محمد أمين الداهية
البطالة وباء إجتماعي يصيب أفراد المجتمع فيجعلهم مصدومين نفسياً، يسيطر عليهم القلق والاكتئاب والخوف من المستقبل، وتتواجد هذه الأعراض بكثرة عند الأشخاص العاطلين والذين يعولون أسراً. إن البطالة من أخطر العوامل التي تؤدي إلى انتشار الجريمة وبالذات لدى الأفراد الغير متعلمين أو ذوي التعليم المتدني. .
فمثل هؤلاء سرعان ما يلجؤون إلى إحدى وسائل الإجرام: ك"السرقة، المتاجرة بالممنوعات، العصابات والشلليات، قطع الطريق" والأخطر من ذلك كله الجماعات المتطرفة التي تستغل هذه الظاهرة وتستغل قصور الوعي عند الغالبية من من يشكلون ظاهرة البطالة، فتقدم لهم يد العون الخبيثة وتستقطبهم وتغرس فيهم مبادئها وأفكارها اللعينة ثم تستخدمهم بعد أن تكون قد جهزتهم تماماً لتنفذ من خلالهم أعمالاً إجرامية ضد الإنسانية. .
وما نسمعه ونراه من أعمال إرهابية جبانة ينفذها معدومو الضمير لدليل واضح على قصور الوعي والتعبئة الخاطئة التي يتلقاها هؤلاء أعداء الحياة، وإن من يقوم بهذه الأعمال قد أحكم السيطرة على عقولهم حتى وإن كانوا على مستوى جيد من التعليم، فالتعبئة الإجرامية والأفكار الهدامة قد غزتهم واستحوذت عليهم تماماً. إن الشباب اليوم يشكون ألم البطالة وحرقتها ويخافون من مصير مجهول إذا استمر بهم الوضع على هذا الحال، وأكثر ما يشكون عندما نقول لهم لماذا لا تتجهون إلى الشركات والمصانع الخاصة التي تقبل التوظيف دون اشتراط المؤهل، فيردون قائلين إن غالبية الشركات والمصانع الخاصة تستغل ظروف وأوضاع الشباب واحتياجاتهم للعمل فتفرض عليهم شروطاً وأنظمة قاسية إضافة إلى مرتب زهيد تقرره لمن يرغب بالعمل لديها. صحيح أن هذه الشركات والمصانع لا تشترط المؤهل لقبول التوظيف لكن ذلك لا يعطيها الحق بالكد بموظفيها واستنزاف طاقاتهم مقابل أجور ربما لا تستطيع توفير أبسط متطلبات الحياة، فهذه الظاهرة في بعض الشركات والمصانع تجعل الأفراد يفضلون البقاء دون عمل، وأيضاً هناك من يشكون قلة المشاريع الاستثمارية ومحدوديتها ودورها في توفير فرص عمل للشباب ضعيف جداً، وغالباً ما تكون أولوية التوظيف في بعض المشاريع الاستثمارية للأجانب، يتمنى الكثير من الشباب العاطلين أن توجد مشاريع استثمارية قوية تخدم الوطن والمواطنين كالمصانع بمختلف الجوانب، واستغلال المساحات الشاسعة لإقامة مشاريع زراعية ضخمة يستفيد منها غالبية الشعب. .
كما نتمنى أن يكون هناك المزيد من الدراسات والبحوث حول البطالة وتطبيق المعالجات والحلول المناسبة لهذه الظاهرة على الواقع، ويجب أن يكون هناك تعاون بين مختلف الجهات والمنظمات لدعم دراسة هذه الظاهرة والحد منها، وأيضاً وسائل الإعلام يجب أن تفعل من دورها في نشر الوعي الذي يحتاجه الكثير من الذين يعانون صراعاً مستمراً مع ظاهرة البطالة، أما الشباب الذين عجزوا أن يجدوا أعمالاً فيجب عليهم أن يصبروا وأن لا يقفوا مكتوفي اليدين. .
فباستخدام العقول تظهر الحلول؛ فبإمكانهم عبر الجمعيات والقروض الشرعية الغير ربوية أن يبدؤوا وأن يكونوا لأنفسهم مشاريعاً صغيرة والتي قد ربما من خلالها يبدعون ويتألقون ويكونون كمن سبقهم من رجال الأعمال الذين بدؤوا من نقطة الصفر، وأيضاً يجب على كل شاب عاقل يعرف الحلال من الحرام ويميز الخير من الشر أن يحمي نفسه وأن يحذر أن يكون في يوم من الأيام أداة يستخدمها أعداء الإنسانية للفتك بوطننا الحبيب وأبنائه.