محمد أمين الداهية
كان رحيل الشيخ/ عبدالله بن حسين الأحمر بمثابة صدمة تلقاها الشعب اليمني وجميع شعوب العالم وزعمائه الذين يدركون مكانة وأهمية هذا العلم والمناضل الوطني الهمام الذي تركنا فجأة دون سابق إنذار، حيث وقد كنا وما زلنا في أمس الحاجة لهذا الرجل العظيم رحمه الله تعالى، لقد عاش شيخ العرب إنساناً حكيماً، ورجلاً مخلصاً، وفارساً شجاعاً مقداماً، تجسدت الروح الوطنية في شخصيته وحنكته في إدارة المواقف وقضايا الوطن، لقد كان الرجل البشوش صاحب الأخلاق العظيمة والطبع النبيل، لقد خرج من هذه الدنيا رجلاً محسناً صافي القلب، يحمل المحبة الصادقة لوطنه وأبنائه، رحمك الله أيها الشيخ الفاضل، وجعل أعمالك وما قدمته لوطنك وشعبك في ميزان حسناتك، اسمح لمحبيك أيه الشيخ أن يخاطبونك بهذه الرسالة والتي تعتبر نقطة من بحر يقال في شخصك الكريم:
إيها الشيخ الجليل ما أصعب أن يحل علينا مثل هذا الضيف العظيم وأنت قد فارقتنا ورحلت عن هذه الدنيا إلى جنة الفردوس بإذن الله تعالى، لقد كانت حياتك يا شيخنا ووجودك بيننا في مثل هذه المناسبات العظيمة يضفي على قلوبنا الطمأنينة والسعادة الغامرة؛ لأن وجودك كان يرسم الابتسامة على وجوهٍ شاحبة احتاجت إلى من يقف إلى جانبها ويغمرها بشيء من الحنان والعطف ويوفر لها ما يساعدها على الخروج من مرارة العيش وضيق الحال إلى راحة البال والاطمئنان على حياتها التي كانت على وشك الأنهيار، أيها الشيخ الجليل رحمك الله وطيب الله ثراك وأسكنك فسيح جناته، فلقد كنت الإنسان النبيل والقلب الحنون على أبناء وطنه ووطنه بالدرجة الأولى، لقد كنت الرجل الوفي الذي فعلاً كم تحتاج الأوطان والشعوب لرجلٍ في مثل سماحتك وشجاعتك وتصرفاتك مع من يقصدونك من أصحاب الهموم والمشاكل، ومن يعانون ألم الحياة ومرارتها، ثق أيها الشيخ الجليل أن من أصابهم خيرك وكرمك ومن أيدك الله سبحانه وتعالى بمساعدتهم وتفريج همومهم يدعون لك آناء الليل وأطراف النهار، ويتضرعون إلى الله بأن يجعل مسكنك فسيح جناته بإذنه تعالى، ثق أيها الشيخ أنهم لن ينسوك أبداً، فأنت في قلوبهم باقٍ، فمن يستطيع أن ينسى شيخ المحسنين مساعد الفقراء وكافل الأيتام ومعين المحتاجين وصاحب النظرة العربية النبيلة الذي قدم ما استطاع أن يقدمه ويبذله من أجل إخواننا في فلسطين والذين هم أيضاً لن ينسوا أبداً أنك كنت الوفي المخلص لقضايا المسلمين وهمومهم، ولن ينسوا أبداً أنك كنت هنا في بلدك وقلبك في بيت المقدس وأرض فلسطين تتجرع الألآم والأحزان لما يصيب أبناءها من ظلم واعتداء وقمع من قبل الغاصبين الأنجاس، لكنك قد أديت واجبك تجاه إخواننا في فلسطين وفعلت ما لم يوقف لفعله غيرك من الذين وقفوا عاجزين ومكتوفي الأيدي أمام ما تمر به فلسطين من خراب وداء وسفك لدماء أبنائها على مرأى ومسمع من أبطال المشاهدة والتفرج من العرب الذين يقنعون أنفسهم بأن لزوم الحياد في مثل هذه القضايا العربية هو خير ما يقومون به، أيها الشيخ الجليل إننا لنثق تماماً وندرك أنك كنت نعم الرجل ونعم من يخاف على وطنه ومستقبل أبنائه، ولا نشك أبداً في نهج أبنائك الذين يلتزمون نهجك ويسعون إلى ما كنت تسعى إليه، فالرجل الصالح لا ينتج إلا ذرية صالحة، رحمك الله يا شيخ عبدالله، وكم نتمنى أن يتعلم من مدرستك أولئك الذين تشغلهم مناصبهم وتجارتهم عمن يحتاجون إليهم سواءً من أبناء بلدهم أو من أخوانهم المضطهدين في أرض فلسطين وخصوصاً غزة التي تعيش الذل في ظل مزاجية المحتل ورضاء وصمت الأشقاء.