عبدالباسط الشميري
لا أحد يشك مجرد شك بأن الفساد يعد أحد أخطر الأوبئة أو الأمراض الفتاكة الذي يلتهم مقدرات الشعوب والأمم ولا أسوء منه إلا الجهل بتبعاته ففيروس كهذا خطير ومعدٍ ناقل للأمراض والعلل لا يمكن علاجه بسهولة بل يحتاج إلى عمليات متعددة الاتجاهات والأغراض قد تبدأ بالكي ولا تقف عند حد الاستئصال إن استدعت الظروف، وقد استطاعت بلدان عديدة محاصرة هذا الداء الخبيث واستئصاله والتخلص منه ولم يستخدم هؤلاء لا قوانين خارقة ولا معجزات، بل إرادة وإدارة فاعلة مقتدرة، صحيح أن تلك الحكومات دفعت أثماناً باهضة في سبيل ذلك لكن لم يكن أمامها إلا التضحية بمصالح قلة قليلة من أفراد المجتمع بهدف حماية قطاع عريض وواسع من أبناء المجتمع.
وقد كان لهم ذلك، فهل نحن أقل شأناً من تلك الشعوب والأقطار؟ الإجابة بكل تأكيد لا والله لكن كيف يكون لنا هذا وبيننا من يدعم ويجاهر بالسوء وفي وضح النهار؟
وأنى لنا ذلك ونحن لا ندين المظاهرة إلا تزلفاً أو على استحياء؟ بل كيف يكون مواجهة هذا الداء وهناك من يحاول أن ينحو بالوطن باتجاه القضايا الهامشية لا نقول أنها ليست آنية لكن الاستحقاقات الوطنية تستدعي التعقل بل عقلنة المشهد المحلي، بل لقد غدا هذا مطلباً آنياً لا يمكن تأجيله، فالأوضاع الدولية والإقليمية خطيرة وخطيرة جداً، والأخطر منها التجاهل غير المنطقي لكل ما يعتمل من حولنا وكأننا نعيش في كوكب لا يتصل بالكرة الأرضية لا من بعيد ولا من قريب، وهنا مربط الفرس، فلو قمنا بدراسة ومراجعة المسار الوطني بكل تشعباته خلال العامين الماضيين فقط لاكتشفنا العلة أو المرض الأخطر الذي تسبب بكل هذه الخلافات التي تعتري المشهد المحلي وتكاد أن تفتك به، والأغرب من كل هذا أنه لا أحد يريد يعترف بالحقيقة أنه كل ألوان الطيف يكابرون والتنظير هنا غير وارد لكن هي حقائق للمكاشفة وإعادة الاعتبار للوطن الذي لم يعد يحتمل أي نزق أو مماحكات، والرهان اليوم على المواطن كما كان بالأمس أو كما هو الحال.
لكن هناك متغيرات لا بد أن يفطن لها الجميع "سلطة ومعارضة" تتمثل في أن المواطن اليمني حسب اعتقادنا قد بدأ يفقد الثقة بكل الأطراف، بل نظن أنه قد فقد الثقة بالفعل حتى أننا لم نعد نرى أحداً يهتم بما يجري بين الساسة بل إن الصمت والترقب لهو الخطر الماحق والذي يسبق العاصفة والتي لو صارت فلن يكون بمقدور أحد إيقافها أو السيطرة على تبعاتها على أقل تقدير.
وختاماً نقول: أيمكننا بالفعل أن نحقق كل الأحلام المؤجلة في قاموسنا الوطني؟
الإجابة قد تكون الأحلام حقيقة لكن ليس هاهنا!