عبدالباسط الشميري
لعله من المفيد لنا ولكم قراءنا الأعزاء وقد دخلنا في الثلث الثاني من هذا الشهر الكريم المبارك إن نعرج بكم على بستان من بساتين الجنة اقتبسناه من كتاب" الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي" للإمام أبن القيم الجوزية رحمه الله تعالى والذي بدأ بشرح المعاصي التي تزيل النعم ووضح المقصود بالمعاصي وهو كما يقول الذنوب تنسى العبد حظه من تجاره الله الرابحة وتستغله بالتجارة الخاسرة وكفى بذلك عقوبة والله المستعان: أو هكذا قال، والحقيقة انني وجدت نفسي وبلا شعور أختار هذا الموضوع ربما لأهميته أو أن ربي الهمني ذلك فحمداً لله على هذا، ومن عقوبة المعاصي إنها تزيل النعم الحاضرة وتقطع النعم الواصلة فتزيل الحاصل وتقطع الواصل فإن نعم الله ما حُفظ وجودها بمثل طاعته ولا استجلب مفقودها بمثل طاعته فإن ما عنده لاينال إلا بطاعته وقد جعل الله سبحانة لكل شيء سبباً وآفه: سبباً ، وآفه يجلبه فجعل أسباب نعمه الجالبة لها طاعته وآفاتها المانعة لها معصيته فإذا أراد حفظ نعمته على عبده ألهمه رعايتها بطاعته فيها وإذا اراد زوالها عنه خذلة حتى عصاه بها، أو كما قال رحمه الله ومن العجب علم العبد بذلك مشاهدة في نفسه وغيره وسماعاً لما غاب عنه من أخبار من أزيلت نعم الله عنهم بمعاصية هم وهو مقيم على معصية الله كأنه مستثنى من هذه الجملة أو مخصوص من هذا العموم وكأن هذا أمر جارٍ على الناس لاعليه وواصلي إلى الخلق لا إليه.
فأي جهل أبلغ من هذا؟ وأي ظلم للنفس فوق هذا؟ فالحكم لله العلي الكبير كما إن المعصية تباعد بين العبد والملك إنها تباعد عن العبد ولية وأنفع الخلق له وأنصحهم له، ومن سعادته في قربه منه وهو الملك الموكل به وتدنى منه عدوه وأغش الخلق له، وأعظمهم ضرراً له، وهو الشيطان فإن العبد إذا عصى الله تباعد عنه الملك بقدر تلك المعصية حتى إنه ليتباعد عنه بالكذبة الواحدة مسافة بعيدة.
وفي نفس الآثار "إذا كذب العبد تباعد عنه الملك ميلاً من نتن ريحه" فإذا كان هذا تباعد الملك منه من كذبه واحدة فماذا يكون مقدار بعده مما هو أكبر من ذلك وأفحش منه؟
وقال بعض السلف: إذا ركب الذكرُ الذكر عجَّت الأرض إلى الله وهربت الملائكة إلى ربها وشكت إليه عظيم مارأت.
وقال بعض السلف: إذا أصبح العبد ابتدره الملك والشيطان فإذا ذكر الله كبره وحمده وهلله طرد الملك الشيطان وتولاه وإن افتتح بغير ذلك ذهب الملك عنه وتولاه الشيطان.
و لا يزال الملك يقرب من العبد حتى يصير الحكم والطاعة والغلبة له فتتولاه الملائكة في حياته وعند موته وعند بعثه كما قال تعالى:"إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون (30) نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة". سورة فصلت [30- 31].