شكري عبدالغني الزعيتري
وفي عهد السلطان العثماني عبدالعزيز بن السلطان محمود الثاني الذي تولى حكم الدولة العثمانية عام 1277ه / 1856م وكان عهد الضعف في جسم الدولة الإسلامية العثمانية نشأت بعض الجمعيات الأدبية المتأثرة بالأفكار الغربية وظهرت جمعية تركيا الفتاة التي كان تتبنى الشعارات الأوروبية. . وتزايد تدهور وضعف الدولة الإسلامية العثمانية في عهد السلطان مراد الخامس ابن السلطان عبدالحميد خان الذي تولي حكم الدولة العثماني وخلافتها الإسلامية في 1293ه / 1872م وفي تلك الفترة قامت التمردات في البوسنة والهرسك ثم في صربيا ونشبت الحروب بين الحكم المركزي للدولة العثمانية وحركات التمردات وتدخلت روسيا بإعلانها الهدنة وفي عهد السلطان عبدالحميد الثاني ابن السلطان عبد المجيد بين 1293 1328ه / 1872م 1907م وقعت الحرب بين الدولة الاسلامية العثمانية وروسيا وحسمت الحرب لصالح روسيا اذ كان قد عم الضعف والوهن في قوة الدولة الإسلامية العثمانية فتكالبت الدول الأجنبية عليها فاستولت فرنسا علي تونس عام 1881م وبريطانيا علي مصر عام 1882م وبلغاريا علي ولاية الروملي الشرقية 1885م وقدمت اليونان مساعدات لجزيرة كريت للانفصال عن الدولة الإسلامية العثمانية. . وزاد التدهور في جسم الخلافة العثمانية الإسلامية بظهور تنظيم الاتحاد والترقي وتنظيم تركيا الفتاة (إذ كانا الطعنة المميتة التي وجهت إلي قلب الخلافة الإسلامية العثمانية ووجهها ضباط الانقلاب التركي العسكري الذي خطط له ودعمه أعداء الأمة الإسلامية من خلال تنظيم الاتحاد والترقي التركي والذي بدأ وكأنه تنظيم تركي وطني وهو في الأصل تنظيم ماسوني نشاء بمساعدة ودعم وتخطيط سري من قبل تنظيمات يهودية ماسونية دعمت إقامة هذان التنظيمان تنظيم الاتحاد والترقي وتنظيم تركيا الفتاة والتسلل إليهما والنفوذ علي كبار قادتهما من قبل أعداء الأمة الإسلامية (اليهود والدول الأوروبية ) إذ كان التنظيمان يتخذا من السفارات والقنصليات الأجنبية (الانجليزية والروسية والفرنسية والايطالية )) أماكن للاجتماعات لقادتها (وفي الأصل كان تنظيم الاتحاد والترقي يهدف إلي تدمير بنية الأمة الإسلامية من الداخل وتجزئة وتمزيق الدولة الإسلامية والقضاء علي الخلافة الإسلامية و بأيدي من تصور الناس المسلمين في تركيا أنهم من أبناء الأمة الإسلامية. . فقد سعي قادة هذا التنظيم إلي تجزئة الأمة الإسلامية ودعوا للقومية التركية وانسلاخها عن جسم الدولة الإسلامية وروجوا للفكر القومي الذي تبنوه. . وكان الفكر القومي من ابتكارات ومخططات أعداء الأمة الإسلامية. . وغذوا عقول الناس من القوميات الإسلامية الأخرى. . لبعث الانقسامات في جسم الدولة والخلافة الإسلامية ومن خلال الفكر القومي فظهرت قوميات إسلامية أخري تنادي بذات الفكر القومي (كالقومية الفارسية والقومية العربية وغيرها. . . ) وكان أهم مقومات الفكر القومي التي ارتكز عليها هي وحدة اللغة لكل قومية وتواصل أراضيها كوحدة واحدة. . وكان هذا روح العصبية وبما سمي بالقومية والفكر القومي والتي من خلالها تم التخلي عن روابط الدين الإسلامي لامته كمرتكز لوحدة الأمة الإسلامية. . وبتأجيج وتشجيع تنظيم الاتحاد والترقي في تركيا والذي كان مدعوما ومباركا من الدول الأوروبية ومن خلفها اليهود إذ قامت جمعية سرية في تركيا كانت تضم من يهود الدونمة التي تظاهر أفرادها بالإسلام للكيد للإسلام وأهله من داخل الصف المسلم. . . والذين كانوا يخططون ويشرفون علي تنفيذ مخططاتهم من خلال عناصر وقادة تنظيم الاتحاد والترقي والتي ادعت الوطنية لتركيا ونادت بالقومية التركية والتجزئة للأمة الإسلامية إلي قوميات انقسمت الأمة الإسلامية إلي قوميات فظهرت قوميات مسلمة تتكلم باللغات غير العربية. . كالقومية الفارسية. . و القومية التركية وغيرها من القوميات الأعجمية. . وظهرت القومية العربية التي تتكلم باللغة العربية. . . و تمكن حزب الاتحاد والترقي من مسك زمام الأمور ثم عزل السلطان العثماني عبدالحميد من الحكم عام 1909م. . . وقامت الحرب العالمية الأولي وشهدت الدولة الإسلامية العثمانية الاضطراب والتراجع خاصة بعد انتشار الحركات القومية في داخل الدولة الإسلامية العثمانية. . وزاد من تدهور الدولة الإسلامية العثمانية دخولها حليفة مع ألمانيا في الحرب العالمية الأولي والتي خرجت منها الدولة الإسلامية العثمانية خاسرة وخسرت فيها أجزاء واسعة من أراضها ولاسيما البلاد العربية. . إذ تواصل الانجليز مع الشريف الحسين أمير الحجاز وإغراءه بدعمهم لاسترداد الخلافة الإسلامية إلي يد رجل عربي من فرع الدوحة النبوية المباركة ووعدته بان تدعمه ليكون خليفة للمسلمين وكان ذلك بهدف فصل الأمة العربية عن الأمة الإسلامية علي أساس القومية العربية وطلبت منه إعلان الثورة العربية علي الدولة العثمانية الإسلامية أثناء الحرب العالمية الأولي وطلبت دخوله ودخول العرب الحرب العالمية الأولي إلي جانب بريطانيا وفرنسا. . والتقط الشريف الحسين الطعم ووقع في المصيدة وأعلن بما سمي بالثورة العربية الكبرى في العاشر من يونيو عام 1916م. . وهنا بدأت اللبنات الأولي لتجزئة الأمة الإسلامية إلي قوميات وتكونت القوميات القومية التركية ودولتها والقومية الفارسية ودولتها والقومية العربية ودويلاتها المتفرقة وغيرها من القوميات الأخرى الإسلامية (وهنا تكونت الهوية القومية وعلي حساب الهوية الإسلامية وعلي حساب وحدة امة الإسلام ودولتهم الموحدة التي قامت منذ هجرة الرسول ((صلي الله عليه وسلم ) إلي المدينة المنورة وحتى زوال الدولة الإسلامية العثمانية سنة(1342ه / 1924م) إذ استمرت الدولة الإسلامية التي يوحد شعوبها الدين الإسلامي وهو مرتكز الوحدة الإسلامية قرابة (1342) سنة. . . وقد أوجدت وغذت الدول الأوروبية بريطانيا وفرنسا وروسيا هذه التوجهات القومية وسعت إلى تنميتها ودعمها ودفعت بثقل كبير إلي تبني القيادات غير عربية في بلدانها الفكر السياسي وما سمي (بالقومية). . كما دفعت بثقل كبير إلي لتبني قيادات عربية الفكر السياسي وما سمي (بالقومية العربية ) وسعت إلى تنميتها وذلك لسلخ الأمة العربية عن الأمة الإسلامية وتجزئة الأمة الإسلامية الموحدة إلى قوميات مجزئة ومن خلال ذلك تم تأجيج وإثارة الشعوب العربية المسلمة للمطالبة باستقلال العرب عن العجم المسلمين وأمة الإسلام الموحدة. . . وهدفت الدول الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وروسيا وغيرها من أعداء الأمة الإسلامية والعربية ) إلي تجزئة امة الإسلام وتمزيق الوحدة الإسلامية ودولتهم الموحدة تحت لواء الإسلام والخلافة الإسلامية كمرحلة أولي من مسلسلة التجزئة والتفتيت والإضعاف ووصولا إلي الاستعمار ونجحت في غرس هذا الفكر القومي وإيجاد أصحابة والمطالبين به وظهر لدي العرب وقادتهم ( العصبية للقومية العربية ) والمناداة بهذه القومية العربية واستقلالها. . . إذ في عهد السلطان العثماني وحيد الدين ابن السلطان عبدالحميد مابين سنة(1337 1337ه ) زاد الانحدار والتقهقر والضعف في جسم الدولة العثمانية التي خرجت من الحرب العالمية الأولي منهكة القوى وتعرضت عاصمة الدولة لخطر هجوم الانجليز وبوقوع المعارك بين العثمانيين واليونانيين وتزايد الصراع الداخلي بين حكومة كمال أتاتورك وبين حكومة استانبول والذي انتهى الصراع بموافقة حكومة انقره على مطالب الانجليز في الاعتراف بحكومة اتاتورك والموافقة علي الغاء الخلافة الإسلامية وبعد ذلك تم طرد الخليفة محمد السادس خارج حدود تركيا وتم إلغاء الخلافة الإسلامية علي يد مصطفي كمال اتاتورك سنة (1343ه عام 1924م) وتمت حلقة المسلسل الأولي لتجزئة امة وارض ودولة الإسلام الموحدة. . . . وهكذا تدخلت الدول الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وروسيا ) لتنفيذ مخططاتهم لإرساء التقسيم وتجزئة الأمة الإسلامية والقضاء علي الخلافة الإسلامية بنشر مفاهيم القومية العربية وقوميات إسلامية أعجمية للقضاء على الدولة الإسلامية الموحدة تحت لواء الإسلام والخلافة الإسلامية بإثارة الفتن وحبك الكيد وإشعال الصراعات في جسم امة الإسلام ودولتهم الموحدة التي كانت تحت قيادة العثمانيين ونجحت الدول الأوروبية في مخططاتها للمرحلة الأولي من مسلسل التجزئة والتقسيم للأمة الإسلامية الشاملة الموحدة إلي قوميات وتنفيذها. . وبعدها بدؤوا بالتخطيط وتنفيذ المرحلة الثانية من مسلسل التجزئة والتقسيم ومحاربة القومية العربية وتقسيم القوميات إلي وطنيات وتقسيم الأرض العربية وشعوبها إلي أوطان عربية ووطنيات ومن ثم استعمارها. . . . تابع الحلقة الخامسة بالعدد القادم غدا بعنوان (( الهوية القومية العربية والتجزئة ))
نستقبل آراء القراء للكاتب على البريد الالكترونيShukri_alzoatree @yahoo. com