;

مفهوم وأداء الصيام عند أتباع الديانة المسيحية ..الحلقة الأخيرة 3311

2008-09-06 04:14:44

شكري عبد الغني الزعيتري

نستقبل آراء القراء للكاتب على البريد الالكتروني Shukri_alzoatree @yahoo.com

تحدثنا بالأعداد الثلاثة السابقة وعلى امتداد ثلاث حلقات متتالية عن الصيام في الأديان حيث كانت الحلقة الأولى عن مفهوم الصيام وأداءه في الأديان السماوية وفي الحلقة الثانية كانت عن مفهوم الصيام وأداءه في الإسلام وفي الحلقة الثالثة كان عن مفهوم الصيام وأداءه في الديانة اليهودية وفي هذه الحلقة وهي الرابعة والأخيرة سنتحدث عن مفهوم الصيام وأداءه في الديانة المسيحية وتحريف مضمونه وكيفية أداءه ... و إذ أن أهل الديانة المسيحية (النصارى) يتفقون معنا نحن المسلمين في الهدف الرئيسي من الصيام ولكنهم يختلفون معنا في التفاصيل . فالنصارى هم أهل الكتاب وأهل الإنجيل وهم يسمون أنفسهم بالمسيحيين نسبة إلى المسيح عيسى علية السلام وهو نبي من أنبياء بني إسرائيل كما جاء في القرآن الكريم في قول الله تعالى : (( إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم... ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ورسولا إلى بني إسرائيل...)).

والصوم بشكل عام عند المسيحيين هو الامتناع عن الطعام حتى بعد منتصف النهار ثم تناول طعاما خال من الدسم عند البعض بينما البعض الآخر يرى أن الصوم هو امتناع عن الأكل والشرب من الصباح إلى المساء. وهم يصومون عادة يوم الأربعاء من كل أسبوع لأنه يوم المشاورة على موت المسيح عندهم ويوم الجمعة لأنه صلب عندهم فيه المسيح ويوم الميلاد وعددها (43) يوما تنتهي قبيل عيد الفصح. (المصدر دراسات في الأديان اليهودية والنصرانية) ودواعي الصوم عند المسيحيين هي الرغبة في التعمق الروحي وطلب القوة لقهر العدو الروحي للإنسان إلا وهو الشيطان كما جاء في إنجيل متى (هذا الجنس لا يخرج إلا بالصلاة والصوم) كما أن الصوم عندهم ليس للتكفير عن خطايا سابقة بل لأجل تقوية العلاقة مع الله . ومن هنا فان من أهم مميزات الصوم عند المسيحيين هي السرية امتثالا لقول المسيح كما جاء في كتبهم (متى صمت فادهن راسك واغسل وجهك لكي لا تظهر للناس صائما بل لأبيك الذي في الخفاء) ويقصد به الرب (الله سبحانه وتعالي المنزه عما يقولون ). وفى الديانة النصرانية نجد إشارات عديدة لصيام المسيح عليه السلام في الأناجيل المتعددة غير أن هذه الأناجيل لم تحدد أياما للصيام ولا ساعة لبداية الصوم كما لم تحدد لهذا الصيام التزامات أو ممنوعات أو مباحات وكان الغرض من الصيام التبرؤ من الرياء والنفاق إلى صدق الإخلاص وخالص الصفاء لوجه الله تعالى الذي يرى في الخفاء حقا وهذا هو المضمون الأخلاقي السامي للصيام عند المسيح . على أن الصيام المسيحي ارتبط بطابع النوح وإعلان الحزن وأن السيد المسيح وضع آدابا للصيام وتعاليمه كما تقول الأناجيل لضمان صفائه من الرياء والنفاق . والرعيل الأول من أتباع المسيح دفعهم الحماس الديني الجارف إلى الصيام الطويل وقد أشارت الأناجيل إلى صيام يوم ذكرى قيامة المسيح وأشارت إلى صيام يومين من الأسبوع هما الأربعاء والجمعة مخالفة لليهود الذين يصومون الاثنين والخميس وفى العهود التالية تم إدخال مزيدا من التحريف للصيام عما كتبه الله وجاء بالإنجيل الصحيح المنزل على عيسي علية السلام إذ تحول الامتناع المطلق عن الطعام دون الشراب الذي كان موجودا في العهد االعيسوى إلى الامتناع فقط عن بعض المأكولات أما أيام الصيام عند النصارى تختلف باختلاف الكنائس (الكاثولوكية - البروتستانتية - الأرثوثكسية) وباختلاف الأجيال والطبائع والبلاد. ويتفق النصارى في كل كنائسهم على صيام يوم واحد يسمونه (عيد المسيح) يصومونه قبل حلول (عيد الفصح) الذي يحتفلون به قبل نهاية السنة الميلادية لعيسى عليه السلام كما يزعمون بخمسة أيام - أي يوم 25 ديسمبر من كل عام وهو عندهم أهم من عيد الميلاد نفسه. وتختلف هذه الكنائس بصيام أيام أخرى كصوم يوم واحد لكل عيد من أعيادهم كعيد الصليب والرسل والعذراء والفِطاس والأربعين يوماً حولت عند بعضهم إلى أربعين ساعة فقط ويمتنعون عن الأكل والشرب والجماع من منتصف الليل حتى الظهر هذا للشيوخ المسنين والضعفاء أما القادرون فيلزمهم الإمساك إلى قبل غروب الشمس بساعة واحدة وهذا الامتناع إنما يكون فقط عن أكل اللحم وما ينتج من الحيوان مما لونه أبيض كبياض البيض والزبدة واللبن وما عدا ذلك يجوز طبخه وأكله بشرط ألا يطبخ إلا بزيت نباتي. وفي صوم يوم الميلاد يجوز فيه أكل السمك وأنواع الفاكهة لا غير ومن الملاحظ في الصيام عند المتدينين من اليهود والنصارى في العصور المتأخرة شدة الاختلاف والنزاع بينهم فاليهود يحرمون صوم يوم الأحد ويفضلون صوم يوم السبت والنصارى بخلافهم يفضلون صوم يوم الأحد ويحرمون صوم يوم السبت كما كان اليهود في السابق يصومون يومي الاثنين والخميس فخالفهم النصارى ونقلوا صيام هذين اليومين إلى يومي الأربعاء والجمعة وما كان هذا النزاع ليقع بينهم لو لم يتبعوا الهوى ويحرفوا الكلم عن مواضعه وصدق الله العظيم القائل في محكم كتابه القران الكريم : (( وَقَالَتْ الْيَهُودُ ليْسَتْ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتْ النَّصَارَى لَيْسَتْ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ )) (سورة البقرة) وقال الله تعالى : (( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ )). وأما في المسيحية فالصوم هو الامتناع عن كل طعام وشراب من نصف الليل إلى الثانية عشرة ظهرا ويعبر لدى المسحيين الصوم عن تواضع الإنسان ورجائه ومحبته وأما مسألة الأربعين يوما فهي تعود إلى أن المسيح(عيسى) عليه السلام قد صامها في البرية تكتما إشارة إلى التعبير الصادق عن الرجاء الذي يفتح القلب للبر الباطني ومن أقوال الإنجيل المحرف ( أما أنت فإذا صمت فأدهن رأسك واغسل وجهك لكيلا يظهر للناس انك صائم( ....

 

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد