بقلم/ أنور قاسم الخضري
خلاصة المشهد الإيراني:
تبدو إيران اليوم أقرب إلى (إيران الخميني) بوصول محمود أحمدي نجاد للسلطة، وعودة الحرس الثوري إلى مقاليد السلطة والحكم بعد أن حسن (الإصلاحيون) صورة إيران في الخارج وعملوا على إبداء مرونة في مواقفها من الغرب!
وفي الوضع الدولي الجديد الذي أعقب الحرب الأمريكية على الإرهاب أصبحت طهران جزءا من محور الشر : أمريكا- بريطانيا- إيران! الذي بدأ يعيد رسم المنطقة الإسلامية وفقا لرؤية استعمارية صهيونية! بدءا من إسقاط كابول ومرورا ببغداد وانتهاءا بلبنان والمقاومة الفلسطينية! والأيام القادمة كفيلة بكشف أبعاد المخطط!
وهي تلعب هذا الدور الإقليمي بعبثها بالورقة الطائفية في العالم الإسلامي! وتحريك أبناء الطائفة الشيعية ضد السنة عموما تحت مبررات تاريخية لا تمت إلى الدين والحقيقة والواقع بصلة، لتحقق قيام الإمبراطورية الفارسية وتزاحم على المصالح والثروات التي سيطالها الاستعمار الإنجلو-أمريكي!
وهي اليوم تعمل على امتلاك السلاح النووي لتمارس دورها الإقليمي وتدافع عن مكاسبها القادمة في المنطقة! ووجودها المتنامي في العراق وسوريا ولبنان ودول الخليج في الشق العربي! وأفغانستان وباكستان ودول وسط آسيا الإسلامية -المستقلة عن الاتحاد السوفييتي! وهي بهذه الجهود لا تعمل لعموم المسلمين بل لمصالح طائفية ضيقة فحسب! في حين يعاني بعض المسلمين داخل إيران، ممن لا ينتمون للمذهب الإثنى عشري، من عمليات تطهير وقمع وتنكيل واسعة، واستباحة لأموالهم وأعراضهم ومساجدهم وأوقافهم!
وفي العراق يقف كثير من أبناء الطائفة الشيعية في صف المحتل وإلى جانب قواته في عملياته ضد المدنيين العراقيين الرافضين للاحتلال! وهم يساندون بقاء الاحتلال ويتعاونون معه في إنجاح مشروعه الاستعماري الهادف إلى تفتيت العراق إلى دول طائفية! ويؤيدهم في ذلك فتاوى المرجعيات الطائفية القاضية بتحريم المقاومة ووجوب المشاركة السياسية تحت شرعية الاحتلال! وتخوين المقاومة بكافة فصائلها وتياراتها! وتشويه المقاومة الإسلامية والوطنية في العراق ومطاردتها!
كما يعاني أهل العراق من وجود ميلشيات طائفية إيرانية تقف وراء كثير من العمليات ضدهم! من خلال حملات التطهير العرقي والمذهبي! واحتلال المساجد والأوقاف ومصادرة الأملاك! وحملات التهجير الواسعة للعوائل السنية من الجنوب! وعمليات القتل والاغتيال والإبادة الجماعية! وعمليات الخطف والتعذيب والتنكيل والاغتصاب للرجال والنساء والأطفال! واغتيال الأئمة والخطباء والعلماء والرموز الأكاديمية والثقافية والاجتماعية! باعتراف الاحتلال قبل غيره! ومن المؤسف أن تذهب تصريحات علماء المسلمين (السنة) في العراق أدراج الرياح وهم يعلنون مقتل 200 ألف عراقي نصفهم على يد الميليشيات الطائفية المتعصبة أدراج الرياح!
وفي المقابل فإن توسع النفوذ الإيراني في سوريا بدأ يلوح في الأفق، لا من خلال الزيارات الرسمية المتكررة والمستمرة بين مسئولي البلدين خلال الفترة الأخيرة التي أعقبت مقتل الحريري، ولكن من خلال التغلغل الاقتصادي الذي صار ظاهرا في السوق السورية، ومن خلال المصانع والمشاريع الاستثمارية والمصارف والصادرات الإيرانية لسوريا! والأعداد الكبيرة من الإيرانيين الذين يصلون إلى سوريا للسياحة الدينية أو في سوق العمل ومجال الخبرات والاستشارات لدى الأجهزة الحكومية! والأخطر من ذلك كله هي تلك الحركة التبشيرية للمذهب الشيعي الإثنى عشري في المجتمع السوري ذي الأغلبية السنية! وفتح الحسينيات والمراكز التعليمية والثقافية! وإقامة وإظهار المناسبات والمراسم الشيعية! وتأسيس الجمعيات والمستشفيات الخيرية!
هذه الأوضاع التي آلت إليها الأمور في سوريا دفعت برموز السنة، دينيها وعلمانيها، إلى التحذير مما يجري! ومآل ذلك مستقبلا على سيادة سوريا ورهنها للإرادة الإيرانية!
وفي 14/6/2006م وقعت سوريا وإيران اتفاقية تعاون عسكري إثر زيارة وزير الدفاع السوري العماد حسن توركماني إلى طهران! وتأتي الاتفاقية في ظروف تعاني فيها كلا الدولتين من تهديدات أمريكية! واستنادا إلى تقرير أوروبي فإنه بموجب الاتفاق الموقع بين الطرفين يتعهد كل طرف بمساندة الطرف الآخر أمنيا وعسكريا في حال تعرضه لأي اعتداء خارجي! وتلتزم طهران بمساعدة سوريا على تعزيز قدراتها العسكرية في كل المجالات وتحديث قواتها المسلحة ومساعدتها على بناء صناعات عسكرية مختلفة!
وتأتي هذه الاتفاقية في ظل تغيير التركيبة السكانية لصالح الطائفة الشيعية والوجود الفارسي القادم من إيران عبر العراق! وافتعال المواجهة مع مجموعات صغيرة وإلصاق تهمة الإرهاب بها لتصفية حسابات النظام مع القوى السنية المخالفة تحت غطاء محاربة الإرهاب! وإغلاق مناشط السنة الدعوية ومراكزهم العلمية! والتبشير بالمذهب الشيعي في أوساط السوريين السنة!
أما لبنان الذي "يشبه الآن إيران عام 1977م"، بحسب تصريح السفير الإيراني الأسبق في لبنان فخر روحاني، في مقابلة أجرتها معه صحيفة "إطلاعات"- الإيرانية، في يناير عام 1984م، والذي أضاف: "ولو نراقب ونعمل بدقة وصبر، فإنه إن شاء الله سيجيء إلى أحضاننا، وبسبب موقع لبنان وهو قلب المنطقة، وأحد أهم المراكز العالمية، فإنه عندما يأتي لبنان إلى أحضان الجمهورية الإسلامية، فسوف يتبعه الباقون"، لأن "لبنان يشكل خير أمل لتصدير الثورة الإسلامية"!
فإلى لبنان. . .
لماذا حزب الله؟
أولا "حزب الله" الله الذي سماه بأنه حزبه، وحزب الله هم أولئك الذين ينتمون إلى الله فهذا الحزب لا يمكن لمسلم أن يستقيل منه!
قبل أكثر من ربع قرن من الآن قام الإمام الخميني ومن معه بثورة ضد الشاه في إيران، ليعلن في طهران عن قيام الجمهورية الإسلامية، وأعلن الخميني حينها أن ثورته هذه إسلامية، وليست طائفية، وأنها لصالح المستضعفين في الأرض، ولصالح تحرير شعوب الأمة الإسلامية عامة وتحرير فلسطين خاصة!
تأثر بهذه الثورة كثير من أبناء الإسلام وجماعات وأحزاب العالم الإسلامي! وكان من بين من فرح بهذه الثورة واستبشر بها الفلسطينيون الذين رأوا في شعارات هذه الثورة أملا يلوح لقضيتهم بعد الانتكاسات التي مني بها العرب!
وفي 11/2/1979م تحولت سماء المخيمات الفلسطينية في بيروت والضواحي المحيطة بها إلى كتلة من النيران. فقد أخذ الفلسطينيون، والمواطنون اللبنانيون كذلك، يطلقون العيارات النارية من مختلف الأسلحة بكثافة غير عادية ابتهاجًا بنجاح ثورة الخميني! وكان ياسر عرفات أول من يزور طهران مهنئا، وخاطب الخميني قائلاً: "إن ثورة إيران ليست ملكًا للشعب الإيراني فقط. . إنها ثورتنا أيضًا فنحن نعتبر الإمام الخميني ثائرنا ومرشدنا الأول الذي يلقي بظله ليس على إيران فحسب بل على الأماكن المقدسة والمسجد الأقصى في القدس"!
وكان من بين من استبشر أيضا بهذه الثورة حركة الإخوان المسلمين، التي اضطهدت وعاشت تواجه السجون والمعتقلات والقتل والنفي والتشريد نتيجة مطالبتها بتحكيم الشريعة الإسلامية! فقد أرسلت الحركة وفدا مكونا من عدد من قيادات الحركة ورموزها في التنظيم الدولي للالتقاء بالخميني وقيادات الثورة في طهران! وأعلنت تضامنها مع الثورة الإسلامية وقيادتها (الخميني)!
إلا أن الأمور تكشفت فيما بعد لكثير من أبناء الحركة، وكان منهم الشيخ سعيد حوى الذي كتب حول هذه الصفحات المنسية، عن طبيعة وأهداف الثورة الإيرانية الطائفية المتعصبة! يقول الشيخ سعيد حوى : "عندما انتصر الخميني ظن المخلصون في هذه الأمة أن الخمينية إرجاع للأمر إلى نصابه في حب آل بيت رسول الله وتحرير التشيع من العقائد الزائفة والمواقف الخائنة، خاصة وأن الخميني أعلن في الأيام الأولى من انتصاره أن ثورته إسلامية وليست مذهبية، وأن ثورته لصالح المستضعفين، ولصالح تحرير شعوب الأمة الإسلامية عامة، ولصالح تحرير فلسطين خاصة"!
إلا أن الأمر تكشف عن غير ذلك، فقد كانت الخمينية "تتاجر بمشاعر جماهير المثقفين المتعلقين بالإسلام تاريخاً وعقيدة وتراثاً، فتتظاهر بالإسلام قولاً وتبطن جملة الشذوذ العقدي والحركي"! "فتدعي نصرة الإسلام وهي حرب عليه عقيدة ومنهجاً وسلوكاً"! و"تتظاهر بالغيرة على وحدة الصف الإسلامي وهي تدق صباح مساء إسفيناً بعد إسفين في أركان الأمة الواحدة"! خالطة في منهجها الحركي "كل توجهات الحركات السرية الباطنية ومناهجها القائمة على التلقين السري والاعتصام بالتقية والاستمداد من المجوسية"! ل"تتحول في الغاية والنهاية كأخواتها في التاريخ"!
ثم يذكر كيف أن تطلعات الثورة الإيرانية كانت بحاجة إلى "تحالفات تحقق بها مآربها ومطامعها"! وكيف أن هناك دوائر كثيرة أدركت "أن عليها أن ترعى التطلعات الخمينية! وأن تتعاون معها لما يترتب على هذا التعاون من تحقيق مقاصد مشتركة!"! و"من هنا وجدنا تحالفاً عجيباً بين إيران وليبيا، وبين إيران وسوريا، وأمل من جهة وإسرائيل من جهة أخرى، ووجدنا تحالفاً بين إيران والغرب، ووجدنا وفوداً من إيران تذهب إلى الاتحاد السوفييتي!"!. ومع أن هذه التحالفات تتناقض مع ما صرح به الخميني ابتداء! إلا أن تطلعات الثورة الإيرانية للسيطرة على الأمة الإسلامية ومحاولة تشييعها دفعتها لهذه التحالفات و"لو كان ذلك لحساب كل جهة معادية للإسلام والمسلمين"!
ويذكر الشيخ سعيد حوى كيف أن حرب إيران مع العراق تسببت في ذهاب أموال دول الخليج "ففقدت الأمة الإسلامية بذلك قدراتها الاقتصادية وتنميتها!"، و"هكذا ساعد الخميني العالم غير الإسلامي في سلب الأمة الإسلامية أموالها وتطويرها إلى أمد بعيد، لأنهم حتى في حالة انتهاء الحرب فإن العالم غير الإسلامي هو الذي سيعيد إعمار العراق وإيران! وهكذا فإن الجكومات الكافرة هي التي ربحت في الحرب وما بعد الحرب! وكل ذلك بسبب السياسات الخاطئة للخمينية الراغبة في السيطرة"!. ثم يقول الشيخ لقد "تحقق أعداء الإسلام من خطورة هذه الصحوة الإسلامية الرشيدة على مصالحهم، وأنها القاضية الماحقة لغاياتهم التي خططوا لها زمانا، فأعادوا لعبتهم القديمة الجديدة، وتشاور كهنة المجوس وأحبار اليهود يريدون الكيد للإسلام وأهله، وبان لهم بأن تشويه هذه الصحوة الواعية وحرفها عن مقاصدها النبيلة الكريمة أفضل وسيلة وأنجح طريق لضربها وإخراجها من مضمونها الإسلامي السليم تحريفاً لغاياتها وتدميراً لأسسها، فسلطوا عليها من المتظاهرين بالإسلام قوماً، علّهم يحققون لهم ما خططوا له وبيتوا من سوء ليغتالوا الوليد في مهده وأول نشأته ونمائه"!
لقد "تحدث التاريخ عن حالات كثيرة كانت فيها عواطف بعض الشيعة مع الكافرين ضد المسلمين، بل جمعوا إلى العواطف أعمالاً، فهؤلاء الشيعة ساعدوا الهولنديين في القضاء على دولة اليعاربة، وهذا نصير الدين الطوسي يقنع هولاكو في إنهاء الخلافة العباسية، وها هو ابن العلقمي يخون خليفته فيساعد التتار في القضاء على الدولة العباسية، وها هم الحشاشون يحاولون اغتيال صلاح الدين، وكم من مرة أظهر فيها بعض الشيعة عواطفهم نحو الكفر والكافرين ضد الإسلام والمسلمين! وكنا نتمنى ألا تتكرر هذه الظاهرة! ولكنها ظهرت من جديد بالخمينية وأتباعها"!
"كنا نتصور أنه بعد انتصار الخميني في إيران أن الشيعة قد تجاوزوا التقية! ولكننا من خلال الواقع وجدناهم يستعملون التقية مع البندقية"! "سواء في ذلك النظام الحاكم في سوريا أو حركة أمل أو إيران، يتعاونون مع إسرائيل سرّاً ويعطونها الذي تريد، ويتظاهرون بخلاف ذلك، وهم يحاربون حرباً طائفية في كل مكان، ويتظاهرون بشعارات سوى ذلك"! "كانوا بالأمس يستعملون التقية حماية لأنفسهم! والآن يستعملون البندقية للسيطرة ويستعملون التقية لخداع الآخرين! فيلبسون لكل حالة لبوسها!"!. "انظر إليهم في سوريا وتركيا وفي باكستان وأفغانستان وفي غيرها، فإنك حيث ما رأيتهم -هنا وهناك- تجدهم يلبسون لباساً حزبياً في الظاهر، ويكتمون مخططاتهم الخفية في الباطن حتى يصلوا إلى مرادهم"!
وذهب الشيخ سعيد حوى يسرد عقائد الشيعة الشاذة، في أئمتهم -المزعومين- والقرآن الكريم والسنة المطهرة والرسول الكريم والصحابة، واصفا إياها بأنها جحود لما هو معلوم من الدين بالضرورة! وكفر بواح! ونقض للإسلام كله! وفي مقام بيانه عن مخالفتهم الإجماع، يقول الشيخ: "فهم يخالفون الإجماع في كثير من أمورهم في العقيدة والعبادة ومناهج الحياة"! ثم يوضح عند الحديث عن موقفهم من عموم المسلمين السنة بأنهم يعدون "كل من لا يؤمن بالأئمة وعصمتهم ناصبَّياً تحرُم عليه الجنة ويدخل النار"!
ثم يأسف الشيخ لكون أن "بعض شباب أهل السنة والجماعة خُدعوا بذلك وغُرر بهم! لأن عندهم فراغاً استغله هؤلاء المخادعون! فحاولوا أن يقدموا لهم الخمينية على أنها تمثل الأصالة والحيوية! وما هي إلا مقبرة للإسلام الصحيح ومحاولة لدفن الإسلام وأهله فيا شباب الأمة الإسلامية انتبهوا"!! ل"قد آن لشباب الإسلام أن يدركوا خداع هؤلاء، وأن يعرفوهم على حقيقتهم"!. لقد ساعد على بروز ثورة الخميني "هذا الزخم من تطلع شباب أهل السنة والجماعة وحنينهم لدولة الإسلام! فخالوا السراب ماء! وظنوا الخمينية هي دولة الإسلام! وبالخداع وقعوا وبالوهم سقطوا! وإن حنيناً إلى دولة الإسلام لا يوقعنا في الكفر أو في الضلال!"، "أما وقد دخل الخميني في زمرة الغلاة المُحرّفين والمنتحلين المبطلين والمؤوّلين الجاهلين، فلا بد لأهل العلم من هذه الأمة أن يقولوا فيه ما يفضح أمره ويبين حاله كي لا يغتر أحد به، وكي لا يهلك فيه أحد إلا وقد قامت عليه الحجة وظهر له من البينات ما يدعوه إلى اجتناب هذا الخطر العظيم الذي هو مقدمة لسخط الله واستحقاق عذابه"!
ويضيف: "إن بعض من نفترض عندهم الوعي غاب عنهم الوعي! فلم يدركوا خطر الخمينية! وإن بعض من نفترض عندهم العلم قصروا عن إبراز خطر الخمينية فكادت بذلك تضيع هذه الأمة! ولذلك فإننا نناشد أهل الوعي أن يفتحوا الأعين على خطر هذه الخمينية! ونناشد أهل العلم أن يطلقوا أقلامهم وألسنتهم ضد الخمينية! لقد آن لهذا الطاعون أن ينحسر عن أرض الإِسلام! وآن للغازي أن يكون مغزوا! فالأمة الإِسلامية عليها أن تفتح إيران للعقائد الصافية من جديد! كما يجب عليها أن تنهي تهديدها الخطير لهذه الأمة! وليعلم أصحاب الأقلام المأجورة والألسنة المسعورة الذين لا يزالون يضللون الأمة بما يكتبونه وبما يقولونه أن الله سيحاسبهم على ما ضلوا وأضلوا! فليس لهم حجة في أن ينصروا الخمينية! فنصرة الخمينية خيانة لله والرسول والمؤمنين!"! "فهؤلاء أنصار التتار والمغول والصليبيين والاستعمار"! "ينصرون كل عدو للإِسلام والمسلمين"! و"ينفذون بأيديهم كل ما عجز عنه غيرهم من أعداء الإسلام والمسلمين"!"ومن هاهنا أصبحت المواقف الخمينية خطراً ماحقاً على هذه الأمة، لا يجوز لأهل الرأي والفكر أن يسكتوا عنها وعن أهدافها القذرة وأساليبها الماكرة"!
أما "الساكتون عن الحقيقة" و"الذين ضلوا وأضلوا" كما يقول حوى ف"لن يُعذروا"! ويختم كتابه بالدعاء قائلا: "اللهم إني أبرأ إليك من الخمبيني والخمينية ومن كل من والاهم وأيدهم وحالفاهم وتحالف معهم"! أ. ه.
هذه آراء شخصية قيادية كانت ذات صلة واطلاع بالأحداث التي تعرضت لها الأمة في تلك الفترة، ولا شك أنها تنبع من خبرة وتجربة ومعرفة عن قرب! فللعلم كان الأستاذ حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، رحمه الله، أحد الناشطين في لجان التقريب بين السنة والشيعة!
وهي تمثل انعكاسا لصدمة جراء واقع لم يتطابق في مجرياته وتفاصيله مع الشعارات التي أطلقت!
وهذا ما يجعلنا نعيد النظر في تقييمنا لحركة بحجم "حزب الله"! أصبح لها تأثيرها وحضورها على الساحة العربية والإسلامية، خاصة وأن هذا الحزب كما سيأتي معنا انطلق بالأساس من رحم الثورة الإيرانية وعلى خلفية التعصب الطائفي في لبنان، والذي قاد إلى حرب أهلية أكلت الأخضر واليابس، وأفقدت لبنان قدرته على المقاومة الفعلية للعدو الإسرائيلي كما سنبين في الصفحات القادمة!. وهذا لا يعني وقوفنا مع إسرائيل ضد المقاومة الإسلامية الحقة! لكننا في المقابل لا نريد أن تستغل القضية الفلسطينية وشعارات الجهاد والمقاومة لأغراض وأهداف لا ترقى إلى مستوى قضية الأمة الإسلامية جمعاء! ولا تخدم مصالح عموم المسلمين ووحدتهم واجتماع كلمتهم!
وإذا كان "حزب الله" أعلن عن كونه مقاومة إسلامية بالمعنى الصحيح للمقاومة فإن عليه أن يوضح موقفه من التهم الموجهة للنظام الإيراني والأدوار التي تلعبها بعض القوى الشيعية في المنطقة، وموقف المرجعيات المتعصبة من الحركات المقاومة على امتداد الساحة الإسلامية!
كما أن عليه أن يثبت صدقية عدم احتكاره للمقاومة وتوظيفها لمصالح طائفية ضيقة! وأن يجيب على الأسئلة والنقاط المثارة حوله في الأوساط الشيعية والسنية على حد سواء! حتى يطمئن الجميع إلى مصداقية هذه الحرب الدائرة بين "حزب الله" وإسرائيل وأنها جهاد مقدس تشارك الأمة فيه وتجني ثمرته تحريرا ونصرا لكل أبنائها!
قبل ذلك كله أن يبين نظرته العقائدية للأمة التي يهدي نصره لها! وتصوره للقيم الحضارية والموروث التاريخي والنسق المذهبي الذي تنتمي إليه من الخليج إلى المحيط! وطبيعة علاقته بهذه الأمة تاريخيا وواقعا ملموسا في لبنان وعلى امتداد الساحة الإسلامية! وبالتالي موقفه من المرجعيات الطائفية التي تذكي نار العداء والحقد والكراهية ضد عموم المسلمين السنة! وذلك الشحن العاطفي الرهيب الذي يقوم به رموز الشيعة لأتباعهم للإعداد لمقدم الإمام المهدي ومقاتلة العرب وعامة السنة معه!