محمد أمين الداهية
كانت الساعة حوالي الثامنة مساءً بعد أن تفرق ذلك الحشد الأسري عن مائدة العشاء وأخذ كل فردٍ منهم مكانه المعتاد أمام شاشة التلفزيون ليمارسوا عملية الهضم عن طريق الضحك الذي يحصلون عليه من المسلسلات الدرامية اليمنية الذي نتمنى أن تكون في وقت آخر لا يشغل الصائمون أو يقلل من عزمهم على أداء صلاة العشاء في وقتها المحدد، يا له من جمع أسري يحسدون عليه، فجأة ينقطع عنهم الضوء وتنطفى الكهرباء، حاولوا ضبط أعصابهم والسيطرة على سلوكهم وتوخوا الحذر في إطلاق أحر الدعوات على من كان السبب بذلك المرض الذي أصاب الطاقة الكهربائية وجعلها تستمر في هذيانها جراء ذلك الضغط الذي استعصى على أطباء الكهرباء أن يجدوا له حلاً، أخذ علي الطفل ذو الأربع سنوات شمعة لتساعده على إيجاد مكان "المحلبية" التي وضعها غرفته الصغيرة بعد أن خشي على نفسه من أن يصيبه "الوحش بأذى على حد قوله عندما انطفأت الكهرباء، استعان بتلك الشمعة ووجد ظالته "المحلبية" فأخذها وبتصرف طفل مشاكس رمى بالشمعة إلى أرض غرفته الصغيرة وعاد إلى مكان والده الذي أعطاه الشمعة لإيجاد ضالته ونسي أن يسأل ابنه أين ذهب بالشمعة، ما هي إلا دقائق معدودة إلا ولهب النار يضيء حجرة البيت والصغيرة ليالي بنت العشرة الأشهر تصارع ذلك الدخان وتلك النار التي بمعجزة من الله عجزت أن تصل إلى ليالي، اعتلى الصراخ وتجمع الناس وبتعاون الرجال تم السيطرة على ذلك الحريق وتم استخراج ليالي حيث وقد كانت غارقة في نوم عميق، وبفضل الله تعالى لم تصب بأي أذى، ولكن إذا تساءلنا عن ذلك الضرر الذي حصل في غرفة علي الصغيرة والتي تحولت إلى شبه محطمة بسبب ذلك السواد الذي حل في حيطان الغرفة ومن يعوض علي عن تلفزيونه الذي كان يمتعه بلحظات حميمة بصحبة توم وجيري وغيرهم من أصدقاء المتعة هل يتحمل مسؤولية ذلك والده الذي أعطاه أداة الجريمة "الشمعة" أم والدته التي تفرجت بلا مسؤولية على تصرف والد علي عندما أعطاه "الشمعة" دون أن تعير ذلك الموقف أي اهتمام، أم أن مسؤولية ذلك تعود إلى السبب الرئيسي لوقوع هذا الحادث وغيره من الحوادث المؤلمة التي تنتهي بمأساة إنسانية فضيعة سببها انقطاع تيار الكهرباء، قد ربما تبرئ نفسها وزارة الكهرباء لسبب عدم قدرتها على توفير طاقة كهربائية لا تعرف الانقطاع، ولأنها غير مسؤولة عن الإهمال الذي يؤدي إلى مثل هذه الكوارث، ولكن ما هو الحل؟ ومتى سيأتي اليوم الذي نحتفل فيه بمرور عام دون انقطاع التيار الكهربائي مهما كانت الظروف.<