طه العامري
اليوم أسطر هنا الحكاية الأخيرة "حكاية رحلة سفر"، وفي الحكاية الأخيرة أو الحلقة الأخيرة سوف أتحدث عن مشاهداتي وعلى امتداد طريق الرحلة للجانب التنموي والتوسع العمراني والكثافة السكانية التي تتسع وتزداد ظواهرها بصورة حركة تنموية وحضور بشري يكاد لا ينقطع وعلى امتداد الرحلة التي تمتد من العاصمة وحتى مديرية حيفان وهي مسافة قد نرى فيها أو نعتبرها نموذجاً مصغراً للحال الذي بلغته اليمن الأرض والإنسان، فالتوسع العمراني الملفت دليل على النمو السكاني الكبير والمثير لدرجة أن وصل صنعاء بذمار وذمار بإب وإب بتعز وتعز بالراهدة والراهدة بعدن، كل هذا لم يعد قول من باب النكتة والتندر بل أصبح الأمر لا يخلوا من الجدية كون التوسع العمراني هذا يرتبط بشبكة تنموية فيها الكثير من الخدمات التنموية حاضرة وخاصة شبكة الطرق التي توسعت خلال سنوات قليلة بطريقة درامية تضعنا في معادلة ندية مع حركة التنمية في الكثير من البلدان المتقدمة وفي سنوات ومراحل تعميرها.
لكن يظل هناك ما ينقصنا وهو الاعتزاز بهويتنا الوطنية والافتخار بتراثنا الحضاري الوطني، والطريقة التي يجب أن نقدم من خلالها هذا التراث، فالحس التراثي غائب وكذا الولاء الوطني شبه مغيب والمناكفات الحزبية تكاد تكون هي الطاغية حتى في رحلات السفر، حيث المفترض أن يكون الوطن هو الحاضر في الثقافة الشعبية ووحدة المواطنة والهوية والانتماء.
وفي هذا من المؤسف القول أن يكون "القات" هو الرابط الاجتماعي الوطني الذي يجمع عليه الشعب اليمن، وأسواق القات هي المحطات التي تعبر عن حقيقة الهوية والانتماء، وهذا فعل طيب في ظل افتقادنا لملتقيات وطنية جامعة للتراث الشعبي والحضاري والتسويق السياحي واستقطاب السائح المحلي يمثل هدفاً أساسياً لكل دول العالم التواقة إلى تطوير منتجها السياحي، فاليمن وحين يضع بعض مسؤوليها هدفهم في السائح الأجنبي فإن الغاية هنا قد لا تكون بالصورة التي نرسمها لأن فشلنا في تشكيل صناعة سياحية محلية وتنظيم هذه الصناعة ولفت انتباه المواطن لهذا المنتج الذي من خلاله سوف نحقق قفزات تنموية مأمولة أهم ما يميز هذه القفزة هو أن أطيافها سوف تشكل بأنامل يمنية خالصة ووطنية والوطن لا يبنى بغير سواعد أبنائه ومواطنيه الذين سقوا أرضه بدمائهم هم من سوف يعمرون ويطورون الوطن بقدراتهم وبأفكارهم المتجددة، وحتى نصل إلى هذا المستوى من الفعل فإن المطلوب هو تطوير المنتج السياحي الوطني وتسويقه لأبناء الوطن، وهنا سوف نحقق بهذا الفعل أكثر من هدف منها تعزيز قيم الهوية والانتماء من خلال نشر الثقافة التراثية وتوعية الداخل بها وبتنوعها، وبأهمية وتميز ومميزات هذا التنوع وفوائده الحضارية والتاريخية والوطنية، ومنها سوف نحقق قفزات تنموية غير مشروطة وغير دخيلة على تراثنا وقيمنا، وهذا ما نحلم أن يتحقق بأيدي وعقول وفعل يمني، والجهات المعنية مطالبة بلعب دورها الوطني حتى لا تظل تراهن على مكارم الأخرين ومنحهم وهباتهم وتبرعاتهم فلسنا بحاجة لحسنات ولسنا بحاجة لانتظار المكارم. .