;

في الصلاة تتجلي أركان الإسلام ومبادئ في المعاملات 1820

2008-09-08 09:01:54

شكري عبد الغني الزعيتري

نستقبل آراء القراء للكاتب على البريد الألكتروني: Shukri_alzoatree@yahoo. com

كلنا نعرف أن أركان الإسلام هي : (أداء الشهادتين وإقامة الصلاة وصيام رمضان و إيتاء الزكاة وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً). ونعرف أن الصلاة : تعني التوجه لله تعالى بأقوال وأفعال مخصوصة تبدأ بالتكبير وتنتهي بالتسليم. ونعرف أن المصلين : هم الذين أمنوا بالله وكتبه وملائكته ورسله واليوم الآخر وبالقضاء خيره وشره وأدوا شعائر الله وحافظوا والتزموا بتنفيذ شعيرة الصلاة المكتوبة التي فرضها الله تعالى إذ أن الصلاة صدرت بالتكليف المباشر من الله تعالى. وقد جاء عند الامام محمد متولي الشعراوي ( رحمة الله عليه ) إن الصلاة هي المحور الأساسي في العبادة لأن فيها تتمثل أقسام العبادات الأخرى ففيها بالمعنى الفقهي العبادات الشعائرية والامتثال لها وهو القسم الأول من منهج الله عز وجل وأيضا فيها القسم الثاني من منهج الله عز وجل وهو المعاملات. فالقسم الأول من منهج الله تعالى وهو أمور العبادات : والتي هي الأعمال الشعائرية وتتمثل في ( أداء الشهادتين و إقامة الصلاة وصيام رمضان وإيتاء الزكاة وحج البيت لمن استطاع إليه سبيله). وهذه الشعائر التعبدية لا دخل للبشر في فرضها أوفي تعديلها أو اختيار جزء منها عن جزء أو التقصير في أدائها وهي مفروضة فبتركها الإنسان يكون مأثوماً مذنباً ويحاسب وعلى الإنسان الامتثال لتنفيذها. وأداء الصلاة أن تضحي بالوقت الأصيل الذي يحدث فيه العمل وجمع المال (فالوقت هو جوهر الأمر في شعائر العبادات الأخرى ) وبالتالي من هذا المنطلق فالصلاة تأخذ جميع بنود العبادات الشعائرية وفيها تتجلي وبشكل يومي أركان الإسلام الخمسة إذ أن : (1) في الصلاة تذكر وتنطق الشهادتين : ( أشهد أن لا اله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله) فكلما صليت ففي الصلاة تنطق الشهادتين وهذا الركن الأول من أركان الإسلام. (2) وأداء الصلاة : بذاتها وهي الركن الثاني من أركان الإسلام. (3) وفي الصلاة ( صيام ) : وإذ أن (الصيام) هو الامتناع والإمساك عن شهوة البطن من المأكل والمشرب والامتناع عن شهوة الفرج خلال الوقت الذي حدده الله تعالى. والصيام هو أن تضحي برغبتك في شهوة البطن وشهوة الفرج في وقت من وقتك وفي الصلاة أنت تمسك عن المأكل والمشرب وشهوة الفرج وهو أمساك وامتناع عما يجب أن تمسك فيه عند الصيام بل في الصلاة يتزايد الإمساك لأكثر من ذلك حيث انك تمسك وتمتنع عن ما هو مباح من مباحات الصيام كالكلام والحركة والنظر إلى من حولك وهنا يتجلى في الصلاة الركن الثالث من أركان الإسلام وهو الصيام. (4) وفي الصلاة ( زكاة ) : وإذ أن ( الزكاة ) هي إخراج قدر من المال وصرفه في المصارف التي حددها الله تعالى في الآية(60) من سورة التوبة ووجود الزكاة يعني وجود المال ووجود المال يعني وجود فرع من فروع العمل ووجود العمل يعني وجود الوقت والجهد أذن فالزكاة هي أن تضحي بثمرة من وقتك وجهدك وبشكل نقدي وهو (المال) وإذا صليت فان هذا الركن الرابع يتجلي في صلاتك ولكن بطريقة عبادة أخرى بان تستقطع جزءاً من وقتك(0ولأن جوهر الأمر هو الوقت ) والذي تضحي به لأداء الصلاة والذي يمكن أن تعمل فيه وتكسب المال و الذي هو منبع لأداء الزكاة. (5) وفي الصلاة (حج يومي ) : وإذ أن تعريف الحج لغة هو قصد شئ عظيم والذهاب إليه. وتعريفه اصطلاحا : هو الذهاب إلى بيت الله الحرام في وقت مخصوص من السنة بنية أداء مناسك الحج من إحرام وطواف وسعي ووقوف بعرفة وغيرها استجابة لأمر الله وابتغاء مرضاته. وفي الصلاة أنك أن جئت تصلي تستحضر بيت الله الحرام أمامك أي تتوجه قبلة الكعبة المشرفة وكأنك تحج كل يوم وفي كل صلاة لأن الحج هو زيارة بيت الله الحرام والطواف حول الكعبة المشرفة وحضورة الكعبة المشرفة أمامك (وفي الصلاة تكون أمامك الكعبة المشرفة وما بينك وبينها إلا حاجز المكان). ففي الصلاة تتجلي جميع العبادات الشعائرية (أداء الشهادتين وإقامة الصلاة والصيام وإيتاء الزكاة والحج ولهذا هي عماد الدين إذ يقول رسول الله (صلي الله عليه وسلم ) : (( رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد )). أما تجلي القسم الثاني : من منهج الله تعالى وهو أمور المعاملات الشرعية في الصلاة : حيث إن المعاملات الشرعية هي نظم تنظم تعاملات البشر مع بعضهم البعض والمجتمع البشري وفق الأحكام الشرعية. وان المعاملات في الإسلام تمثل الإجراءات والأعمال التي يقوم بها فرد مع الغير ووفق علاقة الفرد بمجتمع قريب هو الأسرة ومجتمع بعيد هو الأمة ولا بد من وجود ( والي أمر أو حاكم ) يعمل علي تنفيذ أحكام الله وقضاء حوائج الناس في فصل الخلافات وتقاضيهم وتنظيم شئون الحياة وفق تنفيذ الأنظمة المنبثقة من الأصول للأحكام الشرعية و يشرف على تنفيذها بأن يلزم التنفيذ لبنود المعاملات بين البشر. وفي الصلاة تتجلي أمور المعاملات : فعندما يؤذن المؤذن نداءا للصلاة فان الناس يهرعون إلى ربهم ويتركون كل شئ ويتركون مرادهم من الأمور الأخرى وما وراءها وحين يهرعون إلى الصلاة يتواجدون في بيوت الله المساجد وفي المساجد يؤدون الصلاة و يكون الكل متساوون لا فرق بين احد وأحد وهنا يتجلي ويتحقق أول مبدأ من أمور المعاملات وهو (المساواة ) إذ في الصلاة تترك الفوارق ولا يوجد رئيس ولا مرؤوس وتزول الكبرياء والغرور ولا أحد يعتلي على احد وحين يتقدم واحد من الناس ليكون الإمام الذي يؤم الناس في الصلاة و يشترط في من يؤم الناس ويصلي بالناس شروط أن يكون الأكثر حفظا للقرآن وأن يكون افقه الناس في السنة وشروط أخرى. فان جئت تصلي فأنك تصلي خلف إمام تنقاد له ويؤمك فجعل الله صلاة (الجماعة ) بعد الإمام و هنا يتجلي ويتحقق ثاني مبدأ من أمور المعاملات وهو ( المشاركة وروح الجماعة للعمل). وإذا قرأ الأمام القرآن في الصلاة عليك الاستماع له وإذا ركع ركعت بعده وإذا سجد سجدت بعده ولا تصح صلاتك إذا سبقت الإمام أو خالفته في الصلاة يعني أنها سألة طاعة وهنا يتجلي ويتحقق مبدأ ثالث من أمور المعاملات وهو(الطاعة لولي الأمر أو الحاكم ) مع اشتراط صواب الحاكم وتوافق ما يقوم به مع شريعة الله ومنهجه في الأصول. فالصلاة تعلمنا كيف يكون للجماعة أو المجتمع إمام يسيرون وراءه وبالتالي لابد من وجود ولي الأمر في الحكم (أمير أو حاكم) يتبع ويقود الناس و يعمل علي تنفيذ أحكام الله وقضاء حوائج الناس و فصل الخلافات والتقاضي بينهم وتنظيم شئون الحياة للمجتمع وفق تنفيذ الأنظمة المنبثقة من الأصول للأحكام الشرعية ويشرف عليها ويلزم التنفيذ لبنود المعاملات بين البشر. وفي الصلاة تعويد الناس على الامتثال والخضوع للإمام ويذهب مثل ذلك التعلم نحو طاعة ولي الأمر في الحكم فقال الله تعالى ((وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم )). كما أن الصلاة تعلمنا إذا أخطأ الأمام في قراءة القران أو في الركوع أو السجود أو نسي فانك تصحح خطأه وتراجعه بقولك (سبحان الله ) وهنا يتجلي و يتحقق مبدأ رابع من أمور المعاملات وهو(تصحيح الخطأ ومراجعته). كذلك إذا الخطأ أو نسي ( الحاكم ولي الأمر) فان على أهل المعرفة والدراية والعلم مراجعته وتصحيح الخطأ بالتذكير وهنا تعلمنا الصلاة مبادئ لابد من اتخاذها لإدارة شئون المجتمع البشري أهمها : (ا) أن يكون هناك ولي أمر (حاكم ) في الحكم يمتثل له لإدارة شئون الحياة والمجتمع وبما يناسب المجتمع ووفق الأصول للأحكام الشرعية. (ب) أن يتولي ولي الأمر (الحاكم ) قيادة المجتمع واتخاذ التدابير لتنفيذ الأحكام الشرعية ومنهج الله. (ج) أن يمتثل ويطيع أفراد المجتمع ولي الأمر وفيما لا يخالف شريعة ونهج الله. (د) أن يراجع ويصحح أي خطأ أو نسيان يقع فيه ولي الأمر الحاكم بالتذكير أولا وليس برفع السلاح عليه

وأخيرا فإن الصلاة تعلمنا كيفية إدارة شئون المجتمع أو الجماعة وإدارة التعاملات بين البشر بوجود المرجع لذلك ولي الأمر(الحاكم). وعليه فإن الصلاة يتجلي فيها القسم الثاني من منهج الله تعالى وهو ( أمور معاملات شرعية) كما تجلى القسم الأول من منهج الله تعالى وهو ( أمور العبادات وأركان الإسلام الخمسة ). ولهذا ورد في القرآن الكريم الأمر بإقامة الصلاة في سور متعددة وفي آيات قرآنية كثيرة ولأهمية الصلاة فإن أول ما يحاسب عليه المرء يوم القيامة يحاسب على الصلاة نسأل الله تعالى في هذا الشهر الكريم شهر رمضان المبارك أن يجعلنا وإياك عزيزي القارئ من مقيمي الصلاة وفي أوقاتها وفي المساجد وفي جماعة وأن يتقبلها منا. <

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد