حسن بن حسينون
هدفها هذه المرة السودان والشعب السوداني، وبالأخص الرئيس/ عمر حسن البشير، فمن خلال هيمنتها المطلقة على مجلس الأمن والمنظمات التابعة له، إضافة إلى تشابك المصالح مع كل من فرنسا وبريطانيا اللتين غابت عن إمبراطوريتيهما الشمس منذ زمن طويل لتحل بعدهما إمبراطورية الشرفي الولايات المتحدة الأمريكية التي يهيمن على جميع سياساتها المحافظين الجدد أو الاتجاه المسيحي الصهيوني المتطرف الذي ظهر إلى الوجود علناً على يد الرئيس الأميركي الأسبق رونالدر يجن، لعب الصهاينة واللوبي الصهيوني في أميركا الدور الأساسي في بروز هذا الإتجاه إلى حيز الوجود بعد أن أصبح ماسكاً بأهم مفاصل الحياة في الولايات المتحدة "سياسياً واقتصادياً وثقافياً وإعلامياً" حتى أصبح معروفاً لدى الأمريكيين وبقية شعوب الأرض أنه لا يمكن لأي أمريكي أن يصل إلى أي منصب من المناصب الحساسة إذا لم يكسب رضاء وود وموافقة اللوبي الصهيوني ممثلاً بمنظمة الأيباك والكيان الصهيوني في فلسطين، وذلك لما للصهيونية العالمية من نفوذ طاغ ليس في أميركا فحسب، وإنما في العديد من بلدان أوروبا خاصة فرنسا وبريطانيا، والدليل على ذلك الضغوط التي تمارسها ضد كل من يعادي السياسة الصهيونية في فلسطين، ومن أهم الدلائل على ذلك النفوذ أن كل المرشحين للرئاسة الأميركية يتنافسون أثناء الحملات الانتخابية على كسب أصوات اليهود والتعهد بحماية إسرائيل الذي أصبح من أولويات جميع المرشحين أكان ذلك في الماضي أو الحاضر، دفاعاً عن ذلك الورم السرطاني الخبيث الذي ابتلت به شعوب الأرض قاطبة والشعوب العربية على وجه الخصوص والذي اختار الرؤوس قبل الأطراف، وتحت سطوته وجبروته وجبروت إمبراطورية الشر تهاوت وتدحرجت تلك الرؤوس، ومنها ما زال حياً يرزق بعد أن قدم الولاء ودخل بيت الطاعة خوفاً على حياته ومستقبله ومستقبل كرسي الحكم، ومنهم من فقد حياته وكان أخرهم الرئيس/ صدام حسين بالإعدام شنقاً وشاهده العالم كله عبر الفضائيات.
ومن أغرب تلك السياسات العدوانية ما يتعرض له اليوم الشعب السوداني والرئيس السوداني على يد إمبراطورية الشر من خلال هيمنتها على مجلس الأمن، ولكونها من ضمن الدول التي رفضت التوقيع على معاهدة روما، فأوعزت إلى حليفتيها فرنسا وبريطانيا في مجلس الأمن على توجيه مذكرة إلى رئيس محكمة الجنايات فأصرت فيها بإصدار أمر قضائي بالقبض على الرئيس السوداني عمر حسن البشري بتهمة ارتكابه جرائم حرب.
أي مجلس أمن هذا الذي نتعامل معه وكأنه أحد دوائر البيت الأبيض يؤمر فيطيع؟؟؟ أما في حالة خروج رئيسه عن الطاعة فسيكون مصيره مصير الأمين العام السابق لمجلس الأمن بطرس غالي الذي وقف ضد إسرائيل عندما ارتكبت مجزرة قانا اللبنانية التي ذهب ضحيتهم العشرات من اللاجئين الفلسطينين الذين لجأوا إلى مقر الأمم المتحدة لحمايتهم من العدوان الإسرائيلي، فاستخدمت إمبراطورية الشر نفوذها بحق بطرس غالي.
ولو كان هناك مجلس أمن حقيقي وعادل ولو كانت هناك عدالة دولية لكان جميع الرؤساء الأمريكان منذ أن احتل العراق الأنجلو – سكسوني القارة الأمريكية كما أطلق على تسميتها وإبادة شعوبها الأصلية واستعباد شعوب القارة الأفريقية، وحتى الرئيس الحالي جورج بوش الابن هم من يجب القبض عليهم وتقديمهم للعدالة وقطع رؤوسهم بالمقاصل وإقامة المشانق لأعناقهم ومعهم القادة الصهاينة في الكيان الصهيوني بدءاً بالإرهابي بن جوريون وحتى رئيس الوزراء الحالي أو لمرت جراء المذابح والمجازر الجماعية التي ارتكبوها بحق العرب والشعب الفلسطيني، وكذلك تعويض الشعوب والبلدان التي استعمرتها كل من بريطانيا وفرنسا - الشعوب التي تعرضت للجرائم والفضائع من قبل المستعمرين الغزاة.
ولولا تواطؤ حكومات بعض البلدان العربية لما تجرأت الإدارة الأميركية ومن يتحالف معها على غزو العراق بالحرب العدوانية واحتلاله والسير على طريقة إبادة شعبة مثلما فعلت عندما أبادت الشعوب الأصلية في أميركا وغيرها، ولما أقدمت على شيء بحق الرئيس السوداني عمر حسن البشير.
لن تصحوا الحكومات العربية التي تسير في فلك السياسة إلا بعد أن تفيق من سباتها وتعود إلى سيرتها الأولى سيرة الآباء والأجداد في مطاردة زواحف الصحارى العربية والبحث عن الماء والكلأ بالتنقل والترحال نحو أماكن هطول الأمطار، وبالغوص في أعماق البحار بحثاً عن حبة لؤلؤ وسط أكوام من الصدف بالأطنان.
وإن كل ما مر عليهم في سنوات الثراء والطفرات النفطية ما هو إلا حلم جميل مر عليهم وهم يغطون في نومهم ليجدوا أنفسهم أخيراً في صحاريهم، لا ماء ولا كلأ، لا أمريكي ولا فرنسي أو بريطاني أو غيرهم من الأجانب الذين كانوا يصولون ويجولون في الأرض العربية، ينهبون الثروات ويضحكون على الأغبياء والسذج والمخدوعين من العرب وحكام العرب.
"فما أصابكم من شيء فمن الله، "والله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" صدق الله العلي العظيم.
وخلال العقود القليلة الماضية فإن من أخطر السياسات العدوانية الأمريكية ضد العرب والمسلمين حتى ولو كانوا من الأصدقاء هي خلق وغرس ودعم واحتضان معارضات في أكثر من قطر عربي وتحريضها على معاداة الأنظمة والحكومات، وحمل السلاح في وجهها عندما يحين الوقت المناسب بإعطائها الضوء الأخضر... الهدف من ذلك الدعم والتحريض واستخدام السلاح بعد تأليب الرأي العام المحلي والعربي والدولي ومختلف المنظمات الدولية الهدف أن يكون ردة فعل الحكومات المستهدفة قاسياً ضد المتمردين، عند ذلك تجد الإدارة الأميركية فرصتها الثمينة للانقضاض على هذا البلد أو ذاك وبمختلف الادعاءات والذرائع الزائفة، ومن الأمثلة على ذلك ما حدث ولا يزال يحدث في العراق وأفغانستان، جربت ذلك في لبنان لكنها فشلت فشلاً ذريعاً، وأيضاً في فلسطين، وما لم تع الشعوب والحكومات العربية لهذه السياسات الأميركية الشيطانية فإن الحبل على الجرار.
وحول تقرير الخارجية الأميركية عن حقوق الإنسان في اليمن الذي صدر مؤخراً وما تضمنه من مغالطات فلنا وقفة قادمة معه حتى يتم كشف وتعرية هذه المغالطات المعروفة نواياها وأهدافها وألاعيبها الخبيثة.