شكري عبد الغني الزعيتري
نستقبل أراء القراء للكاتب على البريد الالكتروني
Shukri_alzoatree@yahoo. com
السحت عرف بأنه : الحرام أو ما خبث من المكاسب فلزم عنه العار. . . وعرفت الرشوة بأنها : الوصول إلى الحاجة بالمصانعة فالراشي الذي يعطي من يعينه على الباطل والمرتشي الآخذ والرائش الذي يسعى بينهما يستزيد لهذا ويستنقص لهذا كما قال بن الأثير. وقد قيل في تعريف الرشوة اصطلاحا بأنها :
(1) ما يؤخذ بغير عوض ويعاب أخذه.
(2) - وقيل : كل مال دفع ليبتاع به من ذي جاه عونا على مالا يحل.
(3) - وأحسن ما عرفت به الرشوة قول الجرجاني: ما يعطى لإبطال حق أو لإحقاق باطل. . . ولو القينا نظره عامة على المجتمعات العربية وبدون استثناء لرأينا كثيرين اليوم ممن أصبحوا يفتقرون إلى وجود القيم الأخلاقية والمبادئ الإنسانية مع تباين هؤلاء كلا عن الآخر في النوع والكم للقيم الأخلاقية والمبادئ الإنسانية التي يفتقر إليها. . . وفيما يخص المال الحرام والرشوة واكل السحت وتفشي ذلك على المستويين الأعلى والأدنى من الرجال نتحدث بالقول :
(1) على مستوى أكابر و علاة الناس فقد ذهب كثيرون منهم إلي جمع المال الحرام والرشوة واكل السحت باستغلال وظائفهم العامة ونفوذهم لكونهم قيادات لمجتمعاتهم ولا يوجد احد يحاسبهم غير أبهين لرعيتهم سوى في مرافق أعمالهم. . أو لرعيتهم من الشعوب ولا يخافون قانوناً الهياً ولا قانوناً وضعياً لكونهم قادة شعوبهم وهم من ينفذون القانون على من يريدون بوجه حق أو بغير وجه حق.
(2) وعلي المستوي الفردي من عامة الناس : فهناك كثير من الأفراد بالمجتمعات العربية ذهبوا إلي جمع المال الحرام واكل السحت باستغلال كل لما في يده من مهارة في مهنته سواءً الفنية أو الإدارية أو التجارية
على جمع المال الحرام وبطرق شتي أو احدها ( كالغش والتدليس أو الكيل المنقوص أو النصب والاحتيال والتزوير أو السرقة أو الظلم أو الاعتداء على حقوق آخرين. . . )
وأمام هؤلاء النوع من الناس لا ندري لماذا يجرون علي فعل الحرام الذي حرمه الله تعالي. . ؟ وكيف يفكرون وهم يلهثون وراء جمع المال الحرام والرشوة واكل السحت. . ؟ وقد جعل الله تعالي العبر والعظات. . وجعل ميزان الحلال والحرام. . . وجعل العقاب. . وجعل الحياة والموت. .
فمن جانب الحلال والحرام. . . قوله تعالى: {وَتَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}، وقوله تعالى: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} وجاء لدى المفسرين في قول الله تعالى: {. . . ِوَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ )) فيه عموم أكل أموال الناس بالباطل وهو شامل لكل صورة من الصور سواء بالغش والتدليس وبخس الوزن والتطفيف والاختلاس والاغتصاب والسرقة والنهب وكل أنواع أكل المال بغير وجه حق وكذلك الربا والرشوة. . . . وجاء لدي المفسرين في قول الله تعالى: {. . . وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّام. . . ) وقد خصص هذا النص الرشوة في الحكام مع أنها ليست قاصرة عليهم فقط ولكنها منهم أعظم خطرا وأشد فتكا لأنهم ميزان العدالة فإذا فسد الميزان اختل الاتزان وإذا خان الوازن ضاع التوازن ومن ثم ينتشر الفساد. . وقول الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم)
ومن جانب العبروالعظات و جانب الحياة والموت : إن حب الذات والأنانية أدي بكثيرين ممن يشغلون الوظائف العامة ولهم نفوذ وصلاحيات في جهات أعمالهم إلى عدم الإخلاص في أعمالهم ولا يعملون العمل لصالح هدف سامي لله تعالي واتقاء عقابه ورجاء رحمته ودخول جنته سبحانه وتعالي عند مواجهته يوم الآخرة ويوم الحساب. . . ولا لصالح بلدانهم. . . ولا لصالح أمتهم وشعوبهم. . وإنما لمصلحة أنفسهم الشخصية ورفاهيتها ولأبنائهم من باب القول عندهم (تأمين مستقبل أبنائهم ) وما يدل هذا إلا على نقص الإيمان بالله تعالي انه هو (الرزاق. . المعطي. . المنعم. . الوهاب. . المغني) وهذه من أسماء الله الحسنى وصفاته فهل عند أولئك جامعي المال الحرام نقص في إيمانهم بأسماء الله الحسني وصفاته. . ؟ وآخرون ممن هم عامة الناس ممن ذهبوا إلى أعمال فردية محرمة كالغش والتدليس والكيل المنقوص والنصب والاحتيال والتزوير والسرقة والظلم والاعتداء لجمعهم المال الحرام وأكلهم السحت. . ألا يقرؤون القران ويتدبرونه ويتعظون فان فيه الكثير من الآيات القرآنية والوعيد بالعذاب لجامعي المال الحرام وآكلي السحت. . . وفي الأخير نتساءل نحن هنا أمام هذا كله : طيب جمعوا المال الكثير والعتاد الكبير وسيأكلون هم وأولادهم وأحفادهم و حتى ربما الجيل الثالث و الرابع من سلالتهم. . وماذا بعد. . وما نصيبه هو من جمع المال الحرام من العتاد والبيوت الفاخرة والعدة من السيارات والأثاث وما اقتناه من وسائل الرفاهية ) فكم سيكون استمتاع هذا الجامع للمال الحرام ؟ ولفترة كم ؟ والإجابة حتى لا تختلط الأمور عنه : (ثمانون سنه سيعمر ويعيش في الدنيا ومنها الثلث حالة نوم وسبات أي فقط يعيش خمسون عاما فقط ) إذ أن متوسط عمر الإنسان من العيش خمسون سنه فقط. . ؟ إذن هي والله قليلة في مقاييس أيام الله سبحانه وتعالي القائل ((. . . فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ. . . . )) (سورة المعارج الآية 4) إذن إن اليوم الواحد عند الله بخمسين ألف سنه من أيامنا هذه المحسوبة بأربعة وعشرون ساعة. . . وماذا بعد انقضاء القليل (الخمسين السنة عيشا وخلالها جمعوا الكثير من المال والعتاد والعدة ). . . ؟ بالطبع الموت والذهاب لقبر(نصف متر * مترين ) وبكفن ابيض لا يزيد قيمته عن ألفين ريال كل ما سيأخذه معه عند موته وانتقاله إلى قبره ( إذ بعد الموت) سيترك كل ما جمعة من مال حرام للأخرين من أبنائه البنين والبنات والذرية فهم سينعمون بعد موته بما جمع من أموال الحرام. . وهو له أوزار ما جمع يتحملها بعد مماته ودفنه بالتراب في حفرة قبره وبرزخا قد يكون له حفرة من حفر نار جهنم والعياذ بالله. . وفي آخرته يوم حسابه قد يلحقه العذاب مخلدا إن لم يرحمه الله تعالي نسأله سبحانه تعالي أن يرحمنا جميعا. . . ألا يعتبر ويتعظ أولئك النوع من الناس الساعين جهدا واجتهاداً لجمع المال الحرام والرشوة واكل السحت من قصص الأولين السابقين (كفرعون وهامان وقارون وغيرهم. . . ) ممن سبقونا إلي الموت أم أن قصص الأقوام السابقة غير واعظات ليرجعوا عما هم عليه من جمع المال الحرام والرشوة واكل السحت. . . واختتم بقول رسول الله (صلي الله عليه وسلم ) في الحديث النبوي : قال رسول الله (صلي الله عليه وسلم ) ((ما من جسم نما من سحت فالنار أولى به )). <