محمد أمين الداهية
من أهم متطلبات الحياة واستمرارها التعايش الإيجابي والذي يعني علاقاتنا مع الآخرين بشكل عام ودون تحديد وفي أي مكان كان. إن الآخر هو شخص غيرك له نفس الخصائص والمميزات التي تمتلكها، إلا أن هذه الخصائص قد تتفاوت من شخص لآخر، لذ لك يجب أن نقيم الآخرين حتى على مستوى تخاطبنا معهم ومعاملاتنا، فمهما كان هذا الآخر فلا بد أن يشعر أنه إنسان وهناك من يهتم به ويقيم سلوكه ومعاملاته، قد يكون الآخر على صلة قرابة منك أو صلة زمالة، أو صداقة معك، لكنه يختلف عنك في الرأي أو الأهداف، وقد يكون الآخر غريباً عنا من وطن آخر أو من طائفة أخرى وحفرة مختلفة، إلا أننا في النهاية نحتاج لهذا الأمر كما أنه يحتاج إلينا أيضاً كي نتعاون في هذه الدنيا على درب التقدم وعلى تحقيق السلام على الأرض.
يجب أن نقبل الآخر قبولاً إيجابياً مع احترامنا لعقائده ومعتقداته، فهذا هو الذي يحقق السلام بين الناس. إن قبول الآخر علامة على نضج العقل ورقي التفكير، فكلما ارتقى عقل الإنسان زاد قبوله للآخر والعكس صحيح؛ لأن من كمال العقل ورزانته تقديره الآخرين واحترام آرائهم وقدراتهم، وأيضاً وجودهم كبشر، فمهما كانت الظروف ومهما كانت المواقف لا يمكن أن يستغني أحدنا عن الآخر، فالناس على هذه الدنيا كل يكمل الآخر، ولكل منا فائض من العاطفة يحتم علينا أن نشاركه مع الآخرين، ومن الضروري لنا أن نحب الناس لنجعل الحياة أيسر وأهون احتمالاً، كما أن عجلة الحياة لا تدور حتى تساهم في دفعها الكثير من الأيدي، ونحن جميعاً هذه الأيدي، فبعضنا يعتمد على بعض بشكل أو بآخر، ومن الحكمة أن يقوم الوفاق والحب بيننا وبين الآخرين بمختلف أشكالهم وانتماءاتهم، فالحياة تقوم على المصالح والمنافع المشتركة التي يقدمها منا للآخر بالطرق السليمة الخالية من الانتقاءات والتحديدات لمن يجب أن نخدمهم أو نتعامل معهم، لا بد أن يشمل الحب كل إنسان بعيداً عن التفرقة التي تقوم على الجنس أو درجة الثراء أو المظهر والهندام، ولا بد من أن يكون حبنا عملياً تجاه الآخر.
ولكي يكون حبنا عملياً يجب أن نبتعد عن الجرد وعن التمسك بكل قديم سلبي، فتحديد الفكر يتطلب الاستمرارية من ناحية شؤون الحياة وعلاقاتنا بالآخرين، يجب أن نفتح قلوبنا لمساندة الآخرين، فمهما اكثرت قدراتنا ومما قويت استعداداتنا الشخصية فإننا كبشر نحتاج دائماً إلى التشجيع من الآخرين، وأيضاً من يملك منا صفات وخبرات متميزة يجب أن يدعم بها الآخرين، وأيضاً يجب أن نفتح قلوبنا لطلب تعضيد ومساعدة الآخرين لنا، ولا ننسى أن نشعر بمسؤوليتنا عن الآخرين، فبحكم إنسانيتنا ووجودنا كأعضاء في المجتمع فنحن نعيش تفاعل مع الناس والعلاقة بيننا متبادلة، فكما نحن مسؤولون من الآخرين نحن أيضاً مسؤولون عنهم، وحتى نستطيع أن نشعر بالآخرين يجب أن نعامل الناس كما نحب أن يعاملونا.