;

أحياء... ولكن أموات 1116

2008-08-03 03:58:32

شكري عبد الغني الزعيتري

قيمة المرء بما أنجزه وأعطاه ويقدمه من أعمال ومنجزات.. سواء لأسرته.. أو لذي قرابته.. أو لمجتمعه، أو لشعبه.. أو لعالمه الواسع.. فحياة المرء تعد عند الله سبحانه وتعالى.. وعند خلقه بأعماله الطيبة والمثمرة التي يقدمها.. ويفيد بها غيره.... فيظل هذا النوع من الناس شخصيات تذكر على الملأ.. وعطاؤهم وما قدموه ولا تنسى.. ويسجل لهم التاريخ السيرة المعطاءة والخبرة وطيلة تتابع الأجيال ممن يستفيدون من عطائهم وأعمالهم وابتكاراتهم وما أنجزوه وقدم لمن حولهم ومن بعدهم سوى على المستوى العام.. أو العطاء على المستوى الخاص الأسري، فمثلاً ما يقدمه الآباء للأبناء أو لذي القربى يظل أيضاً عطاء يذكر لدى آخرين يستفيدون منه وإن كان على المدى والنطاق القصير، وفي حدود الضيق لعدد المستفيدين... فعندما يعطي الأب أو تعطي الأم لأبنائهما عطاء يملؤه.. الحب.. والحنان.. والود.. والمبادئ.. والأخلاقيات.. وكذا الاحتياجات المعيشية من المأكل والمشرب والملبس.. ويستمر هذا العطاء حتى يكبر الأبناء ويكونوا صالحين ويبدأ عطاء الأبناء.. فيكون ذكر الآباء عند الأبناء ويظل في حياة الأبوين بأن يحسنان بمعروف إليهما عند هرمهما وشيخوختهما وعجزهما.. ويمتد الذكر وعطاء الأبناء للآباء بعد ممات الأبوين بأن يدعوان لهما خيراً ويكسبوهما الأجر عند الله تعالى.. إذ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يموت ابن آدم وينقطع عنه سائر عمله إلا من ثلاث: علم نافع.. وصدقة جارية.. وولداً صالح يدعو له..".

وهناك عطاء وذكر من نوع آخر بأن يعطي الفرد علماً نافعاً ينفع أمته أو العالم أجمع وفي مجال أو مجالات متعددة، فهناك الكثير من العلماء ممن تركوا بصمات واضحة وناصعة ولا ننسى أعمالهم وإنجازاتهم واختراعاتهم التي تستفيد منها أجيال وأجيال.. لأن الأجيال المتتابعة وعلى مر السنين تتعامل وتستخدم وتستفيد من أعمالهم ومنجزاتهم.. ونوع ثالث من الذكر والعطاء وهو محصور لدى أصحاب المال من الأغنياء والمقتدرين مالياً وهي الصدقات الجارية بأن يكون عطاء الرجل في مبنى خيري عام كبناء مدرسة أو مسجد أو الإسهام في تعليم طلاب.. أو تربية أيتام... هؤلاء الرجال شخصيات تضع بصماتها في تاريخ الإنسانية ويسجل لها التاريخ الذكر لأعمال صالحة ومفيدة ويستفيد منها أجيال عند حياتهم وبعد مماتهم.. ويرضى الله سبحانه وتعالى ورسوله عنهم يثيبهم... وفي المقابل تعال لنرى نوعاً آخر من الناس ليس لهم عطاء سواءً لأسرته.. أو لمجتمعه.. أو لعالمه.. وإنما يأخذ فقط وبأنانية ولنفسه فقط.. إذ ترى هؤلاء الناس يجمعون المال.. ويبخلون في صدقة أو في عطائهم لأعمال تفيد أسرهم أو مجتمعاتهم.. بل يذهب البعض إلى حرمان أبنائه وأسرته إذ يكون بخيلاً حتى عليهم..

وآخرين من أولئك مانعي العطاء يتعلمون العلم ولا يفيدون به أحد بأن ينقله لآخرين ويعلمونهم مما تعلموا ويفيدون وينفعون غيرهم.. ويكتفي بأن يحصروا أنفسهم وعلمهم في نطاق ضيق بوظيفتهم الروتينية اليومية ويبقبي عليهم محصوراً ويعطي فقط مقابل الحصول على راتب شهري يعيش به.. بينما يكون لديهم من العلم التخصصي وفي مجالات معينة أو المعرفة والثقافة العامة ما يمكن أن يفيدوا به الآخرين ويكون لهم بصمات ولأعمال خيرية وصالحة.. هذا النوع من الناس هم أحياء.. ولكنهم أموات في أنظار مجتمعاتهم سوى الضيقة الأسرية أو الواسعة العامة.. لأنهم لم يفيدوا ولم يعطوا شيئاً.. بل هناك اليوم من هو أحط وأدنى من هؤلاء الناس وهم الأشخاص الذين يأخذون ولا يعطون ويلحق ما أخذوه على العامة والمجتمع بالضرر.. فهناك من يسرقون المجتمع بأسره.. ويجمعون المال على حساب عذابات ومعاناة شعب بأسره ويتسببون بإلحاق الأضرار الفادحة بالبلد والمجتمع "مستغلون لمكانتهم الوظيفية والمجتمعية العالية والمرموقة".. إذ أنهم يفرطون بأشياء ثمينة وقيم إنسانية وأخلاقيات ومبادئ.. ويفرطون بإنجازات وأعمال صالحة تفيد المجتمع والشعب ويفرطون بكفائتها مقابل سعيهم للحصول على فتات المال من عمولات من جراء هذه الأعمال التي يفرطون بكفاءتها ممثلة بالمشاريع العامة.. فمثلاً تجد من الأشخاص وممن هم ذوي مكانة وظيفية عامة عالية ويتمتعون بنفوذ وسلطات واسعة وبمرافق وجهات حكومية عامة خدمية أو إنتاجية.. يمكن أن يمنحوا مشاريع أو صفقات تجارية.. لتجار أو مقاولين.. ويكون تكاليف أو قيمة هذه المشاريع أو الصفقات التجارية مبالغ باهظة تستقطع من الدخل القومي للبلد ومن حياة ومعيشة ورفاهية شعب بأسره ويسلموا لأولئك التجار أو المقاولين لتنفيذ تلك المشاريع أو الصفقات التجارية.. وهم يعرفون بأن أولئك التجار أو المقاولين لن يقوموا بالوفاء وبمواصفات وجودة.. ومقابل ماذا "فتات من المال.. وعمولات بسيطة كرشوة" وبعد تنفيذ المشاريع الخدمية وتسليمها للجهات المعنية الحكومية.. وبعد انقضاء زمن قصير يلحق الضرر والتلف بجزئيات هذه المشاريع الخدمية هنا أو هناك وكثيراً ما ينتج التلف الكامل لبعض تلك المشاريع.. وإن كان التنفيذ لصفقات تجارية يتم شراؤها وبعد الشراء تظهر عيوب جمة "في السلع أو المعدات أو الآلات المشتراه من التاجر المنفذ للصفقات التجارية".. وبعد أن يكون قد دفع تكاليف المشاريع أو ثمن الصفقات التجارية مبالغ ضخمة وكبيرة تستقطع من موارد المجتمع والبلد والذي ينعكس بالمساس المضر بمصلحة ومعيشة وحياة ورفاهية الشعب اليمني... إذ يترتب على ذلك الإضرار بالاقتصاد الوطني والدخل القومي بالاستنزاف ويلحقه الإهدار.. أليس هؤلاء من الناس أيضاً ممن هم أحياء.. ولكن أموات بأعمالهم السيئة بل هم العذاب لأفراد المجتمع اليمني بأسره...

 

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد