محمد أمين الداهية
عندما تصادف الإنسان بعض المشاكل أو الهموم أو ما يعكر صفو حياته فلا بد من أن ينتابه شيء من القلق المصحوب بالتفكير غالباً السلبي، كأن يتوقع شراً دون أن يتمالك نفسه ويحاول أن يكون متزناً نوعاً ما كي يستطيع أن يفكر تفكيراً إيجابياً يساعده على الخروج من محنته وأزمته، ويبعد عنه ذلك القلق الذي يكاد أن يجعل منه يائساً أمام ما يواجه من تحديات، وبلا شك فإن كل إنسان معرض للقلق ومن أجل أن يحقق الشخص التقدم لا بأس الشعور بالقلق الطبيعي كالأسئلة التي تجعل الإنسان في حيرة مثل أسرار الكون والتساؤل عن معنى الحياة والموت، وسر الوجود، فمثل هذه التساؤلات التي تجلب للإنسان القلق عن مصيره في هذه الحياة تجعله يضطر للبحث بالطرق والأساليب المختلفة إلى أن يجد حلولاً وأجوبة لكل ظاهرة أو تساؤل أدخل عليه الخوف والقلق، وهذا يعني أن القلق ظاهرة طبيعية لا إرادية موجودة في كل إنسان، ولكن يحتاج هذا القلق إلى إنسان ذكي ونبيه يحسن التصرف معه ويستغله في التفكير الإيجابي والبحث عن ما ينهي ذلك القلق، ومع ذلك إلا أن العصر الحديث الذي نعيشه في هذه الأيام يجعل البعض منا مهيئاً للاضطرابات البدنية والعقلية، إذ يتحتم علينا طيلة الوقت أن نتعامل مع الضوضاء والضغوط والمواقف التي تتحول إلى صعاب عسيرة ومشكلات في الدراسة وفي العمل، وهذا يحتاج إلى خبرة في المعاملة بحيث يحافظ الإنسان على نفسه كي لا يكون أسيراً للقلق؛ لأن يقلق عندما يسيطر على إنسان ما، فإذا كان ذلك الإنسان ضعيفاً فإن حياته قد تتدمر، وقد يصاب بحالة نفسية ويأس شديد فيرى كل شيء أمامه مستحيلاً، ويظن أنه من غير الممكن أن يتفوق على أزمته أو مشكلته. إن تأثير القلق قوي جداً، فهو ينبع من داخل الإنسان، فالعوامل الداخلية غير الموضوعية التي تسيطر على أفكار الشخص هي أول أسباب للقلق، والقلق الزائد من أكبر المشكلات التي تواجه الإنسان، فهو عدو للإنسان، فعندما يسكن في النفس فإنه يزعزع أمنها ويسلبها طمأنينتها ويهدد سلامتها، بل ويقف سداً منيعاً بينها وبين أسباب السعادة والصحة والنجاح في الحياة، وترجع أسباب القلق حسب ما أكده الأطباء إلى الخوف، فالخوف يسبب القلق والقلق يسبب توتر الأعصاب، واحتداد المزاج يؤثر على أعصاب المعدة ويحيل العصارات الهضمية إلى عصارات سامة تؤدي في كثير من الأحيان إلى الإصابة بقرحة المعدة، ولكي نحمي أنفسنا ونحافظ على سلامة أجسامنا وعقولنا من هذا المرض فلنلزم أنفسنا ولنجبرها على عدم الاستسلام لمشاعر الاضطراب والقلق الذي قد أحرم الكثير من نوم هادئ مريح، وسبب للكثير الأمراض المختلفة كالآم الرأس واضطراب المعدة والتدهور الصحي بسبب سوء الحالة النفسية يوماً بعد يوم، وقد أثبت الأطباء أن "70%" من المرضى يشفون لو طردوا عنهم القلق، وأخيراً يجب علينا أن نؤمن ونصدق بأن ما نمر به من ضغوطات أو آلام يمكننا احتمالها مهما بدا ذلك غير ممكن، ولنثق أن الله لا يسمح بما يفوق قدراتنا على الإحتمال، فهو الذي يمدنا بالقوة اللازمة حتى نستطيع أن نتحمل.