شكري عبد الغني الزعيتري
نستقبل آراء القراء للكاتب على البريد الالكتروني : Shukri_alzoatree @yahoo. com
تحدثنا في العددين السابقين بالحلقة الأولى عن مفهوم الصيام وأداءه في الأديان السماوية وفي الحلقة الثانية كان عن مفهوم الصيام وأداءه في الإسلام وفي هذا العدد الحلقة الثالثة سيكون الحديث عن مفهوم الصيام وأداءه في الديانة اليهودية وتحريف مضمونه فالدين اليهودي : هو دين سماوي انزل على النبي (موسي ) عليه السلام واليهود هم الذين يزعمون أنهم أتباع نبي الله موسى عليه السلام وان كتابهم التوراة وقد جاء ذكرهم في القران الكريم كثيرا لما لهم من صفات وأخلاق مذمومة وملعونة إذ قال الله تعالى في القران الكريم (?وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ?)(سورة المائدة 4). واليهود يصومون يوما واحدا في السنة يسمى يوم الكفارة ويبدأ صيامهم فيه من المساء باليوم السابق إلى المساء من اليوم التالي حيث يمتنعون عن الأكل والشرب بينما يقوم المتعصبون منهم دينيا بصوم الاثنين والخميس من كل أسبوع. والصيام عبادة ليست خاصة بأمة محمد عليه الصلاة والسلام بل كانت موجودة في الأمم السابقة وانتقلت من أمة إلى أخرى وإن اختلفت في كيفيتها ولهذا قال تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ )) (سورة البقرة:183). وفى الديانة اليهودية نجد الصيام الأربعيني عند موسى عليه السلام وقد كان امتناعا عن الطعام والشراب مدة أربعين يوما وأن موسى عليه السلام اختص بها بغرض التقرب إلى الله تعالى واستقبال وحيه كما كان للاستغفار عن ذنوب اليهود وخطاياهم ونقرأ في الذكر الحكيم القران الكريم قول الله تعالى : (( وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون )) وهى التي صامها موسى للغرض المشار هذا وما كان عليه موسى عليه السلام غير أن اليهود أعرضوا عن ذلك ولم يلتزموا بالصيام الأربعين واقتصروا على صيام يوم واحد هو يوم الغفران وهو اليوم العاشر من الشهر السابع حسب التقويم العبري وكل ما هو مطلوب : تذليل النفوس والامتناع عن كل عمل وهو يوم عطلة مقدسة يصومون فيه ويقدمون قربانا للرب وبعد موسى عليه السلام تعدد الصيام عند اليهود فهناك من التزم بالصوم الأربعيني وهناك من يصوم عند دفن الميت سبعة أيام وهناك من يصوم للضراعة والاسترحام وهناك صيام لإذلال النفس وإرهاق الجسد وقد اختلف اليهود في توقيت الصيام بعد موسى عليه السلام فقد تباينت أوقات صيامهم باختلاف أعيادهم وشهورهم غير أننا نجد أن بعضهم يصوم يوم الخميس وهو يوم ذهاب موسى عليه السلام للجبل لاستقبال الوحي الالهى ويوم الاثنين الذي عاد فيه من الجبل وكان أهل الكتاب يصومون اليوم العاشر من شهر محرم فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وجدهم يصومونه فسألهم عن ذلك فقالوا : هذا يوم نجَّى الله فيه موسى وقومه من فرعون فنحن نصومه شكراً لله فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (نحن أحق بموسى منكم فصامه وأمر بصيامه ) وأمره يقتضي الوجوب فكان صيام عاشوراء واجباً حتى نُسخ بنزول آية البقرة الموجبة لصيام شهر رمضان فصار صيامه سنةً ندب إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم أمَّتَه قبل موته بأيام حيث قال: ( إذا كان العام المقبل - إن شاء الله - صمنا اليوم التاسع ) فلم يأت العام المقبل حتى توفي صلى الله عليه وسلم. كان اليهود يصومون يومي الخميس والاثنين اعتقاداً منهم بأنَّ موسى عليه السلام صعد جبل سيناء يوم الخميس ونزل منه يوم الاثنين فنحن وإن وافقناهم في صيام هذين اليومين فقد خالفناهم بالسبب والعلة أما السبب فتشريع صيامهما من نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأما العلة فقد ذكرت في الحديث ( فهما يومان تُفتح فيهما أبواب السماء وتعرض الأعمال على الرب ) فنحب أن تعرض عليه أعمالنا ونحن صيام وقد احدث اليهود التحريف للصيام الذي فرضه الله في الدين اليهودي حين فرضه على موسي عليه السلام : إذ انه عندما فرض الله عليهم الصيام ثلاثين يوماً وصادف حراً شديداً تضايقوا منه فاجتمع علماؤهم ورؤساؤهم فجعلوه في فصل الربيع بين الشتاء والصيف وهذا هو النسيء الذي حرَّمه الله في القرآن ثم إنهم زادوا فيه عشرة أيام كفارة لضيقهم فصار الصيام عندهم أربعين يوماً ثم إن ملكاً من ملوكهم اشتكى مرضاً نزل به فنذر لله إن برأ من وجعه أن يزيد في صومه أسبوعاً فبرأ فصار يصومها أي (47) يوماً فلما توفي أمر الملك الذي جاء بعده بصيام ثلاثة أيام فصارت أيام الصيام (50) يوماً موزعة على أشهر السنة. وطريقة وأيام صيام اليهود في هذا الزمان وهذه الأيام بان الصوم عند اليهود : نوعان : النوع الأول: صوم إجباري (جماعي) أربعة أيام حسب الأحوال يحددها الرهبان والرؤساء وهي : - صيام يوم للتكفير عن الخطية العامة المعروف (بيوم الغفران). واليوم الثاني يصام يوم قبل أن يدخل الجيش في حرب مع العدو. واليوم الثالث يصام يوم إذا مات الملك أو الرئيس. واليوم الرابع يصام يوم لتوقي كارثة متوقعة تحصل للناس. أما النوع الثاني : صوم اختياري (فردي) طلباً للتوبة حيناً وتجنباً للسوء والضرر حيناً آخر. وأيضا من التحريف الذي ادخله اليهود على على الصيام المفروض الذي كتب على موسي عليه السلام ما يسمي عندهم (بالصيام الأبدي ) إذ فيه على اليهود الامتناع عن. القربان والامتناع عن أكل بعض لحوم الحيوان والامتناع عن أكل الشحم والامتناع عن أكل. الميتة والامتناع عن. النجس ولديهم في توراتهم المحرفة شرح عن المحرمات الأبدية وفي الأخير نسأل أين هم اليوم من الشرائع السماوية وبعد أن حرفوا ما فرضه الله تعالى وأصبحوا يحددون هم أيام وزمن وكيفية صومهم وما يباح وما يحظر من مأكل ومشرب ووقت ذلك وعلى من وبما هو مخالف لما شرعه الله في الديانة اليهودية التي نزلت على موسى عليه السلام. . ولهذا نجد أن صيامهم ومفهومه وطرق أداءه لديهم ليس ما فرضه الله سبحانه وتعالى في التوراة التي أنزلت على موسى عليه السلام وقبل تحريفهم لها وما يفهمونه اليوم ويؤدونه من صيام إنما هو مخالف ومحرف.