محمد أمين الداهية
هناك صرخة دفينة في صدر كل شاب وشابة من الذين لم يحالفهم الحظ ليكونوا في يوم من الأيام ممن يطلق عليهم متزوجون، ويحول دون خروج هذه الصرخة صبر قوي وكتمان شديد حتى وإن فكر هؤلاء الشباب أن تخرجوا هذه الصرخة من صدورهم ليسمعوها أولئك الآباء الذين سيطر عليهم الجشع والطمع، فهم يعرفون أن صرختهم لا تجدي نفعاً ولن تحرك ساكناً، فقد صرخ من كان قبلهم فلم يجدوا إلا آذاناً صماء ومشاعر جامدة فلم يكن بوسعهم إلا أن رضخوا للأمر الواقع وقد ينتهي بهم العمر وهم ينتظرون لحظة الفرج وفك الحصار عن القفص الذهبي الذي يحتكره آباء وأولياء أمور جعل الطمع منهم حجر عثرة أمام كل شاب وشابة يسعيان ويحلمان باليوم الذي يزوران فيه هذا القفص الذهبي. إن البعض من أولياء الأمور يعتقد ويظن في قرارة نفسه أن بناته تجارة يجني من خلالهن مبالغ باهظة، فمن يملك المال الذي يسد به جشعه هو من يستحق هذه الفتاة دون النظر إلى أخلاق من سيسلم له هذه الفتاة البريئة ولا سنه ولا حتى من هو ومن أين أتى، المهم أن هذا الأب الظالم قد نجح في إرساء المزاد وحسب طلبه، يا أيه الآباء ويا أولياء الأمور إن هذه الفتاة أو البنت أمانة في أعناقكم وستحاسبون أمام الله عز وجل عن هذه الأمانة الغالية، فأي ذنب جنته هذه الفتاة لتصبح في يوم من الأيام في قائمة العنوسة؟! لماذا بعض الآباء كالصخور الصماء؟! لا تعقل ولا تعرف شيئاً عن ما تعانيه الفتاة من ظلم وكتب مشاعر وإحباط، إضافة إلى شعورها بالخذلان من قبل والدها الذي اعتبرها سلعة، وأيضاً الشباب الذين عجزوا أن يجدوا حلاً لجشع هؤلاء الذين يجازفون ببناتهم دون أدنى رحمة أو مسؤولية، المال ليس كل شيء، شرف الفتاة وكرامتها واستقرارها وضمان تزويجها بمن يستحقها ويحافظ عليه من أهم ما يجب أن يراعى، فعندما يختار ولي أمر الفتاة الشاب الذي يثق بأنه سيرعى ابنته حق الرعاية وسيحافظ عليها كوالدها بل أعظم، فمثل هذا الشاب يشترى ويراعى في كل متطلبات الزواج الذي تفرضه عادات وتقاليد المجتمع، أما من يرغمون بناتهم على الزواج بأشخاص مجهولين لا يعرف شيء عن سلوكهم وأخلاقهم، وقد لا يستحقون أبداً هذه الفتاة البريئة المرغمة، فنقول لمثل هؤلاء الآباء اتقوا الله في بناتكم ولا تشتروا سعادتكم بتعاستهن، وأيضاً هناك رسالة يريد أن يوجهها جميع العاقلين والخيرين الذين يحلمون بمجتمع آمن ومستقر خال من الفساد الأخلاقي والأمراض المعدية.
وخلاصة هذه الرسالة: إلى كل الشرفاء من أولياء الأمور أن مجتمعنا اليوم يعاني الكثير من الفساد والدمار الأخلاقي الذي أصاب شباب المجتمع وشاباته، والسبب الأول هنا الانفلات الأخلاقي وعدم قدرة الشباب على الزواج بسبب غلاء المهور ومتطلبات الزواج، الذي يعيق الكثير من الشباب ويصيبهم بالإحباط ويسبب ضعف الوازع الديني والأخلاقي ويسيطر على أغلبهم الشيطان ويسهل لهم الطريق إلى الانحراف مما يؤدي إلى دمار المجتمع أخلاقياً وشيوع الفاحشة ووقوع الكثير من البريئات في شباك عديمي الضمير من الشباب الفاسد الذين يجدون الطريقة المناسبة للسيطرة على بعض الفتيات من خلال الوعود الكاذبة والأحلام الزائفة، ولكي ننقذ مجتمعنا ونحافظ على شبابه من الفساد الأخلاقي فلا بد أن نسعى إلى طرق الوقاية والحفاظ على هؤلاء الشباب حتى ننعم بمجتمع سليم وآمن أخلاقي.