نبيل مصطفى مهدي
مصطلح خبيث يعشش في حياتنا السياسية اسمه تعبئة أو حشد الجماهير، هذا المصطلح أصبح غير معترف به حتى لدى الأحزاب الحاكمة، فهي ترفض هذا المصطلح أو التعبير لأن المشاركة السياسية أصبحت تعتمد على إقناع الجماهير وليس حشدهم، هذه هي الوسيلة التي يجب أن تقضي على مثل هذه المصطلحات أو الشعارات التي عشقناها بلا معنى ورددناها بلا تفكير وتعاطيناها بالماضي بلا مقاومة، ولم نكتشف خطورة إدمان ما يسمى "الحشد الزائف" رغم تجاربنا المريرة التي تؤكد أن كل الجرائم التي ارتكبت في حق الجماهير كانت باسم الجماهير.
إنه مصطلح أو تعبير رديء وسيء السمعة، وآن الأوان لاستبداله بمفهوم راقٍ وواعي، ليس فيه تزييف ولا خداع ولا تمويه، مفهوم يعتمد على الإقناع الذي يخاطب العقل ويحترم الوعي، ويسهم في إيقاظ الحس الوطني حتى لا يصاب بنوع من التبلد، نتيجة الإسراف في استخدام مثل تلك التعبيرات الموروثة من النظم الشمولية، وأضفى عليها عبدة الشعارات هالة وقدسية تقترب من عبدة الأصنام، السؤال المحرج الذي لا مفر من الإجابة عنه هل يستطيع الحزب الحاكم في بلادنا المؤتمر الشعبي العام بقيادته الحالية التي تربي البعض منها في دهاليز الحشد، وغرفوا من مكاسبه أن يتجاوب مع تلك الروح.. بدلاً من ترديد نفس الشعارات الفارغة من المعنى والمحتوى والمصداقية.
اعتقد أن المؤتمر الشعبي العام باعتباره الحزب الحاكم أصبح مضطراً الآن لتغيير موروثه القديم بأنه حزب المنافع والمزايا والهبات، وأن بطاقة عضويته تضفي على صاحبها "برستيج" السلطة ونعمة القرب من دوائر صنع القرار.
إن المؤتمر الشعبي العام يموج الآن بتيارات رائعة في أفضل العناصر الشبابية في الوطن اليمني الموحد الذين تسلحوا بالوعي الوطني والتربية السياسية السليمة ولكنهم يقفون في طابور طويل انتظار فرصة المشاركة الحقيقية في مختلف مواقع المؤتمر ومناصبه القيادية ويحول بينهم وبين ذلك طابور أطول من صائدي المناصب في أي موقع وتحت أي لافتة سياسية.
ليس غريباً أذاً أن يتمسك هؤلاء بخطة "حشد الجماهير" ليقنعونا بأنهم الأقدر على الاستمرار والعطاء والبقاء، والأغرب أن بعضهم مقتنع فعلاً بحكاية أنه "حاملاً شايل" المؤتمر الشعبي على كتفيه، أو أنه قادر على تعبئة الجماهير وتحريكها بإشارة من أصابعه بدلاً من البرامج التي تستهدف خدمة الجماهير.
أنهم والله واهمون لأنه الروح الجديدة التي تدب الآن في أوصال المؤتمر الشعبي لم تخرج من رحم إشباع الماضي، أنها روح تعبر عن آمال وطموحات جيل بأكمله من الشباب المثقف الوحدوي الوطني المعبر عن طموحات الشعب والوطن، فهل آن الأوان لأن يضبط المؤتمر الشعبي الحاكم إيقاع حركته مع مصطلح حشد الجماهير الفرق بين الجماهير التي تجري وراءهم لتلعنهم والجماهير التي تسير خلفهم لتؤيدهم والله من وراء القصد.
