نبيل مصطفى مهدي
عادة الناس لا تعرف قيمة الشيء إلا عندما تفقده وهذا ما جرى مع الحب فيما بينهم، فقديماً كان بعض الناس يضحون برؤسهم من أجل الحب، وهناك من فقد رشده من أجل الحب وكثيرون هم، أما في عصرنا الحالي فقد أضاع الناس فيما بينهم الحب وتلاشت أغلب ملامحه النقية، ويتساءل بعضهم: هل من الممكن إعادة الحب فيما بينهم حتى ولو تطلب الأمر دفع المال وشراءه؟، ولكن يا ترى كم هو ثمنه أو قيمته؟ هل خمسة آلاف ريال؟ هل ألف ريال؟ فهم لا يعلمون أيضاً أن هناك من وضع للحب ثمناً أخيراً وذلك بعد خبرة وتجارب عديدة قامت بها الحجة منقوشة بائعة العطور والأعشاب والبخور، لقد اهاديت لي عقار الحب وراحت بتبيعه في الأسواق بثلاث مائة ريال فقط، وقد اعترف لها الجميع بالكرم والتواضع، ولم تستطع لجنة الرقابة عن الأسعار أن تجد أي اعتراض على سعرها، فهو يشفي من الصد والهجران ووجع القلب ولا عجب أن يقبل سكان عدن على دواء الحب هذا أيما إقبال ولاحظ بعض المراقبين من الشخصيات أن نجاحه قد ثبت سلوك أهالي عدن بعد تعاطيهم له مؤخراً، فقد صار العناق والقبل المليون بريال وصاروا يدعون بالصحة وطول البقاء للتجار عن أسعار المواد الغذائية ويقبلون موظفي الكهرباء والماء والتلفون ويرحبون بهم كما أنهم يصرخون كل يوم كفاية كده وحرام البذخ صار الراتب أكبر بكثير مما يحتاجون فبطونهم أصبحت متخمة وثيابهم من كثرها زائدة وفي المواصلات يقبلون سائقي التاكسي والباصات وساقي التاكسيات يقبلون شرطة المرور وبائعي الخضار في المفارش أصبحوا يقبلون ويرحبون بعمال البلدية والنظافة وهكذا.
ولكن الحسد على النعمة خرب حتى هذه النعمة، فلقد قام موظفو الأوزان والمقاييس بعد وشاية لئيمة ووجدوا أن هناك نقصاً في وزن القارورة واعترضوا على تركيبة العقار التي تقول: عليك أن تغني أغنية خاصة عند مزج العقار حتى يختمر دواء الحب، ولكن قبل أن تغني تأكد من صوتك وحياتك، هكذا صادروا الدواء الذي يحتاجه الناس بعد أن أضاعوه.
