أمين الريمي
يرى الكثير من المراقبين أن التجربة الديمقراطية والتعددية السياسية الناشئة في بلادنا تعيش هذه الأيام مرحلة عصيبة ومخاضاً عسيراً لم تمر بها منذ إعلانها كخيار للشعب بعد قيام الوحدة اليمنية في مايو 90م، ومن المتوقع للانتخابات النيابية المزمع إجراؤها في 27 أبريل من العام القادم أن تعيد رسم الخارطة السياسية والحزبية في البلاد، هذه الانتخابات تأتي في ظل إعلان أحزاب ما يعرف باللقاء المشترك عزمها مقاطعتها لهذه الانتخابات احتجاجاً على إسقاط تعديل قانون الانتخابات الذي ظل محل نقاش على مدى الفترة الماضية، وتمثل هذا الاحتجاج بمقاطعة جلسات مجلس النواب التي خصصت لمناقشة التعديلات المتفق عليها سلفاً.
الرئيس فاجأ المعارضة "اللقاء المشترك" بعقد تحالف مع ما يقارب "15" حزباً سياسياً فيما يعرف بأحزاب المجلس الوطني للمعارضة والتي أقل ما توصف بالضعيفة والموالية بالإضافة إلى العمل بقانون الانتخابات السابق وقراره بتشكيل اللجنة العليا للانتخابات، وهي أوراق طالما راهنت عليها أحزاب المشترك كثيراً، وبهذه الإجراءات قطع الطريق على هذه الأحزاب التي حاولت كسب الوقت للتعطيل أو التشكيك في الانتخابات القادمة، بدورها اتجهت أحزاب المشترك أمام هذه الخطوات لاستجداء العطف والتأييد من المنظمات الدولية والاتحاد الأوروبي والتردد على أبواب السفارات والاستقواء بالخارج ضد مصلحة البلاد، حيث عمدت هذه الأحزاب على تكثيف جهودها في التواصل بمثل هكذا منظمات، كل هذا من أجل تحقيق أهداف ذاتية ومصالح شخصية تبدو أكثر من مصالح وطنية مصيرية، إن هذا النزوع الغير مسؤول من هذه الأحزاب بما ترتكبه من حماقات لتؤكد أن دعوى القوم بأنهم حريصون على التجربة الديمقراطية والتعددية السياسية والحزبية فيها نظر.
أحزاب اللقاء المشترك والتي يتربع على رأسها حزب الإصلاح المرتبط بتنظيم الأخوان العالمي ليس من مصلحته مقاطعة الانتخابات البرلمانية القادمة، فالمعطيات والدلائل تؤكد على مشاركتهم فيها، وإن ما يجري في هذه المرحلة عبارة عن مناورات ومناكفات سياسية ليس إلا أو هكذا يبدو، وفيما لو سلمنا جدلاً بعدم مشاركة هذه الأحزاب ومقاطعتها للانتخابات النيابية القادمة فتكون قد غيبت نفسها عن الساحة السياسية ربما لسنوات قادمة في حين ستفقد ما كسبته خلال تجربتها الديمقراطية السابقة مكررة بذلك خطأ إقصاء الحزب الاشتراكي نفسه بنفسه في إنتخابات 1997م.
أن هذا الغياب الغير مسؤول سيتيح لما يعرف بأحزاب المجلس الوطني للمعارضة الظهور في الساحة ولعب دور مؤثر، وهو ما سينعكس سلباً على أحزاب المشترك، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن قرار حزب الإصلاح الموسوم بالرفض والقبول مع وضد ليس بيد قادته صرفاً، بل هو مرتبط بما يملي عليهم من قبل قادة تنظيم الأخوان العالمي والذي كما يبدو أنهم يرون المشاركة في الانتخابات البرلمانية القادمة بصرف النظر عن نتائجها التي يعتقدون أنها تبدو محسومة سلفاً لأنهم كما يرون يؤسسون لتجربة ديمقراطية مستقبلية أو هكذا يفترض.
هذه الرؤى تجد لها مؤيدين داخل حزب الإصلاح، فيما يرى البعض الآخر أن أهل مكة أدرى بشعابها، ومع هذه التباينات في الرؤى والأفكار تظهر بوادر أزمة سياسية داخل حزب الإصلاح الأمر الذي يهدد مستقبل الحزب بالانقسامات والانشقاقات على غرار ما يحدث لكثير من الأحزاب.
وبين المد والجزر يظل السباق نحو مجلس النواب على أشده بين حزب حاكم تربع على عرش السلطة لدورات انتخابية عديدة بأغلبية مريحة، وبين معارضة تفقد بين دورة وأخرى العديد من مقاعدها.
فهل ستشهد انتخابات 2009م انتحاراً سياسياً لهذه الأحزاب وبخاصة إذا ما علمنا أن الحزب الحاكم يدخل هذه الانتخابات وهو لا يريد الفوز فقط، بل الأغلبية والأغلبية المريحة؟
وهل ستكتفي المعارضة بالتباكي والشكاية إلى من هم خارج الحدود؟
وهل سنشهد انقسامات سياسية وتباينات أيدلوجية فكرية داخل هذه الأحزاب؟
،، الأيام القادمة كفيلة بالإجابة.<