سراج الدين اليماني
مسؤول التوجيه بالمراكز الصيفية في وزارة الأوقاف والإرشاد وباحث في شؤون الإرهاب.
كلنا يدرك ماذا تعني وسائل التضليل الإعلامي في بعض دول العالم وأميركا بشكل خاص، وتوجد لها مكاتب متخصصة في صنع تلك الدعاية الإعلامية المزورة للحقائق وتغليبها وقتلها، وكيف تسهم تلك المكاتب بقلب الحقائق وإشعال المعارك، بل وغسل الأدمغة على حد قول أحد المرشحين الديمقراطيين السابقين وهو الأميركي "ليندن حينما قال مخاطباً الشعب الأميركي حول التضليل الإعلامي الذي وراء حدث ال 11 من سبتمبر: واجه الواقع الذي لم تكن تملك من الشجاعة ما يكفي لمواجهته من قبل، بعد ذلك سنقوم معاً ببناء هذه الأمة وإخراجها من الكابوس المريع هذا وكخطوة أولى أطفى "C. NN" وأن تكنولوجيا الإعلام وتصريحات السياسيين والمثقفين قد خلقت فتنة دجالية تشبه إلى حد يدعوا إلى الدهشة ما وصفت به النصوص الإسلامية الدجال الأكبر الذي يأتي آخر الزمان، ويعني بقلبالحقائق، وهذا الوضع يقتضي الاستجابة للحاجة الماسة الملحة والبحث عن الحقيقة والجهاد في سبيلها ومقاومة الفتنة، والتصدي لها ونصر الحقيقة، وأن تُبذل في هذا السبيل أقصى الجهود على كل المستويات.
يرى الكاتب الأميركي "نعوم تشومسكي" أن هناك ديمقراطية المشاهدة دون المشاركة، وهذه الديمقراطية هي نوع من المنطق تؤكد على أن هذا واقع الحكومات مع شعوبها قائلاً: "بل هناك مبدأ تلاق ملزم وراءها، يتمثل في أن جماهير الشعب غبية جداً، بحيث لا تفهم الأمور، وإذا ما حاولوا المساهمة في إدارة شؤونهم فإنهم يعيشون إضطراباً وإشكالات، ولهذا يعد السماح لهم بإدارة شؤونهم حالاً غير أخلاقي وغير ملائم، وعلينا أن نرضو هؤلاء الرعاع، ولا ينبغي كذلك السماح لهؤلاء بالمشاركة في العمل؛ لأنهم سيخلقون المشاكل أكثر، ويقول عن لسان حال الديمقراطية المزعومة: "نحن بحاجة إلى وسيلة لترويض هؤلاء الرعاع، تلك الوسيلة هي الثورة الجديدة في فن الديمقراطية: صناعة القبول من خلال وسائل الإعلام، ولكن بما أن المجتمع قد أصبح أكثر حرية وديمقراطية لن يكون بالمقدور فعل ذلك، ولهذا لا بد من اللجوء إلى تقنية الدعاية وتهيئة الرأي العام لما يراد تحقيقه، "فالدعاية لدى الديمقراطية كالهراوة لدى الفاشية" كما يقول نعوم تشومسكي.
وتعد الولايات المتحدة رائدة صناعة العلاقات العامة الإعلامية، وكان التزامها كما قال الزعماء لهذه الصناعة هو "السيطرة على الرأي العام"، لقد تعلموا كثيراً من نجاحات لجنة كريل "Creel Commission" والنجاحات في صنع "الرعب الأحمر"، ويقول تشومسكي عن كيفية صناعة العدو حتى لو كان عدواً وهمياً: "لا بد من استدعاء أعداء جدد، والواقع أن الناس فقدوا هذا العدو "الروس قادمون" ولا بد من وضع عدو جديد، كما فعل جهاز العلاقات العامة في عهد ريغان في ثمانينيات القرن العشرين، وهكذا حدث مجدداً في تصوير الإرهابيين الدوليين، وتجار المخدرات، والعرب المجانين، وصدام حسين بالهتلر الجديد، وأن هؤلاء سيغزون العالم ويحتلونه، ولا بد من عرض هؤلاء الأعداء الواحد تلو الآخر للإبقاء على الشعب الأميركي خائفاً مرتعباً يهيمن عليه الجبن، فيخشون السفر ويظلون جاثمين منكمشين يرتعدون رعباً وهلعاً، وبعد ذلك نحقق نصراً رائعاً على "غرينادا" أو "بناما" أو على أي جيش لا حول له ولا قوة من جيوش العالم الثالث، التي يمكن سحقها قبل أن تزعج نفسك بالنظر إليها، هذا هو ما يحصل تماماً، تلك هي إحدى الوسائل لصرف انتباه الرعاع عما يجري حولهم فعلاً، وتضليلهم وإخضاعهم للسيطرة باستمرار.
ويشخص الدكتور "ويندل بلو" آليات التصنيف للإرهاب لدى الإدارة الأميركية التي تعتمد على الإعلام في مؤتمر لندن 16/12/2004م "شركة من أجل السلام والتنمية في فلسطين" قائلاً: وفيما يتعلق بالطريقة التي يتبعها مكتب مراقبة الممتلكات الأجنبية "OFAC" "Office of foreign Assets control" في تصنيف مؤسسة بعينها كجهة إرهابية، أنصحكم بقراءة مقال للصحفي الحائز على جائزة الصحافة، المستر ديفيد أوتاوي الذي نشر في الصفحة الأولى من صحيفة واشنطن بوست بتاريخ 14/نوفمبر/2004م وفيها يؤكد "أوتاوي" أن هذه العملية "تصنيف الإرهاب" تعتمد بشكل أساسي على ما ينشر في الصحف، والأدلة السرية، والاتهامات التي قدمتها بعض الحكومات الأجنبية "COFAC" إلى مقال نشر في صحيفة "TODAY USA" وهو المقال الذياعترف كل من الكاتب والصحيفة بأنه كان مصطنعاً، وقد تم سحبه من أرشيف الصحيفة، وهكذا تكون صناعة القبول بل تقوية القابلية وهندسة الرأي، بل إعلان الحروب على الشعوب وكل هذا يتم من خلال الحروب الإعلامية الدعائية "البروبغندا" التي لم يسبق لها مثيل في عصور التاريخ، فهل يعني قومي هذا الخطر الداهم الذي بات محدقا بهذه الأمة والأخذ بحجزها حتى يبددها ويقضي عليها، أم أن الدرس يحتاج إلى توضيح وبيان وشرح أكثر.