شكري عبدالغني الزعيتري
... ونبدأ في هذه الحلقة وهي الثانية القول بأنه في القرن التاسع عشر بدأ الفرنسيون والإيطاليون محاولاتهم للسيطرة على مناطق من القرن الإفريقي وأسست بريطانيا محمية عام 1887م. وفي عام 1888م وقعت اتفاقية مع فرنسا حدد فيها المناطق التابعة لهما. فإيطاليا من جانبها حصلت على محمية صغيرة عام 1889م وفي عام 1925م ضمت إليها منطقة جبل لاند من كينيا وكذلك المناطق الصومالية المتاخمة لإثيوبيا المعروفة بأوغادين عام 1936م. وبعد هزيمة الإيطاليين في الحرب العالمية الثانية ضمت مستعمراتها في المنطقة إلى المستعمرات البريطانية وسميت الصومال ومنحت حكماً ذاتيا عام 1956م ونالت الاستقلال عام 1960م بمساحة قدرها 350000 كم2. وضمت أجزاءاً أخرى إلى إثيوبيا وكينيا. ومنحت جيبوتي ((الصومال الفرنسي)) الاستقلال عام 1965م. ومنذ الاستقلال بدأت الدولة الجديدة في الصومال بالمناداة بالصومال الكبرى في رغبة جامحة للم شمل الصوماليين الموزعين على الدول المجاورة مما أدى إلى حرب طاحنة بينها وبين إثيوبيا عام 1964م على إقليم أوغادين.. واستولت القبلية التي تنفجر بين الحين والأخرى. وحافظت الحركة الوطنية الصومالية على مقاليد الأمور في الشمال الصومالي(( الصومال البريطاني)) وأعلنت من طرف واحد جمهورية أرض الصومال. وعلى الرغم من الصراعات بقيادة محمد إبراهيم عقال على سلام نسبي وحياة هادئة نسبيا رغم عدم حصوله على الاعتراف الدولي. أما الأجزاء الجنوبية من الصومال ومنها العاصمة مقديشو فقد سيطر عليها المؤتمر الصومالي المتحد ولكن انفجرت حرب طاحنة بين القبائل المتنافسة. وحصدت جمهورية الصومال استقلالها في يوليو 1960م ، وتبنت الديمقراطية والتي أنعشت البلاد لتعيش الصومال فترة من الرخاء ولتجرب حظها من الحرية والاختيار وعبر الانتخابات الحرة وصل لمنصب الرئاسة في 1967م السيد عبد الرشيد علي ليكون أول رئيس منتخب في الجمهورية . و لأن النظام القبلي مازال يسيطر و يظن أن مصلحته مهددة هذا الشعور جعلهم يدعمون اغتيال الرئيس عبد الرشيد ويصل للسلطة الرئيس (( سياد بري)) اذ في عام 1964 وقع انقلاب عسكري بقيادة الجنرال محمد سياد بري الذي نادى بتبني النظام اليساري في البلد واتبع سياسات القمع والتنكيل ضد معارضيه مقابل الحصول على مساعدات سخية من الاتحاد السوفيتي حين ذاك. وفي عام 1977م انفجرت حرب طاحنة بين الصومال وإثيوبيا على إقليم أوغادين واحتل الصوماليون أجزاءاً كبيرة من إثيوبيا حتى وصلوا إلى مناطق في العمق الإثيوبي في هرر وبالي، ولكنهم تراجعوا تحت الضغوط الأميركية والدولية مما أحدث نكسة نفسية للجيش الصومالي الذي حرم من النصر المؤكد وعندها بدأ العد التنازلي لسقوط نظام سياد بري الذي سقط فعلا عام 1991م بعد حرب دموية وحدوث مجاعة أودت بالكثير من الأرواح ... ومن ثم برزت المعارضة في 1981م ، وينجح سياد بري كل مرة في الوصول في انتخابات شعبية إلى السلطة حتى مات ، ليخلفه محمد فرح عيديد ، وليرتكب الخطأ الكبير في نظام بني على مجموعات مستفيدة وحيدة وتم تهميش الكثيرين ، خطأ تجاهله سياد بري ، ألا وهو تولية المناصب الهامة وتقريب أفراد قبيلته و إزاحة قبائل كانت تشارك في السلطة من أيام حكم سياد بري ولتتحول إلى مواجهة مدعومة هذه المرة بدعم أمريكي لإنهاء الحكم اليساري في العالم ، وتندلع الحرب الأهلية بسبب المال والسلطة في 1991م ، وتبدأ أطراف أخرى في الجنوب بتكوين ما عرف بجمهورية أرض الصومال والتي حاولت كسب تأييد العالم بعلاقتها بإسرائيل ولكنها فشلت كل ذلك دافعه حب السلطة والمال والعلاقات القبلية بغض النظر عن الصواب والخطأ ، وقتل الجنرال محمد عيديد ليخلفه ولده حسين عيديد والذي كان مطلوباً دولياً كمجرم حرب وفر هارباً . ومن ثم وصول صلاد للسلطة وبدأ أمراء الحرب يحاولون الوصول إلي تشكيل مقنع بتقاسم الثروة والسلطة . وتصورت أمريكا في ذلك الوقت أنها ستستولي على الصومال وتسيطر على القرن الأفريقي بسهولة ، ولذا أرسلت جنودها إلى الصومال 1991م ، ولكن تحالفات أخرى تلعب ولا تريد لأمريكا أن تبقى هناك ولذا سعت وعبر القبائل وبحمية حماية الإسلام ومنع دخول الأجانب شاهد العالم الجنود الأمريكان يجرون جراً في شوارع مقديشو مما أربك إدارة كلينتون التي راعت الشعب وأمرت بانسحاب القوات … تابع الحلقة الثالثة بالعدد القادم بعنوان (الصومال وإثيوبيا .. التداخل والصراع)
نستقبل آراء القراء للكاتب على البريد الالكتروني للكاتبShukri_alzoatree@yahoo.com