د/محمد أحمد عبدالله الزهيري
كشفت الأحداث الأخيرة في لبنان الذي سيطر فيه حزب الله الذي يتزعم المعارضة على بيروت دون مقاومة تذكر وذلك كرد فعل على قرارات حكومة الأغلبية الأخيرة التي قضت بعزل مدير أمن بيروت واعتبار شبكة اتصالات حزب الله غير شرعية . فكان هذا الرد العنيف والذي صاحبته خطابات عنترية تهدد بقطع يد كل من يتعرض لسلاح حزب الله وشبابه وبأنه قادر على وضع قادة الأغلبية في السجون . هذه الأحداث وسابقاتها وتفاعلاتها كشفت جملة من الحقائق والعبر يجب الاستفادة منها على المستوى العربي والإسلامي للمساعدة في الخروج من حالة التيهان الطويل والسبات العميق حتى لا يطمرنا الطوفان فلا نستيقظ إلا بعد فوات الأوان حينما يكون التحالف الشيطاني الثلاثي (الصليبي - الصهيوني - الصفوي)قد أحكم السيطرة على عالمنا العربي والإسلامي ولات ساعة مندم، وأهم هذه الحقائق هي :
1- التحالف الثلاثي حقيقة لا خيال وأن التراشق الإعلامي بين هذه القوى هو مسرحية الغرض منه تلميع المثلث الشيعي الصفوي وإكسابه شعبية حتى يستطيع نقل قيادة العالم الإسلامي إليه وبالتالي تقاسم الكعكة كما صرح بذلك التيار الصدري في العراق بأن أميركا وإيران يتقاسمان النفوذ في العراق، كما يهدف إلى قطع الطريق على أي مقاومة حقيقية ضد الوجود الصهيوني في فلسطين كما صرح بذلك صبحي الطفيل الأمين العام السابق لحزب الله بأن مهمة حزب الله هي حماية الحدود الشمالية لفلسطين. وقد أثبتت ذلك مذكرات يجن الذي يقول : نحن محاطون بطوق سني ولا بد من تشجيع الفرق، والشيعة ليسو أعداءنا على المدى الطويل .وهذه حقيقة تاريخية ثابتة إذ لم يثبت أن الشيعة الرافضة والباطنية خاضوا معركة ضد أعداء الإسلام، وجرائمهم دائماً داخل الصف الإسلامي وهذا مشاهد اليوم في العراق وإيران والبحرين ولبنان واليمن ليصدق عليهم قول الشاعر :
وإخواناً حسبتهم دروعاً فكانوها ولكن للأعادي
وخلتهم سهاماً صائبات فكانوها ولكن في فؤادي
كما تثبتها مذكرات شارون الذي يقول فيها : لقد كونا في جنوب لبنان علاقات وطيدة مع الشيعة والنصارى وينبغي أن نترك لهم بعض أسلحتنا، ومعلوم أن حزب الله ظهر في العام 1982م بعد أن غزا الكيان الصهيوني الجنوب اللبناني وخروج المقاومة الفلسطينية والقوى السنية المتحالفة معها .
الهدف من هذا التراشق الإعلامي هو تلميع التيار الشيعي الصفوي لأن كل من يظهر عداواته لأميركا واليهود يكسب شعبية في العالم العربي والإسلامي .و الآن الحرب الأخيرة بين حزب الله والكيان الصهيوني لم يقتل فيها قائد في حزب الله بينما قتل هذا الكيان جل قادة حماس وتقتل الطائرات والصواريخ الأميركية كل مجاهد سري في العراق وأفغانستان وآخرهم قائد شباب المجاهدين في الصومال . وماذا أحدثت آلاف الصواريخ التي أطلقها حزب الله على اليهود في فلسطين أم أنها تطلق في خلاء؟ ولاغرو في ذلك فقد صرح زعماء إيران أنه لولا الدعم الإيراني للتحالف ما دخلت أميركا كابول ولا بغداد، وآخر فضيحة هذه المسرحية هي زيارة الرئيس الإيراني لبغداد ودخول المنطقة الخضراء، وقد أصدرت هيئة علماء المسلمين بياناَ قالت فيه : إن الزيارة تأييد للاحتلال الأميركي، و لا غزو فقد سلمت أميركا حكم العراق للمليشيات التابعة لإيران على طبق من ذهب كما قال سعود الفيصل، وقد قامت هذه المليشيات بحماية الحراب الأميركي بإبادة مليون وربع المليون منهم العلماء والضباط والطيارون وأساتذة الجامعات وشيوخ العشائر .
2- غياب هوية سنية لدى الأنظمة العربية والأحزاب المحسوبة على السنة ورفعها لشعارات وهمية أظهرها بلا هوية وعاجزة عن مواجهة المشروعين الصهيوني والصفوي القائمين على هوية دينية صهيونية يهودية للأول التف حوله كل يهود العالم مع اختلاف أجناسهم ولغاتهم وبلدانهم .وهاهو الكيان الصهيوني يجعله شرطا لأي مفاوضات كما فصل في مفاوضات (أنا بولس) الأخيرة التي أصر فيها هذا الكيان على يهودية الدولة - وهوية فارسية صفوية للأخرى نصر عليها الدستور الإيراني الذي ورد في مادته الثانية عشرة على أن دين الدولة هو الإسلام ومذهبها الاثنا عشري، ولغة الدولة الفارسية، ويظهر ذلك في كل أنشطتهم وإعلامهم وعملهم الدؤوب على تصدير الثورة ونشر المذهب الرافضي مما مثل هوية التف حوله كل الشيعة في العالم، وقد وصف ذلك الرئيس المصري حسني مبارك حينما قال :إن ولاء الشيعة العرب لإيران أكثر من ولائهم لبلدانهم . ومما يدل على أن الأنظمة العربية بلا هوية هذا التذبذب والانتقال من حضن دولة عظمى إلى أخرى ومن اعتناق نظرية إلى نظرية أخرى ، وتوليها تنفيذ المشروع الصليبي الأميركي في محاربة الإسلام ودعاته ومؤسساته ومحاضنه فيما يسمى بمكافحة الإرهاب الذي يغفل الإرهاب الصهيوني والأميركي والصفوي الذي تمارسه دول وجيوش ومليشيات ولا يسمى إرهاباً إلا الجهاد الإسلامي السني ضد الصهاينة والأميركان وحلفائهم .ها هي أكبر مؤسسة عربية (الجامعة العربية)لا حول لها ولا قوة مما صح وصفها بأنها ميتة وصدق من قال":
لا يلام الذئب في عدوانه إن يك الذئب عدو الغنم
3- إن الديمقراطية ولدت في البيئة الغربية ولا تصلح بالبيئة الإسلامية، وإن مصيرها أحزاب طائفية تمزق الممزق وتفرق المفرق والأمثلة واضحة وضوح الشمس في أول بلد ديمقراطي في "لبنان" الذي حول الأحزاب إلى أحزاب طائفية وميليشيات مسلحة نشبت في حرب لمدة خمسة عشر عاماًَ أدى إلى قيام نظام محاصصة طائفية وصل إلى طريق مسدود لم يستطع أن ينتخب له رئيساً بسبب الصراع الطائفي منذ سبعة أشهر ومنذر اليوم بحرب طائفية لن تبقي ولن تذر، والمثال الثاني العراق نموذج الديمقراطية الأميركية للشرق الأوسط الكبير الذي أدى إلى تقاسم طائفي على المستوى السياسي والجغرافي وأدى إلى إنهار من التصفيات الطائفية . فإن كان ولا بد من أحزاب وانتخابات فلتكن في إطار مرجعية عليا هي المرجعية الإسلامية التي يتنافس الجميع في نشره والدفاع عنها كما هو الحال في إيران والكيان الصهيوني وغيرهما.
4- إن اللين واضح مع كل من يعادي الإسلام السني الذي هو الامتداد الأصيل للإسلام ولو كان هذا العدو مدرج في قوائم الإرهاب العالمي مثال حزب الله والأحزاب الصفوية في العراق إذ لا يعجز أميركا التي قضت على العراق وجيشه وطالبان وقواتها ان تقضي على هذه المليشيات وتنزع أسلحتها، ولا يخفى الفرق الكبير في التعامل القاسي مع حركة حماس والمقاومة الفلسطينية والمقاومة السنية في العراق التي لا يظهر لها قيادة وتغتال قياداتهم السرية والتعامل اللين مع المليشيات الشيعية فلا تصفي قادتها ولا تنزع أسلحتها ولا توجد مليشيات في العالم غير المليشيات الشيعية.