محمد حسن العدوفي
يا رفيقي دُرْ فإنَّ الدهر دائرْ
وزمان الصدق خانته الضمائرْ
أْكرم الأنذال فيه عجباً
وذرى المجد لأَرباب المظاهرْ
كن لئيماً خائناً أو ما تشاء
عندها تحظى بتسطير الدفاترْ
لا تلمني إنني المحزون في
أمةٍ أودى بها وَحْلُ الخسائرْ
أمة ضاعت فلم يبقَ لها
علمُُُ في المجد إلاّ في المآثرْ
ابتدأت موضوعي بهذه الأبيات التي قلتها منذ فترة طويلة وتحديداً في مايو من العام 2001م ،وكنت حينها طالباً في الجامعة بسبب موقف آلمني كثيراً أنذاك.
وما دعاني إلى الافتتاح بها هو أنني كلما فكرت وتأملت فيما يدور ويجري في دهاليز وأروقة وزارة الأوقاف والإرشاد فإنها تحضرني بقوة، ولعل السبب في ذلك هو إرتباطها الكبير بما يدور ومطابقة معانيها لما يجري.
فلايهم إذا كنت موظفاً في وزارة الأوقاف والإرشاد أن تكون متصفاً بالأمانة والصدق والكفاءة والإخلاص في العمل، ذلك أن معيار العمل"والكفاءة والصدق" معطل تماماً عن الواقع، وأصبح محكوماً عليه بالبقاء خارج نطاق الخدمة ليحل محله معيار الكذب والتزلف والنفاق وصراع المصالح والسيطرة والذي يستلزم بالضرورة التنازل عن الأخلاقيات والمبادئ والقيم والتجرد عن كل شيء جميل في إطار الحياة العملية، وصار هذا الأسلوب هو الطريقة المفضلة لدى الكثير من أمراض النفوس عملاً بقول الشاعر:
"فنافقْ فالنفاق له نفَاقُ ". لتتحول الوزارة كلها إلى جماعات "شِللْ"، وكل جماعة تكيد وتتربص بالأخرى.
والأخطر في هذا أن أمثال هؤلاء لا يترددون لحظة واحدة في إعلان الحرب ضد كل عمل ناجح وضد كل من يؤدي عمله بصدق وأمانة وإخلاص خصوصاً إذا كان سيؤثر على مصالحهم ، مستخدمين في ذلك كل أساليب الخبث واللؤم والدناءة والخسة والإعلان عن وسيلتهم التي يرددونها بثقة كبيرة:"با ندقه من عند القاضي"
إن وضعاً كهذا لا ينبئ ولا يبشر بخير- ويدع الحليم حيراناً. والسؤال الذي يفرض نفسه:- هل تجردت الإنسانية عن إنسانيتها وآدميتها لتتحول إلى وحوش يأكل بعضها بعضاً ولا يحكمها سوى قانون الغاب؟ أم أنها أزمة في الضمائر والأخلاق والقيم؟ أم أن أمثال هؤلاء قد وجدوا جواً مناسباً وظروفاً ملائمة لبث سمومهم وأمراضهم القاتلة؟.. تساؤلات تحتاج كلها إلى إجابة. والله من وراء القصد.