;

لا قوام لأية تنمية ما لم ترتكز على أسس أخلاقية ثابتة ! 1163

2008-08-12 04:36:26

عبدالباسط الشميري

*جميع الهوامش - الإعلام والتنمية الشاملة للدكتور محمد حجاب.

abast66@maktoob. com 

 (إن النظرية الإسلامية في التنمية مازالت في جملتها كنزاً مخبوءاً لم يكشف الباحثون عن أبعاده وعلى الرغم من وجود كتابات قليلة في هذا المجال إلا أنها بعد لم يكشف اللثام عنها كفكر تنموي متكامل) (1)

حقيقة لا ندري عما يتحدث الناس في بلادنا خصوصاً وفي كافة أقطارنا العربية والإسلامية عموماً ففي الوقت الذي يفترض فيه أن يبدأ الجميع بالدعوة لتشكيل رأي عام للتنمية الشاملة لمواجهة المشاريع الاستغرابية بكافة أشكالها فالتسلل لا يأتي إلا عبر هذا الباب الذي بمقدور الأمة إغلاقه وإلى الأبد، فإذا كان بيان الأمم المتحدة قد أكد بأن عدد الدول النامية يقدر ب(141) دولة هذا في عهد سابق أي إبان الحرب الباردة عندما كان تقسيم العالم إلى معسكرين اشتراكي ورأسمالي، وبغض النظر عن تلك النظرية وذلك التقسيم فالعالم اليوم وبحسب المتغيرات الماثلة لم يعد يعتد بمثل هكذا تقسيمات ونظريات، فهناك دول تخلصت من ربقة التخلف وأخرى صعدت إلى مصاف الدول المتقدمة هذا خلال عقدين من الزمن بينما هناك دول أخرى سقطت أو تراجع مستوى النمو فيها لأسباب ليست خفية على أحد ومنها دول إسلامية وعربية.

فالصعود والهبوط ُسنة من سُنن الحياة ولسنا الآن بصدد تحليل أو دراسة كل ما يعتري المشهد الدولي بأسره لكن الواقع يفرض علينا التفاعل مع قضايا أمتنا المصيرية حتى لو لم يكن هذا الجهد المتواضع يرقى إلى مستوى الطموح فالأمل معقود على رجال الاقتصاد والمال والسياسة بل وكل الفعاليات الوطنية ليدلوا بدلوهم.

في المجال التنموي توجد صور عديدة تعكس حسب اعتقادنا دقة الفهم وتعدد أبعاد التنمية الاجتماعية من المنظور الإسلامي، والمجتمع الإسلامي في ظل القيم والفضائل الاجتماعية (كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).

ويشير الدكتور محمد حجاب في مؤلفه "الإعلام والتنمية الشاملة" إلى إمكانية تطبيق النموذج الإسلامي في التنمية بإعلاء قيمة العمل، مؤكداً بأن قواعد الإسلام ترسخ بصفة عامة قيم وسلوك المسلمين ليصبحوا منتجين ومن ثم تصبح التنمية الإسلامية محصلة تربية إسلامية بالمعنى الشامل للتربية، ويكفي تأمل آيات القرآن الكريم في أمر المسلمين سواءً أكان المجال فكرياً أو علمياً أو سياسياً أو اقتصادياً وبالانتشار في الأرض والمشي في مناكبها والأكل من رزق الله والأمر المباشر بالعمل في قوله تعالى: "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون".

كما أن السنة الشريفة تحثنا على المبادئ العامة التي ترسخ السلوك والقيم التي تخدم التنمية وقد سُئل المصطفى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أي الأعمال أحب إلى الله فقال: "أدومها".

فالحث على العمل وطلب الرزق لم يتوقف عند هذا الحد فهناك من الأحاديث والآيات القرآنية ما لا حصر لها على الإطلاق.

- "ما أكل أحد طعاماً قط خيراً من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داوود كان يأكل من عمل يده".

- "إذا رأيت القيامة تقوم وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها".

- "إن من الذنوب ذنوباً لا تكفرها الصلاة ولا الصيام ولكن يكفرها السعي على المعيشة".

الخ. . . ناهيكم عن أن المسؤولية مشتركة في المجتمع الإسلامي بل ومتضامنة فكل فرد من أفراد المجتمع الإسلامي "راعٍ ومسؤول عن رعيته".

وقبل هذا وذاك ينبغي أن يتفهم الجميع أن المجتمع الذي لا يقوم على الحب والتسامح والألفة والتعاون فإنه من الصعوبة بمكان إيجاد تنمية فيه، فالجوانب المختلفة للتنمية البشرية من المنظور الإسلامي لها أبعاد عدة ففي مجال التنمية البشرية على سبيل المثال تعتبر النظرية الإسلامية أن الزيادة السكانية ليست دائماً شراً إلا عندما تتواجد مكونات الخلل وكذلك في مشكلة عجز الموارد فتعد تلك المشكلة قصوراً في الحركة والسعي للاستثمار فالبلدان الفقيرة بحسب حجاب هي في الحقيقة بلدان لم تستكشف بعد مصادر ثروتها أو لنقص التكنولوجيا أو لإهمال العلم أو لأسباب أخرى. .

ولذلك فعندما تنشط لاستثمار ثروتها يتبدل حالها من الفقر إلى الغنى. .

أما أجمل ما جاء في التنمية من المنظور الإسلامي فهو التركيز على البعد الأخلاقي المتمثل في الضوابط القيمة التي حددتها الشريعة الإسلامية لكافة مجالات التعامل الإسلامي اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية أم بشرية. . الخ.

(ولعل هذا التوجه التنموي هو نفس ما انتهى إليه تقرير لجنة التنمية البشرية لمجلس الشورى المصري لعام 1997م حيث يشير التقرير إلى أنه "لا قوام لأي تنمية اقتصادية أم اجتماعية أم سياسية ما لم ترتكز على أسس أخلاقية وسلوكية ثابتة ومتينة لأنه بدون إطار أخلاقي لا قيمة لأي منجزات" ) (2)

الأهداف الحقيقية للتنمية

لكن الهدف الحقيقي لبرامج التنمية في المجتمعات النامية هو إحداث تغيير في اتجاهات الناس وفي البنية الطبيعية وإنشاء علاقات جديدة بينهم وبين الموارد الاقتصادية وإدخال الوسائل التكنولوجية الحديثة في الإنتاج وما يتبع ذلك من تغيرات في أساليب الإنتاج ولمفاهيم الثروة والدخل والاستهلاك مما يترتب عليه من تغيرات في التركيب الاجتماعي والعلاقات ومجموع القيم الاجتماعية وإدخال مفاهيم علمية جديدة كما (أن هناك مشاكل ومعوقات تواجه التنمية في عالمنا الثالث مثل القيم والعادات السيئة المتوارثة وسيطرة العقلية التقليدية على تفكير أغلب أبناء هذه المجتمعات كما تعاني شعوبنا من مشكلات تتعلق بنظم التعليم فيها فالأمية سمة من السمات الرئيسية وهبوط المستوى التعليمي نتيجة كثرة الطلاب وقلة الخبرات العلمية ونقص الأجهزة وضيق القاعات ما يؤدي إلى تردي المستوى التعليمي وانخفاض القدرات الإبداعية واستمرار الاعتماد على التكنولوجيا المستوردة كما أن جميع أشكال التطور الإنساني اللازمة للتنمية تتطلب وقتاً وهي باهضة التكاليف) (3)

ورغم ذلك فالبعض يعتبر أن المطلب الأساسي للتطور في أي مجتمع يتمثل في ضرورة تقويم الناس أنفسهم لأن نجاح التنمية يعتمد على استحداث التغيير الملائم في اتجاهات الإنسان لتصبح مواتية لقبول اتجاهات الحداثة والمشاركة المجتمعية في كل كبيرة وصغيرة. . وختاماً (لا شيء يخفق مع الرأي العام ولا شيء يستطيع النجاح بدونه) (4).

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد