شكري عبدالغني الزعيتري
في العالم البشري وعلى مر عصور التاريخ حين قراءة التاريخ السياسي ونظم الحكم وممارسات الحكام تجد بين الشعوب والأمم الكثير من نظم الحكم التي اتبعت وتجد كل مجتمع ينقسم إلي حكام وأعوانه ومحكومين هذا في (السياسة والحكم) ... وفي (الحرف والمهن ) تجد الكثير من أعمال الحرف والمهن التي يزاولها الرجال ليرتزقون من وراءها ويعتايشون .. وهناك نوع من المهن التي يعمل بها أصحابها هي (الجزارة والذبح) والتي بها يتم فصل الروح عن الجسد .. وفصل مادة الدم عن اللحم وعن العظم كلا عن بعضه البعض للذبيحة .. كما أنه وجدت لهذه المهنة الجزارة والذبح تخصصان هما :
الجزار الأول: وهو جزار متخصص في جزارة وذبح الأنعام ويسمى جزار المواشي وبائع اللحم .
والجزار الثاني : هو جزار الآدميين من بني الأنس ويسمى (الحاكم) .
إلا أن الجزار الأول: عندما يذبح ذبيحته يذكر اسم الله تعالي علي فعل ذبح الذبيحة فيسمي الله بالبسملة ويقول (بسم الله الرحمن الرحيم) ويكبر الله تعالي ويقول ( والله أكبر) إن كان مسلماً.. والتزاما بقوله تعالي وأوامره إذ قال تعالى (فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم باياته مؤمنين )*سورة الأنعام 117*.
والجزار الثاني (الحاكم) : يذبح أو يأمر بالذبح لذبيحته فلا يسمي الله على ذبيحته ولا يبسمل ولا يوحد ولا يكبر الله .. ولا يلتزم بأوامر الله تعالى وحرماته.. ولا يلتزم بحلال الله تعالى وحرامه .
الجزار الأول : بعد الذبح لذبيحته وبعد الخلس وبعد التقطيع يبدأ ببيع اللحم لآكليه من الآدميين .
والجزار الثاني (الحاكم) : بعد الذبح لذبيحته يذهب بها إلى المدافن فتدفن في التراب وبعيداً عن أنظار الناس ومتخفياً .
الجزار الأول : بعد الذبح والتقطيع يستفيد الآدميين من ذبيحته ولحمها لأكلها .
والجزار الثاني (الحاكم): بعد الذبح يضر بالآدميين بذبيحته إذ أنه بذبيحته ينقص فرداً من أفراد شعبه وأمته لان ذبيحته أما أنها كانت من ذي علم (عالماً) .. أو مخترعاً .. أو مصلحا .. أو سياسي معارض ويقف بجانب الحق والعدل.. أو اقتصادي ناقداً . . وقد كان ينفع الناس (عامة الناس) في بلده وبعلمه.. والذبيحة للجزار الثاني (الحاكم ) بالتأكيد كانت ممن كانوا يحملون فضائل الأعمال.. وقيم الأخلاق.. ومبادئ إنسانية وينادون بها في مجتمعهم . ولهذا كان يعارض الحاكم الذابح لان الذابح لو كان يحمل نفس صفات ذبيحته لما ذبحها ولهذا تعارضت ذبيحة الحاكم في أهدافها وتصرفاتها وسلوكياتها وما تدعوا إليه مع الحاكم الذابح في أهدافه وتصرفاته وسلوكياته ومع رغباته وأهواءه .. وإلا فلماذا ذبح الجزار (الحاكم)الذبيحة طالما اتفقت معه...؟
الجزار الأول : ينام يومه وفي ليلته مطمئن النفس .. وقرير العين.. وينعم بنومه .. ويستلذ براحة جسمه.
والجزار الثاني (الحاكم): وأن نام فانه ينام غالبا خائف من أهل الدم لذبيحته أو من المعارضين لذبحه الذبيحة.. فينام غير مطمئن النفس.. يؤرقه ضميره والندم والتأنيب الذي يوجد بداخل الإنسان وان كان ظالما .. إلا أن طمع الجزار الثاني (الحاكم) في الحكم ومتعة الأمر والنهي .. وحلاوة السمع والطاعة.. ولذة المأكل والمشرب ونعيم الفرش والمرقد دفعه نحو التمسك بالحكم وكان ذلك أقوى من تأنيب ضميره الإنساني وأنساه ذلك دينه
فلا يبالي بالثمن والوسيلة أمام غايته (الحكم) إيمانا بمبدأ ( الغاية تبرر الوسيلة ) لمكيافيللي الذي جاء في كتابه السياسي الشهير (الأمير ) .. واندفع الجزار (الحاكم ) دفعا جارفا لذبح الآدميين والتخصص في هذه الحرفة جزارة للآدميين
Shukri_alzoatree @yahoo.com