محمد أمين الداهية
إن الحب من أكبر النعم التي قد يحصل عليها الإنسان، فما أجمل ذلك الشعور الذي ينعشنا عندما نشعر بأنا محبوبين ومرغوبين وصفاتنا تجلب الارتياح لمن نتعرف عليه أو يعرفنا، فالحب بمفهومه الشامل ليس شيئاً مجرداً وليس سلعة تباع وتشترى، ولا يمكن استبداله بشيء آخر، ولا يمكن لشخص أن يفرضه على شخص آخر سواءً بالإغراء، أو بالقهر، أو بالتهديد، أو بالامتلاك، الحب لا بد أن يعطى ويمنح عن شعور وإحساس حقيقي، ويمكننا أن نحب عدداً كبيراً من الناس دون أن ينقص من الحب الذي في قلوبنا شيء؛ لأنه من الممكن إذا أردنا أن تتسع قلوبنا لكل البشر.
إن السعادة لا يمكن أن تحقق دون حب حتى الوصول إلى الشيء أو الطموح لا يمكن أبداً أن حقق دون أن يكون هناك حب، ورغبة لهذا الشيء الذي نطمح إليه، وقد ثبت طبياً أن الحب يصنع المعجزات، فهو أقوى جهاز مناعي وينعكس إيجاباً على نضارة البشرة وصحة الشعر والعضلات والجسم، كما يعمل على تنظيم ضربات القلب وعمليات الهضم، أيضاً ثبت علمياً أن الحب يقوي القلب ويمنح الحيوية والنشاط، والحب هو أفضل تذكرة طبية للوقاية من الأمراض النفسية وخير علاج لها في الوقت نفسه، فهو يحقق التوازن المطلوب للشخصية، فإذا طغى الحب مجتمعاً ما فيستطيع هذا المجتمع النهوض والتطور بصورة مباشرة؛ لأن كثيراً من الأعمال والإنجازات القومية الناجحة نبعت من قصص حب مخلص. إن الحب يوجه مسيرة الشخص في الحياة ويوجهها توجيهاً إيجابياً.
للحب دور فعال في الحياة، فهو أساس النجاح، وهو المودة التي تجمع كل قلب نظيف خال من آفات البغض والكراهية، وهو النور المضيء الذي يرقى بالمشاعر نحو الأعلى دائماً، وإذا أردنا أن نعرف ما هو الحب الأول فهو حب الله تعالى، فالخالق الكريم الذي خلقنا ووهبنا هذه الأعضاء المتناسقة العاملة لا بد أن نشكر جميل صنعه في كل لحظة ونحبه حباً خالصاً، وأيضاً حب نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم شفيع أمته يوم لا ينفع مال ولا بنون، ومن بعد ذلك حب الناس الآخرين سواءً على المستوى الأسري أو المجتمعي، فيجب علينا أن نجعل حبنا للآخرين خالصاً لوجه الله بعيداً عن المجاملات والمصالح، فحب المجاملات ما هو إلا حباً للمنصب أو للمصلحة إما تودداً وطمعاً في رضا المسؤول علينا أو خوفاً من أي ضررٍ يمكن أن يلحقه بنا، ففي هذه الحالة العيب ليس في الحب المجامل، وإنما العيب في هذا الشخص الذي يحب لمنصبه فقط وليس لذاته، جميعنا يستطيع أن يحب لأننا مهيؤون للحب والتهيؤ للحب هو الاستعداد الفطري للعطاء والبذل والمروءة والصبر والشهامة والشجاعة والنبل والتفهم والتسامح والغفران والرحمة والرقة، والوداعة والإيثار، فالإنسان يشعر وكأنه غريب في الدنيا حتى يدرك أنه يعيش الحب فيجد الانسجام والمودة ويرى الجمال في كل شيء حوله، الحب ما أروعها من كلمة إذا كان ذلك الحب في الطريق الصحيح وبما يرضي الله عز وجل، فمن قوة الحب في الشخص أنه يعطي دون انتصار، بل إن سعادته تكمن في العطاء وليس في الأخذ، والعطاء لا يشمل طرفاً بعينه، فالقلب المحب يجد سعادته في أن يعطي الجميع دون تفرقة ودون انتظار مقابل.