تغطية : إياد البحيري
لمعرفة ماهية الأزمة ينبغي معرفة مدلول الأزمة بشكل عام، والأزمة في زراعة القمح موضوع دراستنا على وجه التحديد، ولكي يتضح كل ذلك فإنه يتطلب تقسيم هذا المطلب إلى فرعين :
الفرع الأول :بعنوان مفهوم الأزمة وأنواعها وقد تم تقسيمه إلى غصنين
الفرع الثاني : بعنوان نبذة عن زراعه القمح وأهميته الاقتصادية وتم تقسيمه إلى غصنين..
أسباب مرجعها إلى الهيمنة الخارجية والاستعمار الأجنبي
تمهيد وتقسيم :
على الرغم من أن العالم العربي والإسلامي مهبط الديانات السماوية ناهيك عن تمسك المسلمين بدينهم وعقيدتهم غالباً إذا ما قيس الأمر بغيرهم إلا أن الدين الإسلامي لم يسلم من المكائد والكمائن التي نصبت له وما تزال المؤمرات تحاك له للنيل منه وما أزمة زراعة القمح في العالم العربي والإسلامي إلا أحدى تلك المكائد والنصائب.
على أن الأمة الإسلامية عندما ضعف الوازع الديني لديها والذي كان هو أساس عزها
فيما مضى بدأت الأمة في التدهور وتمكن منها أعداؤها وتداعت الأزمات فيها من وقت إلى آخر , وسنبين في هذا المطلب أسباب أزمة أمة الإسلام في زراعة والقمح والحبوب التي مرجعها إلى الهيمنة الدولية من خلال تقسيمه إلى الغصون الآتية :
الغصن الأول: الاستعمار الغربي
الغصن الثاني : المد الشيوعي في العالم الإسلامي
الغصن الثالث : الصهيونية العالمية
الغصن الرابع : أسباب مرجعها إلى نظام العولمة الاقتصادية والتكنولوجية
الاستعمار الغربي
تقول الكاتبة اليهودية (بربارت توخمان) في كتابها (التوراة والسيف) هكذا دخل الجنرال اللنبي إلى القدس عام 1918م ونجح, أما ريكاردوس قلب الأسد قد أخفق .، ويمثل الاستعمار الغربي مكان الصدارة بين الأسباب التي أدت إلى تخلف العالم الإسلامي ، وسبب له الأزمات كأزمة عدم الاعتماد على نفسه في توفير غذائه (أزمة زراعة القمح) وحاول جاهداً طمس حضارته وهويته وأخل بالتوازن المادي ، والروحي في حياة الشعوب. ولقد أدرك الاستعمار مبكراً أن النصر العسكري والسياسي لن تتوطد دعائمه ، حتى يؤازره نصر فكري وثقافي واقتصادي،ولقد أتخذ الاستعمار في سبيل تحقيق ذلك خطوات محددة ومدروسة نوجزها فيما يلي:
1)التبعية الاقتصادية: لقد تعرض الوطن العربي ومارال لسيناريو استعماري محكم اسهم في ربط اقتصاديات الدول الإسلامية بالغرب الذي استخدم زراعة القمح كاوسيلة لنهب خيرات الأمة الإسلامية من خلال فرض التقسيم الستعماري الدولي لا اجبار الدل الاسلامية علي زراعة المحاصيل التصديرية فا جبرت سلطة الانتداب الفلاحين في مصر بزراعة القمح وتمويل الخرانة البريطانية با الحبوب و القمح (وعلية فاان الحصيلة الرئيسية لتبعية البلدان النامية زمنا طويلاُ للإمبريالية هي كبحاً وتشوية لتطور اقتصادها والبقاء علي تخلفها الأقتصادي والثقافي العام وفرز لقطبي الغني والفقير والانتشار الجماعي للجوع و سوء التغذية المزمن )
2) التغريب: (هو صبغ الفكر والتصور الإسلامي بالفكر الغربي حتى يحتويه ويطوعه حيثما شاء) . ففرض الاستعمار نظام التعليم الغربي والذي يساعد على نشر أفكاره وعقائده وتعطيل نظام التربية والتعليم الإسلامي ونظامها السياسي ، ومظاهر السلوك الفردي لشعوبها مما يتعارض مع تقاليدنا وقيمنا ومثلنا الإسلامية . وبفضل هذا الفكر أمكن للمستعمر تخريج فئة من المثقفين المسلمين يدينون بالولاء للغرب ويمدحون حضارته أمثال:
قاسم أمين ، وطه حسين ، ورفاعة الطهطاوي وهدى شعراوي . كما أن التغريب كان له أثر في تغير الإنسان المسلم ذي المبادئ السامية و الرفيعة ، والقوية المستمدة من كتاب الله وسنة رسوله ، ليجد له في مدارس أعداء الإسلام , وكلياتهم غسل مخ وأخلاق ، فأصبح متبلد الإحساس لا يعترف بدينه ومعتقداته. فأخذ ينفذ سياسة المحتل في سرق ثروات الأمة وتجويعها ونشر المفاسد دون زراعة أرضها.
3) الإستشراق: ويرتبط هذا الأسلوب بسابقه فقد لازمت حركة الإستشراق الاستعمار الغربي وتوحدت أهداف كل منهما وكان جهد المستشرقين موجهاً نحو تمكين الاستعمار الغربي للنيل من البلاد الإسلامية ، وتقبل النفوذ الأوربي والرضا بولايته وإضعاف القيم الإسلامية وإساءة تأويل المبادئ الإسلامية، والنظر إلى الإسلام على أنه عقيدة روحية ,وإبعاده عن مجالات الحياة المدنية ، بهدف تحطيم ثقتنا بأنفسنا وبديننا, والاتجاه للثقافات الأجنبية. وكان لهؤلاء المستشرقين تلامذة من أبناء المسلمين انخدعوا بأقوالهم وصدقوهم ونفذوا تعاليمهم ، وتورط البعض في الدفاع عنهم دون تبصر فكانوا في حقيقة الأمر يخدمون العدو دون أن يعلموا . ظناً منهم أنهم يخدمون الوطن, وهذا في حد ذاته سبب للأمة الإسلامية أزمات متداعية .
4) التبشير: معناه : هو الخبر الذي يفيد السرور , هذا بحسب ما ورد في المعاجم اللغوية . ويعتبر التبشير مظهراً من مظاهر الدعوة السافرة للمسلم كي يترك دينه ، ويعتنق النصرانية , ويمكن القول بأن جميع النصارى قد اشتركوا في التبشير بطريقة مباشرة أو غير مباشرة . ويعتبر التبشير من أهم أسباب أزمة أمة الإسلام في زراعة القمح والحبوب لأنه أخضع المرتدين عن دينهم في تطبيق سياسة المحتل في استيراد الحبوب بدلاً من زراعتها.
وقد حدد رئيس المبشرين الماسوني (صمويل زويمر)غاية التبشير قائلاً : إن الغاية من العمل التبشيري الذي ندبتكم الدولة المسيحية للقيام به في البلاد المحمدية ليست في إدخال المسلمين في المسيحية فذلك يعد شرفاً لهم , وإنما مهمتكم أن تخرجوا المسلم من الإسلام ليصبح مخلوقاً لا صلة له بالله ، وبالتالي لا صلة تربطه بالأخلاق التي تعتمد عليها الأمم في حياتها .
ولم تكن المدارس التي يتعلم فيها المبشرون تُدرس الإسلام ومبادئه وإنما تدرس اللغات الأجنبية والثقافة المسيحية المستمدة من التوراة والإنجيل ، وهذه المدارس كانت تنظر إلى الإسلام بنظرة التشكيك والازدراء .
5) محاولة القضاء على اللغة العربية : من أهداف الاستعمار محاربة اللغة العربية باعتبارها أهم أسباب وحدة العالم الإسلامي ، ومحور التقائه فشجع الاستعمار فكرة نشر اللغة العامية الفصحى كوسيلة لإحداث الهوة الثقافية بين الأقطار العربية ، والعمل على محاربة القرآن الذي يعتمد على اللغة العربية في فهمه وحفظه وتدبر معانيه.
كما امتدت دعوت الاستعمار ومن ناصرها من المثقفين المصريين إلى نبذ الحروف العربية وإحلال الحروف اللاتينية محلها . ثم سيطر على حكام الأمة ووجههم حيثما شاء فمنع أولئك الحكام من زراعة القمح والحبوب مصدر قوة الشعوب
وهذا سبب أكبر الأزمات في أمة الإسلام حيث كان الاستعمار يهدف إلى طمس هوية الأمة الإسلامية، عبر مسخ لغتها العربية التي هي لغة القرآن وسلاح الأمة ، ومصدر قوتها، ومفاتيح معاني القرآن دستورنا الآلهي.
6) محاربة الشريعة الإسلامية : عمل العدو المستعمر, والماسونية الصهيونية ، على إبعاد المسلمين عن أحكام دينهم , وعمل على إلغاء الشريعة الإسلامية من التطبيق في معظم البلاد الإسلامية. لأنها شريعة تدعو إلى العلم والعمل والاعتماد على الذات في توفير القوت والمعاش ففي مصر طبق القانون الفرنسي في مجمله وتركت زاوية ضيقة للشريعة الإسلامية هي زاوية الأحوال الشخصية بدعوى أن الشريعة الإسلامية لا تناسب المدنية المعاصرة
يقول الدكتور (ايزكوا نساباتو) أحد المنصفين في الغرب : ويمكن الرد على أصحاب القول السابق في ضوء ما قاله بعض الأوروبيين ((أن الشريعة الإسلامية تفوق في كثير من بحوثها الشرائع الأوروبية بل هي التي تعطي العالم أرسخ الشرائع ثباتاً))
ويقول العلامة الأستاذ (شبرل) عميد كلية الحقوق بجامعة (فينا) في مؤتمر الحقوق سنة 1927م : (إن البشرية لتفخر بانتساب رجل كمحمد صلى الله عليه وسلم إليها إذ أنه رغم أميته استطاع قبل بضعه عشر قرناً أن يأتي بتشريع سنكون نحن الأوربيين أسعد ما نكون لو وصلنا إلى قمته بعد ألفين سنة ويقول الفيلسوف والأديب العالمي الساخر (برناردشو) : (إنني دائماً أحترم الدين الإسلامي غاية الاحترام لما فيه من القوة والحيوية ، فهو وحده الذي يظهر لي أنه يملك القوة المتجددة ويتمشى مع مصلحة البشر في كل زمان) وكأن ما ذكر على لسان بعض الغربيين يؤكد ما ورد في قوله تعالى: ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً ... الآية) وفي قوله تعالى:(مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْء... الآية)
7) إحياء القوميات والعداوات والنزعات القديمة :
امتدت محاولات الاستعمار لإضعاف المسلمين ، في إسلامهم إلى حد إبراز الخلافات المذهبية وتأكيد الفجوات والثغرات بين الفرق الإسلامية , وإثارة النعرات القائمة على المناطقية
واستخدم المذهب كعامل تفريق بين الشعوب الإسلامية ، وأدى ذلك إلى حدوث معارك جدلية يتبعها غالباً معارك . وللاستعمار طرق يستخدمها في أثارة هذه النزاعات وتفجيرها في العالم الإسلامي مثل الجاسوسية. والهيمنة والاستكبار وتهديد القائمين على هذه الأمة بجرائم الإرهاب وبالتالي يسيطرون وينفذون مخططاتهم منعاً لزراعة الحبوب - أزمة السودان (زراعة القمح مقابل السلام).
المد الشيوعي في العالم الإسلامي
كان هدف روسيا الشيوعية قبل سقوطها هدم نفوذ الدول الغربية في الأقطار الإسلامية وتفويت الفرصة على هذه الدول من تحقيق مصالح اقتصادية , وقد عمدت إلى تنفيذ مخطط غاية في القوة والخطر في العالم الإسلامي بعد الحرب العالمية الثانية يقوم على مقاومة الإسلام وفرض الإرهاب الفكري ، وتطويع الدين. ونشر الفكر الشيوعي القائم على الطبقية .
وبذلك نجد أنه عندما يوجد التفاوت الطبقي بين المجتمعات وحيث تنتفي العدالة الاجتماعية ، ويشيع الظلم ، والقهر والاستبداد السياسي والإرهاب - تجد الشيوعية هنا البيئة الصالحة التي تنفث سمومهاوتحقق أطماعها .
وقد شكلت الشيوعية في فترة من الفترات خطر على الأمة الإسلامية وبالعودة إلى الإرث الماركسي نجد أنهم ربطوا بين المجاعة وبين تاريخ العهد الاستعماري وما تسبب به الاستعمار من عملية نهب لخيرات الشعوب ففي مقال للعالم البرازيلي جوزية دي كاسترو قال : إن المجاعة نتاج للنظام الاستعماري وأشار إلى مقاطعة البنغال التي تزرع الأرز للاستعمار وهي تعاني من وطئة المجاعة.
مثال ذلك : احتلال أفغانستان ومحاولتها فرض الهيمنة القيصرية على شعوب تلك المنطقة ولكن إيمان
الأفغان بربهم وبرسالتهم الجهادية مع مساندة المسلمين في كل بقاع العالم الإسلامي أوقع روسيا في الفخ وهزمت على أيدي قلة من المجاهدين . كما أن الفكر الشيوعي أثر كبير وفي أزمة زراعة القمح لأنه صادر الملكية الفردية وقسمها بين الأفراد وهذا أدى إلى زرع الشقاق بين أفراد الأمة فتركت الأرض وهلك الحرث والنسل والزرع
الصهيونية العالمية
تسعى الصهيونية العالمية جاهدة لإضعاف قوة الإسلام بزعم تأمين إسرائيل ، وأن بقائها مهدد طالما كانت الروح الإسلامية باقية وقوية, وتزداد مطاردة إسرائيل للإسلام عن طريق أجهزة الإعلام المختلفة ومحاربته ,ونشر طبعات محرفة ومشوهة للقرآن الكريم . ناهيك عن الهيمنة والسيطرة على ولاة الأمر ورفع أمريكا لشعار (القمح مقابل السلام).
وقف صموئيل زويمر إمام الماسونية في مؤتمر القدس المنعقدة 1935م قائلاً : (إنني أقركم على أن من مهماتكم أن تخرجوا المسلم عن إسلامه , لقد نجحتم في أعمالكم على أكمل وجه , فلم يفطن بعضكم إلى الغاية الأساسية من التبشير وهو استعمار بلاد الإسلام ).
إن الصهيونية العالمية (الماسونية) تستخدم كل الوسائل المتاحة لها للنيل من أحكام الله التي أنزلها على نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه. فهي توظف كل الطاقات للنيل من الأخلاق التي تعتمد عليها الأمة الإسلامية في بناء كيانها .
كما أن الاستعمار الحديث عبر الصهيونية العالمية لا يستخدم فقط القوة العسكرية لأنها باهضة التكاليف ولم تثبت جدوتها في كثير من الميادين , وإنما يستخدم وسائل الحرب الأخرى . مثال ذلك سلاح الجوع الأشد فتكاً من السلاح النووي.
السيطرة على حكام العالم الإسلامي بسبب ضعفهم وخوفهم على عروشهم الواهية وتركهم لمصدر قوتهم كتاب الله وسنه رسوله صلى الله علية وسلم . أن الصهيونية العالمية هي التي تحكم العالم عبر شعار (الأرض والقمح مقابل السلام) فمن أراد السلام فعليه بترك أرضه ومن أراد أن يسلم فلا يزرع القمح (أزمة السودان) وهي خير شاهد وبيان لصحة ما ذهبنا إليه .