فارس محمد الصليحي *
إن العدو المشترك للأمة العربية والإسلامية لم ينجح في تحقيق أهدافه ومد نفوذه في الماضي المرير من خلال الاحتلال العسكري للشعوب ومنها القطر الجنوبي لليمن لأكثر من قرن ولكنه رجع للحيلولة دون ذلك والبحث عن نقاط الضعف في جسد هذه الأمة إلى أن توصل إلى أن الاحتلال الفكري والمذهبي والعقائدي والسياسي هو محل نقطة الضعف عند هذه الأمة مهما كانت كثرتها ومهما بلغت قوتها.
واستطاعت المخابرات البريطانية في الماضي والصهيو/أمريكية في اللاحق أن يدفعهما بمخبريهما إلى العالم العربي والإسلامي لإجراء دراسة متكاملة لتحقيق الأهداف وكان مستر هنفر أحد كبار المخبرين والذي وصل للخليج العربي متقمصاً بالإسلام يتحدث العربية ويحفظ القرآن وغيرهما من العلوم الأخرى. . . الخ.
وإلى جانب سياسة الاحتلال (فرق تسد) وضع العدو سلاحاً ذو حدين بدئاً بصناعة الأحزاب السياسية تحت مضلة الديمقراطية وانتهاءً باختراق الجماعات الدينية والتنظيمية وخلق الصراعات والغلو والتطرف إلا أن العدو أدرك أن الأحزاب السياسية والتعددية الديمقراطية لم توصلهم إلى نواياهم ومآربهم مثلما وصلوا عبر ما يسمى بالإرهاب والغلو والتطرف فلجؤوا إلى إشعال الطائفية والعنصرية والمذهبية وأنفقوا ولا يزالون مليارات الدولارات على ذلك واخترقوا الفئات والجماعات الدينية ولأنه ليس الدين هو الجامع الوحيد لتلك الطبقات فقد كان التأثير السريع مجدياً.
ومنذ عشرات السنين وهم يعملون على تربية هذه الأجيال وتدعمها جمعيات خيرية ورجال خير في العالم وفعلاً وصل تأثير تلك الأفكار الظلامية إلى مختلف الأقطار العربية والإسلامية وتحولت هذه التيارات من عامل إصلاح إلى معول هدم ومن نصح وتذكير إلى خراب وتدمير إلا من رحم الله.
إنها حيرة وبلابل وقلاقل ومشاكل يصبح ويمسي الحليم فيها ومنها حائراً بل وأضحت هذه الأمة تبكي علىنفسها من نفسها منذ أن أفرزت هذه العناصر الظلامية التي وجدت لتنوب عن الفاعل الذي يعبث بالمقدسات ويرتكب المحرمات ويستبيح الماجدات الشريفات في فلسطين والعراق وأفغانستان وأصبحت هذه الفئات المتطرفة الدخيلة على المجتمع خنجراً مسموماً لطعن الإسلام باسم الإسلام وهو منهم بريء كبراءة الذئب من دم يوسف عليه السلام.
ورغم تغير العالم وتطوره في الصناعات وسباق الحضارات وتكنولوجيا المعلومات ورغم التطور والتقدم العلمي والثقافي والفكري والسياسي إلا أن كل هذه المتغيرات لم ولن تؤثر في تلك الأفكار الهدامة التي يأبى أصحابها أن يعيشوا بسلام أو أن يتقدموا نحو الأمام وترك كل ماضٍ مرير والتأمل في المستقبل وتحديد الرؤى والمصير.
وساعدهم على الإصرار وحب الشر والإضرار بالأمة انشغال الزعماء والحكام بالمناصب والعروش وجمع الدراهم والقروش مما أدى إلى وقوع الشعوب في مستنقع الإرهاب وإصابة اقتصادها بالإعطاب أمة كثيرة عيشتها مريرة ويدها على العدو قصيرة وعمياء البصيرة واختلط الحابل بالنابل وأصبح بعض ضعفاء الإيمان يخلطون بين الخير والشر وبين الحسن والقبيح كون هذه التيارات الضالة تعمل تحت ذريعة محاربة العملاء الموالين لليهود والنصارى وهم في الحقيقة ربيبة الصهيوأمريكية يلعنون أمريكا وإسرائيل وهي شفرة وكلمة سر بينهم.
* الباحث في شؤون الإرهاب ومسؤول التوجيه بوزارة الأوقاف والإرشاد