شكري عبد الغني الزعيتري
نستقبل أراء القراء للكاتب على البريد الالكتروني. Shukri_alzoatree@yahoo.com
معظمنا يكون في حالة فراغ ما بين الرابعة عصرا وحتى أذان المغرب) وان خرج إلى الأسواق في هذا الوقت فانه سيري العجب عراك هنا وعراك هناك بين صائمين من الناس .. وكثيرا منا رأى في هذا الوقت عراكاً ومشادات كلامية بين متعاركين من الصائمين يصل إلى الشتم والسب ... وأيضا رأى عراكاً وصل إلى امتداد الأيدي .. وعراكاً وصل إلى امتداد الجنابي .. وعراك وصل إلى امتداد البنادق والمسدسات النارية الشخصية بين المتعاركين ... وكثيرا منا سمع بوقوع جرحي وإسعافات إلى المستشفيات قبل أذان المغرب بسبب عراك وقع بين أشخاص ووصل بعضها من حالات إلى الوفاة . لماذا .. ؟ الإجابة : بدافع قلة النوم الذي يتبعه ضيق النفس والصدر .. وفقدان الصبر ..... وهذا السبب له قاعدته التي جعلت منه سببا لإحداث الاعتداء على الغير والتطاول في الاعتداء إلى درجة القتل عند البعض أحيانا .. فالعوارض النفسية ومنها (ضيق النفس والصدر .. .. وفقدان الصبر) تحدث في نفس الإنسان بسبب قلة النوم والسهر والأرق وعدم إشباع الجسم بقسط كافي من النوم .. (وان نام الإنسان طول نهاره كما يحدث في شهر رمضان) . إذ أن العلماء اكتشفوا بأنه توجد خلايا في جسم الإنسان تظل يقضه ولا تنام ولا تهدئ ولا تستريح إلا في الظلام .. وهذا الظلام لا يحل إلا في الليل . وان نام الإنسان طيلة نهاره فانه يصحوا من نوم نهاره متعبا ويشعر بخمول الجسم وإرهاق .. والبعض يمتد لديهم التعب إلى الشعور بضيق النفس ... وقد اكتشف العلماء بان السبب لان تلك الخلايا لا تنام ولا تستريح في ضوء النهار وان نام الإنسان في النهار وسكن جسمه . ولهذا قال الله تعالي : (( وجعلنا الليل لباسا * وجعلنا النهار معاشا )) ( سورة النبأ 11) . ونحن في اليمن بطبائعنا وعاداتنا اليومية وتقاليدنا في شهر رمضان معظمنا يسهر الليل كله وبطوله وينام في النهار ولهذا تري الكثير منا يستيقظ شاعرا بالإرهاق والجهد والتعب وخاصة أن كان من المخزنين ممن يتناولون القات في ليالي شهر رمضان والذي بدوره يزيد من حالة السهر والأرق . وقد توصل الطب إلى أن قلة النوم يؤدي إلى التعب والصداع والغثيان واحمرار العينين وانتفاخهما والتوتر العصبي والقلق وضعف الذاكرة والتركيز وسرعة الغضب والآلام في العضلات وبعض المشاكل الجلدية كالبثور . كما توصل العالم البروفيسور مولدوفيسكي اختصاصي الامراض العصبية والنفسية بكلية الطب في جامعة توريتتو بكندا إن قلة النوم يسبب خللا في جهاز المناعة وهو خط الدفاع الأول والأخير ضد الأمراض وقال((أن هناك أمراضا كثيرة كانت خافية وغير معروفة السبب وتبين أن النوم وقلته وراءها وان الجهاز المناعي مبرمج على ساعات اليقظة وساعات النوم التي يحتاجها الإنسان وعند حدوث تغيير في هذه الدورة اليومية يصاب جهاز المناعة بالتشويش والفوضى )) .. إذن فضيق النفس والصدر وفقدان طول البال وعدم المقدرة على تحمل الآخرين حتى عدم تحمل الأصوات أو حركات الأبناء أن كان احدنا بداخل البيت ويريد أن ينام في العصر قبل المغرب .. ويزد علي ذلك تأثير القات و ما يعانيه متناول القات من الأرق .. أضف إلى أن النوم يتم بالنهار خلال شهر رمضان .. هذه أدت إلى وجود العامل الرئيسي لدفع البعض من الناس إلى عدم الصبر وعدم التحمل للآخرين وسرعة استفزازه من ابسط المواقف أو الكلمات التي يواجهها من الغير والذي يؤدي به إلي الاعتداء على الغير ما لم يتحلي بالصبر .. ولأن الله سبحانه وتعالي اعلم بالنفس البشرية وبالظروف التي تحيط بها وتتغير من وقت إلى آخر واعلم بالعوارض النفسية و إذ يمكن أن نقول أن فرض صيام شهر رمضان فية من الامتحانات من الله سبحانه وتعالي للصائمين الكثير ومن الصبر أمام العوارض النفسية التي يتعرضون لها بسبب قلة النوم والجوع والعطش وقد انزل الله تعالي سبحانه الآية الكريمة التي تدعو الإنسان المسلم إلى التحلي بالصبر والعفو بقوله تعالى : ((الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ )) (سورة آل عمران 134) وذلك لدفع الإنسان الصائم سواءً في شهر رمضان أو في غير شهر رمضان بالتحلي بقوة ضبط النفس عند حدوث هذه العوارض النفسية وأسبابها وبان لا يسير وراء ها كحافز نفسي سلبي وان لا يترك نفسه تقحمه في فعل الأفعال التي لا ترضي الله تعالى .. ولا ترضي خلقة إذ قال الله سبحانه وتعالي (( إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربى إن ربى غفور رحيم )) (سورة يوسف 53) وهنا وأمام هذه الآية التي تدعو إلى ضبط النفس والتحكم فيها... والآية الكريمة التي تدعو إلى التحلي بالصبر والعفو في قوله تعالي ((وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ .... )) نتساءل : لماذا يفقد بعض الصائمين صبرهم .. ؟ ولماذا لا يتذكرون قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه )) (رواه البخاري ومسلم ) وقول رسول الله صلى الله عليه و سلم:(( من صام رمضان و عرف حدوده و تحفظ مما كان ينبغي أن يتحفظ منه كفر ما قبله )) (رواة أحمد ) ولماذا لا يتذكرون الحديث القدسي وقول رسول الله صلى الله عليه و سلم : قال الله سبحانه وتعالى (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلاَّ الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا:إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ،وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ)(متفق عليه) فلماذا لا يصبر أولئك النوع من الناس ليصح صومهم إيمانا بالله واحتسابا له تعالي ولكي يضمنوا ويتأكدوا ولكي تطمئن قلوبهم بأن صيامهم مقبولا عند الله سبحانه و لم يمسه رفث ولا صخب ...
