كتب/ المحرر السياسي
يمثل يوم السابع عشر من يوليو محطة فاصلة في مسارنا الوطني الموزع بين مسارين مسار ما قبل ال (17) من يوليو 1978م والمعروف بصراعاته التناحرية وبغياب أي رؤى اقتصادية وتنموية وخطط إستراتيجية وطنية، ومسار ما بعد ال 17 من يوليو 1978م والذي شكل نقلة حضارية لحياتنا، فكان عنواناً وئام الاجتماعي والاستقرار وبداية رحلة من العطاء المعبرة عن آمال وتطلعات الشعب وطموحه، وهي المرحلة التي عادت بموجبها ومعها اليمن إلى واجهة الأحداث الدولية، وعاد لها دورها الحضاري وتفاعلها الإقليمي والقومي والدولي، فبدت اليمن بقيادة فخامة الأخ / علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية الذي أثبت من خلال مسيرة العقود الثلاثة من عمر مسارنا انه ليس من عشاق السلطة والتسلط، ولا من أولئك المهوسين بمغانم الحكم، ولكنه يرى في السلطة وفي الحكم أداة للتنمية والتقدم وصناعة التطور وتكريس قيم وطنية كادت الثقافة المادية والمتغيرات المنهجية أن تصادر كل ما هو مثالي من القيم، وخاصة المتصلة منها بتلك التي ترسخ الهوية والانتماء والسكينة والسلم الاجتماعي.
ومما لا شك فيه بأن الثلاثة العقود رافقتها العديد من السلبيات والإيجابيات، كما رافقها عدد من الإخفاقات، إلا أن ما تحقق من إنجازات في عهد الرئيس/ علي عبدالله صالح لا يمكن لأحد أن يتجاهلها، فكثيرة هي المنجزات التي تحققت خلال مسيرة ال (17) من يوليو وعقودها الثلاثة، ومنها بل وأبرزها إعادة الثقة للهوية الوطنية والقدرة الوطنية على الفعل والتفاعل مع كل القيم الحضارية المتسارعة، والتي أخذ بها العالم من حولنا، وكان قدرنا أن نتلاحق معها دون أن نفقد خصائصنا وقيمنا وثوابتنا، فكان التطور الذي خط مساره السابع عشر من يوليو 1978م هو ذاك الذي يأخذ بالتطور وفق الحاجة الوطنية، وبحسب القدرة على الفهم والإدارة، وقد لعب فخامة الأخ / علي عبدالله صالح دوراً في تأصيل مفاهيم ثقافية وطنية أبرزها إعادة الاعتبار للقرار السيادي الوطني، ولاستقلال هذا القرار والإرادة الوطنية اليمنية، وعودة الاعتبار لشريحة كبيرة من أبناء الشعب كانت أو كانوا يعيشون على هامش الحياة والفعل نظراً لمصادرة هذا الحق عليهم وعنهم من قبل قوى الاقطاع السياسي الموزعة بين وكلاء الله في الأرض، وبين من نصبوا أنفسهم عنوة بحكم نفوذهم في لحظة تاريخية بذاتها، وهكذا ظل شعبنا وحتى السابع عشر من يوليو 1978م أسير لأمزجة الوجهاء والنافذين، ولأنه كذلك فقد استغرق كل سنوات الثورة والانعتاق لمرحلة ما قبل يوليو في صراعات داخلية ومعارك ومحاولة كل طرف رسم دائرة نفوذه وحدود قوته الاجتماعية، إضافة إلى نظامي شطرين كل منهما يحاول أن يبرر فشله وإخفاقه في إحداث تحولات تنموية واقتصادية واجتماعية، فكانت الطريقة الوحيدة لتبرير هذا الفشل هي في تحميل الآخر مسؤولية هذا الفشل، وهكذا كانت كل أزمة داخلية شطرية تخلق حرباً ومواجهة حتى شكل السابع عشر من يوليو 1978م طوقاً للنجاة وصمام أمان حال دون جعل المواجهة والحرب عنوان للتعبير عن الفشل والإخفاق، ناهيكم أن العملية التنموية أخذت فرصتها وبدأ الانتعاش الاقتصادي والمشاهد الاجتماعية تتشكل على هدي من رؤى كانت قد جاء بها السابع عشر من يوليو، بل إن إصرار فخامة الأخ الرئيس حينها على أن يكون مجلس الشعب هو مصدر الولاية والتشريع، وبالتالي تم انتخاب فخامته من قبل ممثلي الشعب، فكانت الشورى والديمقراطية ديدن المسار والمسيرة، وهكذا راحت قيم ومفاهيم جديدة تسود منها حالة الحوار الذي أخذ طريقه لجميع المسميات السياسية الوطنية التي راحت تشارك في حوارات وطنية لم يبعد عنها حتى طلاب اليمن في الخارج الذين شاركوا عبر الوفود الطلابية في حوار سياسي عميق وهادف، لتسفر كل هذه الرؤى عن ثقافة حوارية لم تكن قبل ذلك الوقت معتمدة ولا يؤخذ بها، لكن فخامة الرئيس/ علي عبدالله صالح جعل الحوار قاعدة للحكم والإدارة السياسية، وكان في هذا سر عظمته وعظمة عهده، ولأنه كذلك فقد جاء نجاحه استثنائياً ومتميزاً ونافعاً للوطن والمواطن والمسار والمسيرة، وبه وصلنا إلى إنجاز أهم أهدافنا وتحولاتنا وهو الوحدة اليمنية والتنمية الحضارية الشاملة، ويحسب لفخامة الأخ الرئيس تمسكه بلغة الحوار حتى اللحظة، ولأنه كذلك فقد تمكن من تجاوز الكثير من الصعاب والتحديات. . . فتحية لصانع المجد في يوم المجد، وتحية لرائد التحولات التنموية في ذكرى انطلاق المسيرة التنموية، وطوبى لوطن وشعب تحكمه حكمة علي عبدالله صالح.