شكري عبدالغني
تحت مبررات أمريكية مصطنعة باتهامات وجهت للعراق قبل الغزو والاحتلال فمنها امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل، ومنها أن نظام صدام حسين في العراق "سابقاً" يمثل تهديداً وخطراً على دول الجوار ومنطقة الشرق الأوسط وعلى استقرار وسلام الأمن الإقليمي بالمنطقة والعالم، ومنها أن نظام صدام حسين يدعم منظمة القاعدة ومنظمات إرهابية..
فتوجهت الولايات المتحدة الأميركية لتخطيط شن الحرب على العراق قبل خمس سنوات وتحت هذه المبررات ظاهراً أمام المجتمع الدولي وحقيقة الدوافع هي المصالح الأميركية..
احتلت العراق في مارس 2003م وبعدها كشفت أوراق اللعبة وسرعان ما ظهر كذب هذه الاتهامات والمبررات التي روجت لها الإدارة الأميركية أمام العالم والهيئات والمنظمات الدولية والمجتمع الدولي وظهر الخداع الأميركي.
وحالياً يزيد تأكيد المؤكد ولمن لديهم ذرة شك أو عمالة أن المصالح الأميركية البحتة والمادية هي الأسباب الحقيقية لشن الحرب الضروس والمتواصل على العراق وبكافة أشكاله وأدواته سواء " الاقتصادية أو السياسية أو العسكرية" ضد نظام صدام حسين وضد العراق منذ ما بعد حرب الخليج الثانية عام 1990م فاحتلت العراق بعد حرب الخليج الثالثة عام 2003م وبقيت قوات الاحتلال حتى اليوم.
وقد ظهرت الإدارة الأميركية بمظاهر الكذب والخداع للشعب العراقي والعربي والمجتمع الدولي بأنها ستنسحب من العراق وفق جدول زمني ومن المنتظر أن يكون نهاية العام 2008م إلا أن اليوم تظهر لنا بوادر عدم النوايا لهذا الانسحاب بمحاولة الولايات المتحدة الأميركية فرض توقيع اتفاقية أمنية مع حكومة العراق الحالية" الحكومة الفاقدة للإرادة والاستقلالية" فالإدارة الأميركية بالوقت الحاضر تسعى إلى فرض توقيع اتفاقية أمنية مع العراق تحفظ للولايات المتحدة الأميركية مصالحها وتبقي احتلالها إلى أمد طويل ودون مراعاة لجراح ونزيف الدم الحادث اليوم في العراق وينص أحد بنود هذه الاتفاقية الأمنية والتي هي من إعداد وإخراج أمريكي صرف على ما يلي:
"على القوات الأميركية أن تحمي النظام الديمقراطي في العراق من أي أخطار داخلية أو خارجية"، وهنا نضع خط عريض تحت النظام الديمقراطي فأي نظام في وجود الفتن والاقتتال والنهب، وخط عريض آخر تحت أخطار داخلية فهل سيكون العدو الخارجي أحن وأرحم على العراق من أبناءه وأمام هذا العجب فقد أصبح أبناء البلد يمثلون مخاطر داخلية على العراق والدخلاء الأجانب يمثلون سلاماً ومناً وسلوى..
كما ينص أحد بنود هذه الاتفاقية على أن " تخرج بنود الاتفاقية الأمنية إلى حيز التنفيذ بمجرد التوثيق والتوقيع عليها من قبل رئيس الولايات بالمتحدة الأميركية ورئيس الحكومة العراقية".
والتي تحاول الإدارة الأميركية بالوقت الحاضر فرض بنود تلك الاتفاقية الأمنية على العراق وشعبه والتي تسربت إلى الشارع العراقي خلال النصف الثاني من شهر مايو 2008م ولم تنشر لإدراك أميركي بأنها اتفاقية احتيال وسيطرة وبقاء..
احتلال أطول ولا وقت له ولانهائية إلا بإرادة أميركية، فمن الوهلة الأولى لتسرب بعض بنود هذه الاتفاقية الأمنية شعر معظم العراقيين بخطر هذه الاتفاقية وكاريثيتها عليهم فبدءوا ينظمون ويخرج السواد الأعظم من الشعب العراقي إلى الشوارع بمدن العراق ينادون برفضهم القاطع للتوقيع على هذه الاتفاقية الأمنية، و يصرح الكثير من القادة السياسيين وعلماء الدين والمرجعيات الدينية في العراق برفضهم القاطع لهذه الاتفاقية الأمنية مع تحفظ بعض أعضاء الحكومة العراقية وشبه تمتمة خفية بالموافقة لدى البعض الآخر بمبررات أن انسحاب وخروج أميركا من العراق بالوقت الحاضر سيترك فراغاً كبيراً وانفلاتاً، وكأن صوت الحال يقول نحن في صحة وعافية وأمان.
ومن وجهة نظرنا عند تحليلنا للبندين أعلاه من البنود التي تسربت يمكن القول أن من أسباب رفض هذه الاتفاقية الأمنية لدى معظم العراقيين ما يلي :
1- لأنها تمس السيادة لشعب العراق وتفقده استقلاليته على أرضه
2- إلأ نها تمنح التجديد لبقاء واستمرار الاحتلال الأميركي في العراق وتعطي شرعية لوجوده بالعراق وبطلب من العراقيين وتطفي على الاحتلال تواجداً شرعياً وبرضى الطرفين المتعاقدين.
3- لأنها طويلة الأمد لبقاء الاحتلال الأميركي ولا تضع جدولاً زمنياً لخروجه من العراق ولا تتضمن تاريخاً محدداً لهذه الحماية الأميركية.
4- عدم وجود الاعتبار للمجلس النيابي لحصول الاتفاقية على الموافقة من عدمه ومن خلال التصويت، وعدم وجود الاعتبار للشعب العراقي من خلال الاستفتاء عليها، أو للأحزاب السياسة العراقية في الساحة لأخذ موافقتهم عليها أو رفضها.
5- الاتفاقية الأمنية تخدم المصالح الأميركية في العراق أكثر من كونها تخدم المصالح العراقية وتحت مبرر تخليص العراقيين من نظام ديكتاتوري لصدام حسين وبوعود معسولة بتأسيس نظام ديمقراطي ستجلبه أميركا للعراق في فترة بدء الحرب وإنها ستحضر معها الخير كل الخير للعراقيين.
وبعد غزوها واحتلالها للعراق وحتى يومنا هذا وقد قارب وجود الاحتلال الأميركي للعراق على الخمس السنوات فلنستحضر أذن ولنفند الخير كل الخير الذي جلبته أميركا للعراق أرضاً وشعباً خلال الخمس السنوات الماضية من وجهة نظر الولايات المتحدة الأميركية كخير ومن وجهة نظر كاتب السطور الشر كل الشر والبلاء المدمر وبما يلي :
1- مليون قتيل عراقي ونزيف الدم الذي لا يتوقف يوماً واستمرار وقوع عشرات القتلى من العراقيين يومياً حتى اليوم.
2- تفشي الفقر لأقصى درجاته بين أوساط العراقيين لم يتجرعوه قبل دخول أميركا رغم الثروات الهائلة النفطية وغيرها التي يمتلكها العراق.
3- نهب ثروات العراق النفطية.
4- تدمير اقتصاد العراق باستمرار العقوبات الاقتصادية المفروضة على العراق بقرارات مجلس الأمن الدولي "الأمم المتحدة" والتي لم تلغ حتى الوقت الحاضر.
5- استمرار تجويع شعب العراق بسبب ارتفاع ديونه الخارجية التي تصل إلى سبعة وستين مليار دولار.
6- انتشار حالة البطالة بين أوساط العراقيين.
7- نهب وتدمير حضارة وثقافة وآثار تاريخية للعراق.
8- قتل واغتيال كبار علماء وخبراء عراقيين وخصوصاً المتخصصيين في مجال الطاقة النووية وعلومها، وقد وصل عدد من قتل إلى خمسة آلاف عالم وخبير.
9- إجهاض كفاءة العملية التعليمة نوعاً وكماً لأجيال العراق.
10- تفشي الأمراض كالسرطانات وأمراض الجلد بسبب استخدم أسلحة أميركية محرمة دولياً فترة الحرب، وأمراض سوء التغذية بين أوساط العراقيين وأطفالهم.
10-إشعال الانقسامات والفتن والإقتتال الداخلي بين أبناء شعب العراق وطوائفه ومذاهبه "الشيعة - السنة - الأكراد - التركمان -المسيحيين ....الخ"
11- جلب أسر يهودية هاجرت من العراق في الأربعينات، وإعادتها إلى الاستيطان في العراق، وتدعوا لتكاثرها وتربية نسلها في العراق لإعداد ادوار تقوم بها في العراق بالمستقبل وغير ذلك مما يخفي عنا بسبب البعد الجغرافي عن أرض العراق وشعبه..
هذا الخير كل الخير الذي جلبته الولايات المتحدة الأميركية للعراق شعباً وأرضاً من وجهة نظر الولايات المتحدة الأميركية وإدارتها..
فماذا بعد يحضر للعراق والعراقيين؟!
فليعتبر كل مواطن وكل سياسي يمني من الصراعات الداخلية في العراق وما أفرزته من مشاكل للعراق وشعبه التي أرجعته قروناً من الزمان وستظل معاناته لأجيال قادمة ومتعاقبة درساً لا ينسى - درساً لكل من يسعى إلى إشعال الفتن والاقتتال الداخلي في يمننا الوطن الغالي..
وأخيراً حزننا وأسانا الكبيرين، على عراق جريح نازف ومستنزف..
ولا حول ولا قوة إلا بالله، وإنا لله وإنا إليه راجعون..