;

البطالة... وآثارها الاقتصادية والاجتماعية 2450

2008-07-27 11:26:00

شكري عبد الغني الزعيتري

جاء في علم الاقتصاد تعريف البطالة: بأنها تعطل الفرد القادر عن العمل رجلاً كان أو امرأة ومن هو في سن العمل بسبب الاستغناء عنه في عمل سابق كان يمارسه أو بسبب عدم توفر فرص العمل للمؤهلين له والقادرين عليه، ولم تعرف البطالة بوصفها مشكلة اجتماعية أو اقتصادية إلا بعد حلول الآلة محل اليد العاملة وإذا وضحت الإحصائيات في اليمن لعدد من غير الناشطين اقتصادياً أي الذين لا يعملون "6574000" نسمة من عمر "10 سنوات فأكثر" من إجمالي السكان والتي جمعت في التعداد السكاني لعام 2004م ومن أسباب حدوث البطالة:

(1)- تدخل الدولة في السير العادي لعمل السوق الحر وخاصة فيما يخص تدخلها بفرض ضرائب وأعباء مالية على الأجور للعاملين والذي بدوره يؤدي إلى ارتفاع الأجور وبالتالي ارتفاع تكلفة الإنتاج.. إذ أن تخفيض الأجور والضرائب هما الكفيلان بتشجيع الاستثمار وبالتالي خلق الثروات وفرص العمل.

(2)- التزايد المستمر في استعمال الآلات والتي تؤدي أيضاً إلى ارتفاع الإنتاجية مما يستدعي خفض مدة العمل وتسريح العمال.

(3)- التزايد السكاني إذ أن نسبة النمو السكاني في اليمن "3.5%" من إجمالي عدد السكان وتعتبر اليمن من الدول العربية ذات المراكز الأولى في نموها السكاني.

(4)- تفشي الأمية والجهل الذي يعاني منه المجتمع اليمني وإذ أن نسبة الأمية في اليمن تعد من أعلى النسب في العالم حيث تصل نسبة الأمية في اليمن بين الإناث إلى سبع إناث أميات من بين كل عشر إناث ممن أعمارهن "15 سنة وأكثر" مقابل ثلاث ذكور أميين من بين كل عشرة ذكور ممن أعمارهم "15 سنة وأكثر.

(5)- التوجه نحو تعليم العلوم الإنسانية وبشكل كبير كونها الأسهل والأسرع والأقل تكلفة لدى كثير من الطلاب بعد الثانوية العامة والتي لا تتناسب مع حاجة المجتمع لأنواع المهن والتعليم الذي يتطلبه وواقع سوق العمل في كل مرحلة زمنية.

ومن الآثار السلبية لظاهرة البطالة ما يلي:

أولاً: على المستوى الشخصي: مما لا شك فيه إنه بفقدان العمل أو تعذر الحصول على الوظيفة المناسبة يفقد الفرد أهم مصدر من مصادر الدخل الضروري له، لتأمين شروط الحياة الكريمة والآمنة له ومن يعيلهم، وقد يدفعه هذا تحت ضغط العوز المادي والحاجة الملحة للمال إلى الاتكال على الغير لسد حاجاته المعيشية اليومية وهذا ما يثير مشاعر الدونية والانتقاص من الذات إلى جانب مشاعر الإحباط والإحساس بالفشل، كما أن الفرد العاطل عن العمل غالباً ما يفقد الشعور بقيمة الحياة المنتجة ولا تخفى على أحد المظاهر الانفعالية السلبية التي ترافق هذه المشاعر والأحاسيس كالغيرة والحسد ومشاعر الكراهية واليأس وإساءة الظن بالبيئة الاجتماعية بشكل عام هذا فضلاً عن حالات الاكتئاب التي تأخذ بتلابيب الفرد وتشل ما بقي من نشاطه وفاعليته، وتعد هذه الأعراض من وجهة نظر علم النفس وعلم الاجتماع مقدمات بالغة الأهمية للانزلاق في عالم الانحراف والجريمة والسقوط في شراك السلوك المضاد للمجتمع، وتحول المؤهل العاطل من شخصية إيجابية ومنتجة إلى شخصية مضطربة وسلبية وعامل هدم للمجتمع...

ثانيا: على المستوى الأسري: يتمثل هذا المستوى في الحالات التي يكون العاطل فيها مسئولاً عن إعالة آخرين من أفراد أسرته سواء كان أباً وزوجاً أو يكون مسئولاً عن إعالة والديه أو أشقائه أو كليهما معاً وسيؤدي هذا إلى آثار من نوع آخر تتعدى المستوى الشخصي، لتنعكس بصورة مباشرة على الحياة الأسرية بشكل عام وتتحول إلى عوامل هدم وتدمير للروابط الأسرية الإنسانية الضرورية لتماسك الأسرة وحمايتها من شرور التفكك الأسري ومن ثم تحول الأسرة عن دورها الإنساني كمؤسسة للتنشئة الاجتماعية السليمة إلى مصدر خطير من مصادر الانحراف والاضطراب والتهديد للبيئة الاجتماعية.

ثالثاً: على المستوى الاجتماعي والاقتصادي: تتمثل مخاطر البطالة في أسوأ أشكالها بآثارها التي تنعكس بشكل أو بآخر على البيئة الاجتماعية والتي تشكل في حالات كثيرة تهديداً جدياً ومباشراً للأمن الاجتماعي ومن بين هذه المخاطر ما ينتج عن البطالة من تدني خطير في معدل دخل الفرد وتدهور قدرته الشرائية وما يترتب على هذا من نتائج غير حميدة لعل بعض مظاهرها تباطؤ حركة التنمية وتراجع النشاط الاقتصادي العام وهذا يعني ضخ أفواج جديدة من العاطلين مما يزيد من تفاقم الأزمة واتساع دائرتها وتزايد مضاعفاتها ومثل هذا الحال هو بعض ما يعاني منه مجتمعنا اليمني في الحاضر كما تعد ظاهرة الهجرة بشقيها الداخلي والخارجي وهي واحدة من إفرازات البطالة مثلاً آخر من الأمثلة الكثيرة للآثار الاجتماعية والاقتصادية السلبية للظاهرة فغالباً ما يضطر العاطلون إلى البحث عن فرص عمل مناسبة، بعيداً عن محيطهم الأسري أو الاجتماعي، وليس خافياً ما ينطوي عليه هذا من آثار سيئة غالباً ما تجر على كل من الفرد والأسرة والمجتمع نتائج غير محمودة العواقب وتعكس الهجرة إلى خارج الوطن والذي يلحقه غياب رب الأسرة عن أبنائه وغياب تربيته لهم آثار نفسية وأخلاقية سلبية حتى تفقد الأسرة "رأس هرمها" فضلاً عما تقدم ذكره وتعكسه الهجرة الخارجية بهدر القوى العاملة والتفريط بها إذ يهاجر أبناء اليمن وخاصة العناصر الشابة القادرة على العطاء للإسهام في بناء وتعمير بلدان غير بلدهم اليمن وخاصة منها قوى العمل الماهرة والتخصصية.. ومن بين النتائج الأخرى التي أفرزتها البطالة في المستوى الاجتماعي والاقتصادي في وطننا اليمني ما يرتبط بالأمن الاجتماعي ومصادر السلوك الجنائي فتحت ضغط الحاجة ووطأة الفراغ ومشاعر الاغتراب والتيه داخل الوطن وخارجه إلى جانب عوامل أخرى سبق ذكرها في المستويين الأول والثاني إذ يكون العاطل أكثر من سواه استعداداً وميلاً للوقوع في شراك الجريمة، وغالباً ما يكون العاطلون هدفاً هيناً وصيداً سهلاً لشبكات الجريمة المنظمة بكل أبعادها واتجاهاتها ومخاطرها وشاهد على  ذلك الاعتداءات والتفجيرات وأعمال الإرهاب التي حدثت وتحدث على مصالح الوطن اليمني عامة في بلدنا اليمن...

رابعاً: على مستوى السلطة والمجتمع: تعد البطالة بتداعياتها المختلفة مصدراً من مصادر التوتر الاجتماعي، وعاملاً فاعلاً من عوامل تأزم العلاقة بين السلطة والمجتمع وهي في جملتها نذير شؤم يتهدد الروابط والبنى المؤسسية لكليهما وبدلاً من أن تكون العلاقة بين هذين القطبين كما هو مأمول علاقة شد وتجاذب إيجابي فإنها تغدو علاقة تتسم بالتذبذب تحكمها أو تتحكم بها تجاذبان غير محمودة العواقب... وغالباً ما تضطر السلطة بدواعي تأمين مستلزمات الأمن الاجتماعي إلى إجراءات قضائية أو أمنية لا تخلو من العنف قد تؤدي في حالات كثيرة إلى خلق بؤر للصراع تترك آثارها السلبية على الطرفين ولعل أقل نتائج هذا الصراع تزعزع الثقة بين مؤسسات الدولة ذات العلاقة وبعض شرائح المجتمع المعنية بتلك الإجراءات هذا فضلاً عما تتكبده السلطة من خسائر مادية لتمويل برامجها الأمنية للحد من الجريمة وملاحقتها وإصلاح من تورط في السلوك الإجرامي.. وهي خسائر يتحمل الاقتصاد الوطني اليمني أعباءها الثقيلة...

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد