتعالي. هذه الأحداث والإرهاصات والفتن التي تطل على أمتنا برأسها من كل حدب وصوب أليست كافية بأن تعي أمتنا أمة المليار والنصف أن تفيق من سباتها العميق التي كانت مدته قرون ونحن نعيش في بحور الذلة والمسكنة ونزع المهابة منا وتلبس بها عدونا ردحاً من الزمن؟ هذه كلها أليست كفيلة بأن نخلع ربقة اللوم للآخر ونتكاتف ونجعل اليد مع اليد ونخلع ثوب التواكل الذي جعل أمتنا في تواكل وتآكل ومن جميع قواها وأركانها تتناصل والعامل لا ينتظر إلى العاطل وصاحب الحق يتهم بأنه هو صاحب الباطل، وصاحب الدين ينظر إليه وكأنه هو العدو الذي يجب أن يحارب من قبل الصغير قبل الكبير والكسير قبل العوير ويهدرون عليه بألسنتهم هدير؟! فماذا بعد يا أمتي ألم يحن الوقت لكي نتنصل من زمن الدعة وندعوا لزمن الرجعة إلى الحق لنتنصل من زمن الانكسارة لطالما طال بنا من أجله الانتظار وجعل عقول مفكرينا وعلمائنا تحار وغاصوا في أعماق البحار من أجل ان يخرجوا لنا رجالاً أوفياء أقوياء أوصياء لهذه الأمة المتخاذلة المتكاسلة المأزومة التي سيطر عليها العدو من على كرسيه ولم يكلف نفسه في أغلب الأحيان لحشد الجيوش العرمرمية العابرة للقارات والتي تقطع المسافات، وتجوب القيافي والقفار عبر تاريخ الحروب التي نقرأها ونتعلمها وإن كان في توثيقها بعض الفظاظة في العبارات وبعض الأحداث التي لم تحدث أصلاً ولا حدثت؟! فهذه القوى المتسلطة وجدت شعوباً عربية إسلامية ضعيفة هشة المبنى والمعنى مما على خيرات بلادها وشتات أبنائها جنى، والعدو بذلك الضعف والهشاشة في أشعاره تغنى وجعله شعاره من أجل السيطرة على أمتنا وجعلنا نضرب بعضنا البعض حتى نجح في تكبيل هذه الشعوب بالحروب فيما بينها وجعلها تنقاد له بسهولة وبساطة فهل من قائل: ها أنا ذا وليس كان أبي، وهل من قائل: أبي الإسلام لا أب لي سواه.. إذا افتخروا بإمريكا وأوروبا، وهل من قائل: تسقط كل المظاهر الرعناء الجوفاء الخرقاء الكسراء البتراء، وهل من قائل: يا إسلامنا ويا وطننا ويا أمتنا كلنا لكم فداء ما ناح طير في السماء وبرز نجم في ضياء.. هل من قائل: يا قومنا أجيبوا نداء الحق والفطرة حتى تعودوا إلى رشدكم ويختم لكم به خاتمة حسنة ترضون بها بعد دفنكم في لحودكم؟!
وهل من قائل يقول: لماذا نحن متخاذلون متفارقون مع أن الله نكل بعدونا وأبان لنا أنهم ليسوا بهذه الصفة التي هم عليها اليوم من صور الاجتماع في زمن الضياع، وأنهم متفرقون مشتتون ضعفاء في المواجهة وعند اشتداد السجال في الميادين والسهول والجبال ولا يقاتلون إلا من وراء جدر والتي بنيت بحديد العرب وأسمنت أم الدنيا ومهبط الأنبياء، وهؤلاء وبهذه الصفات أيخشى منهم لو نفضنا غبار الخوف والذلة وغسلناه بماء الحق وصابون المهابة لخاف عدونا وشرد ولجأ إلى أوكار يختبئ فيها وتكون ملاذه الآمن لفترة من الزمن ثم يقع بقضه وقضيضه بجيشه وسلاحه وعتاده وحديده في قبضة الميامين وأبناء الكرماء الأكرمين والمكرمين.. فمن لهذا الأمر يا قومنا ينصب نفسه وندعوا له ونتبعه ونشد من أزره ولا نحاربه ونخذله ونجعله لقمة سائغة وطرية لخصمه اللدود من الصليبيين واليهود؟ أما آن لأحدنا أن يقول هأنذا؟!