محمد أمين الداهية
قد يكون الإنسان الجريء في الغالب موفقاً إلى حدٍ ما فيما يقدم عليه سواءٍ كان ذلك في معاملة وظيفية أو معاملة في أي جهة أخرى، ولأي سبب كان فجرأته قد تكسر أحياناً القوانين الغير رسمية التي يفرضها على الآخرون الموظفون الذين يتم التعامل معهم، فعلى سبيل المثال لا يوجد أحد لم ييسمع هذه العبارة ارجع في وقت لاحق معاملتك صعب إنجازها وما إلى ذلك من الأشياء التي يمليها الموظفون الكسالى وعديمي المسؤولية على من يرتادون عليهم من المعاملين وأصحاب الأوراق التي وبسبب عرقلة موظف بسيط قد تنتهي فترة المعاملة وهي مرمية في درج المهملات تنتظر المقابل المادي الذي سيجعلها تنجز في أسرع وقت.
فمن لا يملك لساناً جريئاً فعليه أن يدفع مقابل الحصول على لسان ينجز له معاملته ويحقق له طلبه، فكما قال الشاعر: هي اللسان لمن أراد فصاحة، فإذا وجدت الفلوس تكون الأمور مهيئة، وإنجاز المعاملة سهل جداً، ولا داعي لأن يرجع ذلك المعامل في وقت لاحق لأن المدير موجود، إذاً من لا يملك الجرأة والصبر فعليه أن لا يأتي لمكان معاملته إلا بجيب دافئ وكما قال المثل: من يشتي الميه يخسر التسعين"، وأصبح القانون مهمشاً واللاعب الرسمي في مثل هذه الحالات الوساطة، الفلوس، وبالدرجة الثالثة الجرأة ونتيجتها لا تقارن أمام الواسطة والفلوس ولكنها غالباً ما تكون بشير خير، ونحن هنا عندما نذكر الجرأة لا نقصد بذلك أن يكون الناس جريئين إلى حد التهور وإلى حد أن يحط الشخص من نفسه، أو أن يعرضها للتوبيخ، أن الجرأة تعني المبادرة الإيجابية والشجاعة الحكيمة الفاعلة، أما المبالغة في الشجاعة تصبح تهوراً ويترتب على ذلك نتائج سلبية، فعلى مستوى الحياة الاجتماعية لا يطمئن الآخرين للإنسان الجريء فيخشون الاقتراب منه أو التحدث إليه، بل يتحاشونه خوفاً مما يمكن أن يندفع به من تصرفات حمقاء متهورة قد تكلفهم الأضرار إما بحياتهم أو بحياة هذا المتهور الذي بالغ في استخدام جرأته إلى حد وصل إلى الإساءة للآخرين، وكما أن التهور قد يورط في المشكلات ويعرض للخطر ويؤدي بالشخص المتهور إلى الندم، ويجب على من يظن نفسه أنه جريء أن يدرك بأن الجرأة هي قدرة الشخص على التغلب على عقبة الخوف في ظروف معينة يجد نفسه فيها، ويجب أن تكون الجرأة مصحوبة بالتفكير وإلا تحولت ضد الإنسان وقد تضره أكثر مما تنفعه، وإذا وجد الإنسان أن جرأته لم تستطع أن تخدمه في تحقيق غرضه فمن الأفضل له أن لا يلجأ إلى استخدام الرشوة ولا بأس أن تكون هناك وساطة تلجم فم من لا ينظر للآخرين وقضاياهم إلا بهذا الأسلوب.