شكري عبد الغني الزعيتري
نستقبل آراء القراء للكاتب على البريد الالكتروني Shukri_alzoatree@yahoo. com
القات : كلنا اليمنيين رجالا ونساء نعرف هذه النبتة إذ أن معظمنا يتعامل معها يوميا بتعاطيها وتخزينها ومضغ وريقاتها. . . فالقات ينتشر تعاطيه وتخزينه في العديد من الدول في اليمن وأثيوبيا والصومال وجيبوتي وقد وصلت أيضا إلى بعض دول أوروبا كبريطانيا وألمانيا وغيرها. . ولأن هذه النبتة انتشر تعاطيها في العديد من الدول اتجه الكثير من المختصين سواءً في علم الطب أو علم الاقتصاد أو علم الاجتماع أو الزراعة والبيئة إلى دراسة القات وتأثيراته. . وقد ظهرت نتائج العديد من الدراسات بعض جوانب تلك التأثيرات. . . ففي مجال الطب توصل الباحثون أن للقات العديد من الأضرار الصحية ومنها : (1) أثره على الجهاز الهضمي : يعاني مدمنو القات من تقرحات مزمنة في الفم واللثة واللسان مما يعد سبباً من أسباب انبعاث رائحة الفم الكريهة كما أن إدمان القات يؤدي إلى ارتخاء اللثة مما ينتج عنه ضعف في اللثة والأسنان كذلك. والقات سبب رئيسي في عمليات عسر الهضم و فقدان الشهية و الإمساك مما يؤدي إلى مرض البواسير و سوء التغذية ولعل هذا ما يفسر الهزال وضعف البنية لدى غالبية المتعاطين للقات (2) أثره على القلب والجهاز الدوري : إن المواد الكيميائية في نبتة القات تؤدي إلى زيادة ضربات القلب وتضييق الأوعية الدموية مما يرفع ضغط الدم عند المصابين بالضغط ويجعل من الصعب على علاجات ضغط الدم أن تعمل على تخفيض الضغط بالإضافة إلى أن هذه المواد تجعل الشخص السليم أكثر عرضة للإصابة بضغط الدم (3) أثره على الجهاز البولي والتناسلي : القات سبب رئيسي في صعوبة التبول وإحداث الإفرازات المنوية الغير إرادية بعد التبول وفي أثناء المضغ وذلك لتأثير القات علي البروستات والحويصلة المنوية وما يحدثه من احتقان وتقلص فيساعد على تضخم البروستا ت ويؤدي هذا كله إلى الضعف الجنسي. (4) القات والسرطان : لاحظ الأطباء ارتباطا بين ازدياد حالات سرطانات الفم والفك وبين إدمان القات خاصة في السنوات الأخيرة إذ انتشرت عمليات استخدام مواد كيميائية غير مسموح بها عالميا ترش عليه أثناء زراعته وتؤدي إلى الإصابة بمرض السرطان. بالإضافة إلى عملية التخريش للفم أثناء عملية التخزين والتي تؤدي إلى تغيرات في بطانة الفم مما يساعد حدوث السرطان. (5) القات و السكري : ثبت علميا أن إدمان القات يؤدي إلى زيادة نسبة السكر في الدم مما يجعل متعاطيه أكثر عرضة للإصابة بمرض السكري كما أن المصاب بالسكري لا يستفيد كثيرا من علاج الأنسولين إذا كان من متعاطي القات. أما في جانب الأثر النفسي وأضرار القات النفسية : فبتحليل الحالة النفسية لمتعاطي القات فانه : (1) يحدث لمتعاطي القات حالة التنبيه وهي تبدأ بعد تناول القات بساعة حيث يشعر المتعاطي بالقوة والنشاط وزوال التعب والإرهاق كذلك بالراحة والنشاط الفكري والقدرة على الكلام والشعور بالانسجام مع الآخرين. ( 2) ثم يحدث لمتعاطي القات حالة الكيف : وهي تبدأ بعد مرور ساعتين أو ثلاث ويشعر المتعاطي براحة نفسية وعصبية تنقله للحل الخيالي لأي مشكلة ( 3) ثم يحدث حالة القلق النفسي : وهي تمثل آخر مرحلة حيث تبدأ عملية إخراج المخزون من القات من فم المتعاطي ويبدأ يظهر القلق إذ انه وجد أن تعاطي القات هو عامل من العوامل الباعثة علي ظهور القلق النفسي ويعتبر استخدام القات من أهم مصادر القلق لدى كثير من المتعاطين للقات مما يترتب على ذلك عدم الاستقرار النفسي لدى البعض وتعرضهم للاضطرابات النفسية أكثر من غيرهم حيث تتمثل تأثيرات المادة المنبهة في القات فيما ما يلي : الانتعاش المؤقت ثم زيادة اليقظة ثم زيادة النشاط ثم الهيجان.
ووجد باحثون أن الكثير من متعاطي القات يمتازون بحدة الطبع والعصبية بعد انقضاء فترة النشاط الكاذب كما يميل متعاطي القات للكسل العضلي والبدني بعد ساعات التعاطي للقات لدى الكثيرين ثم سرعان ما يبدأ الشعور بالقلق المصحوب بالاكتئاب والنوم المتقطع لدى البعض. . . وفي مجال علم الاجتماع توصل الباحثون أن للقات العديد من الأضرار الاجتماعية ومنها : إن لتعاطي القات أضراراً اجتماعية عديدة تتمثل في نشوء استعدادات غير طبيعية تساعد على الانحراف إلى الإجرام لدي البعض وذلك نتيجة الانعكاسات النفسية المترتبة على التعاطي كما قد يؤدي إلى تقبل السلوك ألانحرافي الإجرامي والشعور بالأنانية وضعف الإحساس بالواجب الاجتماعي وبالتالي اختفاء الولاء للأسرة والوطن مما قد يؤدي إلى تأثر الحياة الاجتماعية وإلى التفكك الأسري كما يلعب القات دوراً كبيراً في حدوث الفقر الذي يجر إلى ارتكاب السرقة والجرائم المخلة بالشرف والمروءة خاصة في غياب الوازع الديني القوي لهذه الفئة من الناس وتكون نتائجه عدم الاستقرار الأسري وفقدان الأمن الاجتماعي ويمكن إيضاح الأضرار الاجتماعية في النقاط التالية : (1) التفكك الأسري : إن الإنفاق على شراء القات يمثل عبئاً اقتصادياً على ميزانية الأسرة حيث ينفق المدمن على القات جزءاً كبيراً من دخله مما يؤثر على الحالة المعيشية من الناحية السكنية والغذائية والصحية والتعليمية لأفراد أسرته وبالتالي يحدث التوتر والشقاق والخلافات الأسرية نتيجة عدم تلبية رب الأسرة لمطالبها الضرورية. مما يسهم في عدم التماسك العائلي بسبب النزيف المالي للموارد العائلية والذي ينعكس على مستوى العائلة الصحي والتعليمي. (2) انحراف الأبناء وسوء تنشئتهم : يقدم المدمن للقات نموذجاً سيئاً من السلوك لأبنائه حيث يتركهم يعانون الحرمان والحاجة بسبب انشغاله بنفسه واهتمامه بتأمين ما يحتاجه هو من أجل تعاطيه القات فيحس الأبناء بالنقص تجاه أقرانهم بسبب ضياع وقت آبائهم في مجالس القات وعدم تخصيصهم جزءاً من الوقت للترويح عن أبنائهم فيفقد الأبناء الثقة في أنفسهم ويزرع الحقد في صدورهم بسبب الحرمان الذي يعيشونه مقارنة مع غيرهم مما يدفع الأبناء إلى سلوكيات غير سوية وعدم تحمل للمسؤولية. (3) العزوف عن الزواج : الشباب الذين أدمنوا القات وهم من الطبقات المتوسطة أو الفقيرة لا يستطيعون الوفاء بمستلزمات وتكاليف الزواج إذ أن دخل الواحد منهم يستهلك في الإنفاق على شراء القات الذي يجد في مجالسه نشوة القات ويرى أنها قد تغنى عن الزواج الذي يعجز عن تكاليفه (4) الفساد الاجتماعي : بسبب ما تكلفه هذه العادة من أموال تجبر المستهلك على كسب المزيد من المال ليرضي رغبته والغاية عنده تبرر الوسيلة فلا مانع من استغلال مركزه الوظيفي في الحصول على الرشوة وتقديم الخدمات لمن لا يستحقها مقابل مبلغ من المال. . . وفي مجال علم الاقتصاد توصل الباحثون أن للقات العديد من الأضرار الاقتصادية ومنها : (1) البطالة : تنتشر البطالة بين مزارعي القات ومروجيه وذويهم اعتماداً على ما يدره القات من أموال طائلة لهم على حساب صحة وأسرة المستهلك وبالتالي إفساد المجتمع ولا هم لمزارعي القات سوى البحث عن متعهم وجلساتهم المكلفة لتخزين القات ( التي تختلف تماماً عن جلسات المستهلكين الضعفاء ) (2) انخفاض ساعات العمل ورداءة الإنتاج : نظراً للآثار الضارة المترتبة على مضغ وتخزين القات نجد المدمنين لا يذهبون إلى أعمالهم إلا متأخرين بسبب السهر الناتج عن تخزين القات كما أن الفتور والخمول الملازم لهم بسبب تعاطي القات ولقلة نومهم خلال الليل يجعل إنتاجيتهم في العمل منخفضة. . . . وفي مجال الزراعة والبيئة توصل الباحثون إلى أن للقات العديد من الأضرار علي البيئة الزراعية والمياه ومنها : تشير الدراسات التي تمت إلى أن القات يستنزف كميات كبيرة من المياه قد تكون البلاد في أمس الحاجة لها وعلى سبيل المثال في اليمن تستهلك. زراعة القات أكثر من نصف الكمية المستهلكة للاستخدامات المعيشية للسكان من المياه مما يعرض مواردها المائية للنضوب ومعظم المدن اليمنية للعطش. كما أن الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالقات مثل عمليات زراعته وتسويقه واستهلاكه تعتبر أنشطة ضارة باقتصاد البلد، حيث كان بالإمكان توجيهها إلى بدائل مفيدة منتجة ترفع من الدخل القومي وتساهم في نمو الناتج القومي في زراعات منتجات زراعية اخري ومفيدة والتي يمكن أن تحل محل الزراعات المخصصة للقات وأراضيه ومياه يسقى بها بدل استيرادها فارتفاع الدخل والناتج القومي ينعكس على رفاهية المواطنين وانخفاضه يؤدي إلى انتشار الفقر والبطالة والجرائم الاقتصادية. <