شكري عبد الغني الزعيتري
نستقبل أراء القراء للكاتب على البريد الالكتروني
Shukri_alzoatree@yahoo. com
تعريف العمرة : العمرة - اسم من الاعتمار - وهي في اللغة القصد والزيارة وفي الاصطلاح الشرعي : قصد بيت الله الحرام لأداء نسك مكون من الإحرام والطواف والسعي والحلق أو التقصير:
أولا: أحكام العمرة (1) حج الرسول صلى الله عليه وسلم ثلاث حجج في بعض الروايات وهن : حجتان قبل الإسلام والثالثة حجة الإسلام التي اشتهرت باسم (حجة الوداع) (2) و اعتمر الرسول أربع عمرات هن : (أ) العمرة الأولى - عمرة الحديبية : وكانت سنة ست من الهجرة ولم تتم لأن مشركي قريش صدوه والحكم فيها حكم الاحصار الذي كان بسببها والاحصار : أن يصد المعتمر أو الحاج عن قصده البيت من عدو أو غيره ونزلت في الحديبية آية) فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي). والمحصر هو من أحرم بأحد النسكين : الحج أو العمرة ومنع عن طواف البيت إذا كان الإحرام بعمرة وعن الوقوف بعرفات أو طواف الإفاضة في الحج. وذهب مالك والشافعي إلى أن الاحصار لا يكون إلا من عدو أما أبو حنيفة فقد ذهب إلى عموم الاحصار سواء أكان من عدو أم من غيره كمرض يقعد عن الحركة أو موت محرم فكل ما حبس أياً كان الحابس فهو احصار. والآية صريحة في حكمها فعلى المحصر أن يذبح من النعم ما في طوقته شاة أو بقرة أو جملاً ويجوز الاشتراك في البدنة جملاً أو بقرة. روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهم : ((أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أحصر فحلق وجامع نساءه ونحر هديه حتى اعتمر عاماً مقبلاً )). والآية لا تدل على إيجاب الذبح لأن أكثر من كانوا مع الرسول في عمرة الحديبية لم يكن معهم هدي فهو ليس واجباً على كل محصر فمن استيسر له الهدي ذبح حيث أحصر. أما محصروا الحديبية فذبحوا في الحرم على بعض الأقوال وفي بعضها الحل وكلا الأمرين جائز. فحدود الحرم متصلة بالحديبية ومن اليسير أن يمشي المحصر خطوات فيكون في حدود الحرم فيذبح به. (ب) والعمرة الثانية - وتسمى عمرة القضية أو القضاة : وقيل في سبب التسمية انها كانت بسبب ما كان في الحديبية من قضية رسول الله ومشركي مكة وقيل : لأن هذه العمرة كانت قضاء عن عمرة الحديبية التي لم تتم بسبب الاحصار. وكانت هذه العمرة سنة سبع من الهجرة وتمت حسب المعاهدة المبرمة بين رسول الله وسهيل بن عمرو عن أهل مكة. (ت) والعمرة الثالثة - عمرة الجِعْرَانة : وكانت بعد فتح مكة وغزوة حنين سنة ثمان من
الهجرة ونزل الجعرانة بعد حنين والطائف وكان نزوله بها لخمس ليال خلون من ذي القعدة وأقام بها ثلاث عشرة ليلة واحرام رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجعرانة كان ليلة الأربعاء لاثنتي عشرة ليلة بقيت من ذي القعدة وأدى العمرة ثم عاد إلى الجعرانة وأصبح كبائت بها وفي صباح يوم الأربعاء الثامن عشر من ذي القعدة غادر الجعرانة هو وصحبه عائدين إلى المدينة المنورة. (ث) والعمرة الرابعة - عمرته مع حجته : حجة الوداع. وكل عمراته صلى الله عليه وسلم كانت في شهر ذي القعدة إلا عمرته الأخيرة فقد بدأ بها فيه ، وأتمها في ذي الحجة ثانيا : أركان العمرة : وأركان العمرة وواجباتها وكل أحكامها مثل الحج إلا الوقوف بعرفة وما يتبعه من إفاضة إلى المزدلفة فمنى ورمي جمار وتختلف عنه في الميقات الزمني فالحج له وقت مخصوص لا يجوز في غيره أما العمرة فتجوز في كل أيام السنة. وهي فرض عين مرة عند الشافعي في الصحيح من مذهبه وعند أحمد أما أبو حنيفة ومالك فهي لديهما سنة في العمر مرة ولكل من الجانبين حججه في إثبات ما ذهب إليه. ثالثا : شروط العمرة: ويشترط للعمرة ما يشترط للحج وهو الإسلام والبلوغ والحرية والعقل والاستطاعة ومن لم تتحقق له مجتمعه سقطا عنه بل لو نقص شرط من هذه الشروط الخمسة سقط الفرضان. وللعمرة الطواف ، والإحرام ، و السعي ، وكذلك الحلق أو التقصير. رابعا : الدليل على وجوب العمرة: وجاءت أدلة العمرة في السنة النبويه فقد أخرج ابن خزيمة والدارقطني من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يروي ما دار بين الرسول صلى الله عليه وسلم وجبرائيل عليه السلام لما سأله عن الإسلام ؟ قال النبي الكريم : ((الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتحج البيت وتعتمر وتغتسل من الجنابة وتتم الوضوء وتصوم رمضان. (( وأخرج أحمد وابن ماجة بإسناد صحيح حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت : يا رسول الله هل على النساء من جهاد ؟ قال: ((عليهن جهاد لا قتال فيه : الحج والعمرة. )) وفي رواية البخاري أنها قالت : يا رسول الله نرى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد ؟ قال: ((لا لكن أفضل الجهاد حج مبرور)). وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن العاص)) : أن الإسلام يهدم ما قبله ، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها وأن الحج يهدم ما كان قبله وقال عليه الصلاة والسلام : ((هذا البيت دعامة الإسلام فمن خرج يؤم هذا البيت من حاج أو معتمر كان مضموناً على الله إن قبضه أن يدخله الجنة وإن رده رده بأجر وغنيمة )). ومن الأعمال المباركة التي يُجمع فيها بين شرف الزمان وشرف المكان العمرة في رمضان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((عمرة في رمضان تعدل حجة - أو قال : حجة معي )) ( رواه البخاري). وعن
عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إذا جاء رمضان فاعتمري فيه فإن عمرة فيه تعدل حجة )) (رواه مسلم).
فقد بين هذا الحديث المبارك أن العمرة في رمضان أدركت منزلة الحج في الأجر والثواب لكنها لا تقوم مقامها في إسقاط الفرض للإجماع على أن الاعتمار لا يجزئ عن حج الفرض. . و العمرة من العبادات العظيمة رغب فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا أديت في رمضان فإنها تكون في وقتٍ فاضلٍ فيتضاعف أجرها وفضلها بحيث تكون كالحجة وذلك في أي يوم ٍمن رمضان ولا يختص هذا الفضل بالعشر الأواخر منه ومن فضائل العمرة في شهر رمضان : (1) غفران الذنوب وزوالها: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)). (رواه البخاري) والكفارة إن الحسنات يذهبن السيئات.
(2) ومن فضلها إكرام الله لضيوفه :قال صلى الله عليه وسلم (( الغازي في سبيل الله والحاج والمعتمر وفد الله دعاهم فأجابوه وسألوه فأعطاهم )) (رواه ابن ماجه وحسنه الألباني). (3) ومن فضل العمرة أنها تنفي الفقر كما تنفي الذنوب : وفي هذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم ((تابعوا بين الحج والعمرة فإن متابعة بينهما تنفي الذنوب بالمغفرة كما ينفي الكير خبث الحديد)) (رواه الترمذي) وفي الحديث استحباب متابعة الحج والعمرة وقد اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم أربع عمرات. . (4) ومما يلحق بالعمرة من فضائل. . ما ورد في أجر الطواف : عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من طاف بالبيت لم يرفع قدما ولم يضع أخرى إلا كتب الله له حسنة: وحط عنه بها خطيئة ورفع له بها درجة) (رواه أحمد والترمذي والحاكم وابن خزيمة وحسنه الشيخ أحمد شاكر). (5) وما ورد في فضل نفقة العمرة : عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها في عمرتها : ((إن لك من الأجر على قدر نصبك ونفقتك)) (رواه الحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين) (6) وما ورد في فضل الحرمين : عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مئة ألف صلاة فيما سواه)) ( رواه أحمد وابن ماجه بسندين صحيحين ).
ومعلوم أن: ( ثواب العمل يزيد بزيادة شرف الوقت كما يزيد بحضور القلب وبخلوص القصد) كما قال ابن الجوزي رحمه الله. . ومن هنا كان للعمرة في رمضان ثوابٌ مضاعف وقال ابن بطال: إن ثواب العمرة في رمضان يعدل ثواب الحج لكنه لا يقوم مقامه في إسقاط الفرض. <