شكري عبدالغني الزعيتري
أثناء الحرب وطبولها تقرع في تموز2006م باعتداءات عسكرية وحشية وشرسة على لبنان وشعبه من قبل القوات العسكرية الإسرائيلية ولمختلف فصائلها ووحداتها "الجوية والبحرية والبرية وعدتها وعتادها، ظهر الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في عدة خطابات متلفزة إلقاءها أثناء مجريات الحرب القذرة واعتداءاتها على لبنان وشعبه واثقاً كل الثقة وبمعنويات عالية ومرتفعة ومنقطعة النظير.. لم نشهدها أو نسمع عنها لدى أي قائد عسكري أو سياسي قاد حرباً سواء في الغرب أو الشرق وقال سننتصر في هذه الحرب.. وحقاً كان الانتصار.. وفي خطاباته التي ألقاها بعد الحرب كانت لا تخلوا عن طرح الوعود لأسر الأسرى وللشعب اللبناني والعرب وأمة الإسلام بأنه سيطلق أسر الأسرى من السجون الإسرائيلية وبثقة عالية وكأنه يمسك بزمام المفاوضات وهو الأقوى في التفاوض وأنه سينتصر في المفاوضات غير المباشرة على العدو الإسرائيلي.. بل كان يسمي أشخاص الأسرى اللبنانيين الذين يطالب بإطلاق سراحهم وتسليمهم وإخراجهم من سجون العدو الإسرائيلية "سمير القنطار وزملائه" وبأنه سوف يتم إطلاق سراحهم.. وبالأمس القريب الأربعاء الموافق 16/يوليو/2008م شهدنا عملية تبادل الأسرى بين حزب الله اللبناني وبين العدو الإسرائيلي إذ تم تسليم العدو الإسرائيلي لجثمان ورفات"مائتي شهيد" من شهداء حزب الله ولبنان والعرب إلى حزب الله اللبناني.. رحمة الله عليهم وأسكنهم فسيح جناته والفردوس الأعلى .. وتسليم خمسة أسرى لبنانيين أحياء هم نفس الأشخاص الذين سماهم الأمين العام لحزب الله وطالب بإطلاق سراحهم" سمير القنطار وزملائه" مقابل تسليم جثمان اثنين من الجنود الإسرائيليين تم تسليمهم لإسرائيل.. حقاً أوفى الأمين العام لحزب الله السيد نصر بوعده وكان حقاً وعده صادقاً كما عهد ناه وعرفناه بوعوده التي يطلقها ويصدق بالوفاء بها.. وبهذا فإنه تحقق الانتصار الثاني لحزب الله وللبنان والعرب والأمة الإسلام الشرفاء.. إذ كان الانتصار الأول هو الانتصار حزب الله في حرب تموز 2006م على الجيش الإسرائيلي الذي قيل عنه بأنه الجيش الذي لا يقهر حسب مفهوم الاستراتيجيات العسكرية"الانتصار بدون حرب عسكرية حرب نفسية" ونظرياتها.. والتي كان يخرجها ويطرحها العدو الإسرائيلي من خلال داعمه وهو اللوبي الصهيوني المتواجد في الولايات المتحدة الأميركية والغرب وعبر وسائل إعلامه المسيطر عليها في أميركا وعبر دعم الإدارة الأميركية، ومن المؤسف فقد كان يروج لهذه الإستراتيجية العسكرية بعض القادة العرب وزعامات عربية ظهر لديها العمالة والارتزاق وترسبت هذه الإستراتيجية العسكرية كسلاح معنوي أثرت على كثير من شعوب العالم العربي والإسلامي بل والعالم ممن هم ضعفاء النفوس والإيمان بالله.. وهنا وفي خضم هذه الأحداث يثبت لنا التاريخ ومجرياته صدق ما قاله الرئيس الزعيم الرحل/ جمال عبد الناصر حين قال:"ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة.."
وهنا وفي خضم هذه الأحداث تمحى الآثار السلبية والنفسية التي انعكست بعد وقوع الانتكاسة للعرب في الاعتداءات التي قام بها العدو الإسرائيلي على العرب في حرب 1967م وفيها تم احتلاله للضفة الغربية بفلسطين المحتلة والجولان السورية وسيناء المصرية.. إذ بعدها استمرت الإستراتيجية العسكرية كسلاح معنوي "الانتصار بدون حرب عسكرية حرب نفسية" ونظرياتها "القوة التي لا تقهر" حتى عام 2006م حين انتصر حزب الله اللبناني على العدو الإسرائيلي في تلك الحرب واسقط هذه الإستراتيجية العسكرية وكسلاح معنوي لدى إسرائيل ..وهنا وفي خضم هذه الأحداث أيضاً تم إماطة اللثام عن العملاء والعمالة لصالح إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية ودول غربيه، إذ كانت حرب تموز 2006م امتحان وتمحيص وغربلة ليظهر للأمة العربية والإسلامية "الوطني والقومي من العميل والمرتزق.. وليظهر الصديق من العدو.. وليظهر المصلح من المخرب"، وأخيراً أكتب ما جاء على لسان عميد الأسرى اللبنانيين والذي قضى ثلاثين عاماً في سجون العدو الإسرائيلي - الأسير المحرر سمير القنطار حيث قال بأنه قيل له ورداً على كلامٍ صدر أحد سجانيه الإسرائيليين في السجن وبخصوص وعود الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله لإطلاق سراحه بأن قال السجان الإسرائيلي للأسير اللبناني سمير القنطار لم يخلق من سيخرجك من السجن.. واختتم بقول الشاعر اليمني محمد محمود الزبيري الذي قال: "إن القيود التي كانت على قدمي... صارت سهاماً من السجان تنتقم".