عبدالباسط الشميري
abast66 @ maktoob.com
الثابت والمقدس في رحلة الموائمة بين القيم والأفكار، وبين الثبات والتغيير حتماً يرى البعض أن الثابت هو عنوان عريض للبقاء في دائرة الجمود هروباً من استحقاقات كبيرة يفترض أن يكون المجتمع الإسلامي قد تهيأ لها، بينما يرى آخرون أن الفكر الإسلامي المتجدد يفهم القانون الأساسي للحركة والتي لا تكون إلا داخل إطار الثبات، ويرفض أصحاب هذا الرأي الاندفاع العشوائي وراء ما يسمونه الخداع أو صيحة التغيير "الحق الذي يراد به باطل"، والحقيقة إن بين هذا الرأي وذاك تأتي أسئلة عريضة مثل كيف يمكن أن نحافظ على الجوهر القائم والأصيل من فكرنا الإسلامي الراقي وسط هذا المد والجزر؟ ثم أي إصلاح اجتماعي هذا الذي ينادي به الناس سيكون مجدياً دون الالتزام الأخلاقي؟
إن تمسك المسلمين بقيمهم المعنوية والروحية والأخلاقية كانت بمثابة الحصن المنيع الذي تحطمت على جداره المؤامرات الاستغرابية، وبين هذه وتلك تبرز المقترحات والحلول التي يفترض أن تكون والتي ينبغي أن يتمثلها المجتمع الإسلامي سعياً لمواجهة الاندفاع المتسارع نحو الاستهلاك والترف والاستعلاء والاستمتاع المادي، فإن الحضارات لا يسقطها إلا الترف والتحلل من الأخلاق الكريمة والعصبية والظلم الاجتماعي وبذلك سقطت حضارة اليونان والرومان وحضارة الفرس، بل إن من الطبيعي أن ندعوا ونطالب المجتمعات الإسلامية التحول من الأنانية إلى الخيرية ومن الشراهة إلى إنكار الذات، بل إن الأصل أن يتحرر الاقتصاد الإسلامي من التبعية المفرطة، وفي كل شيء للغرب أو للشرق، أما طبيعة الأعداء فهي التآمر على الإسلام والمسلمين منذ أن أظهر الله هذا الدين على البسيطة، بل إن غريزتهم تدفعهم دفعاً لأن يتآمروا على الإسلام بغية القضاء عليه وبعيداً عن كل الهرطقات والتنظيرات البلهاء السامجة تأتي كلمات الخالق عز وجل في كتابه العزيز "ود كثيرٌ من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم" لكن ومهما كانت الدعاوى والحملات الإعلامية التغريبية والصهيونية التي تحاول زرع الفرقة واستغفال الفكر والعقل العربي والإسلامي نود أن نوضح بعض الحقائق التي يجهلها البعض بقصد وبدون قصد، نقول إن الفكر العربي والإسلامي هو أساس الحضارة والرقي، وعلينا جميعاً توجيه الشباب إلى معرفة الأصول الحقيقية لدينهم ولحضارتهم التي دانت أو سادت بها الأرض، أما الرد الأمثل لمن يعتقدون ويزعمون أن هناك تسامحاً وثقافة وأخذوا ومصطلحات ما أنزل الله بها من سلطان فإليهم هذه النبدة البسيطة التي جاءت في فكرة اليونسكو المنظمة الإنسانية التي تعمل في إطار شبه متوازن لا يصل إلى درجة الاستعلاء والعصرنة فحسب، بل هي محاولة لطمس هوية الآخر وليس كما يزعم ويعتقد كثير من الناس، لكن في إطار ما يطلق عليه إلغاء فكرة القوميات وإعلاء ما يسمى بالحضارة العالمية الكونية بغية القضاء على مقومات أمم أخرى ومنها هذا الإسلام الذي شغل الدنيا، حيث أصدر اليونسكو كتاباً ضخماً وبسب أنور الجندي في مؤلفه المد الإسلامي وتحت عنوان "الأديان الحية" وقد قدم أكثر من عشرين ديناً بشرياً وأدخل فيها الإسلام كدين من الأديان دون تفرقة بين الأديان السماوية المنزلة وبين الأديان الوضعية كالبوذية والكونفشيوية وذلك من قبيل التمويه على المثقف المستنير ورغبة في هدم الفوارق بين الأديان المنزلة وبين الأديان الوضعية وبين الأديان والإسلام، وهي محاولة يسعى البعض أن تحقق هدفاً خفياً من وراءها، فإذا كانت الصهيونية العالمية ترمي إلى إزالة التمييز الواضح الذي عرفه به الإسلام بوصفه رسالة التوحيد إلى البشرية جمعاء رسالة التوحيد الخالص فماذا نسمي دعوات البعض؟ فهل يفهم هذا البعض المغزى من ذلك "أم على قلوب أقفالها؟".