زياد أبو شاويش
كنت أتمنى أن يقوم عضو آخر من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بإذاعة البيان الختامي لاجتماعها الذي عقد مساء اليوم الإثنين 29 / 12 / 2008 في مقر المقاطعة برام الله فربما يتم تقبل البيان والدعوة للقاء الذي دعا إليه الرئيس محمود عباس بطريقة أفضل. وكانت جماهيرنا وكل المراقبين ينتظرون بياناً أكثر وضوحاً وأكثر تحديداً للموقف الفلسطيني ليس من العدوان فقط بل من كل مجريات الأوضاع في ظل العدوان ومقدماته وتداعياته، خصوصاً أن هناك مؤشرات ليست من عقلية تآمرية ولا عبثية ولا خيالية على تواطؤ عربي أو بالحد الأدنى موافقة ضمنية تجاه ما يجري في القطاع، والذي يستهدف كل القضية والشعب الفلسطيني وليس حركة حماس فقط كما تصورها اسرائيل وبعض وسائل الإعلام العربية المعروفة بانحيازها للمشروع الأمريكي في المنطقة.
إن جوهر الموقف الوطني الفلسطيني يجب أن ينطلق ليس من رفض العدوان الوحشي والتضامن مع أهلنا المحاصرين في القطاع فقط بل من الواقع السياسي والأهداف الصهيونية من كل المراوغة والرفض في تطبيق الاتفاقات والتفاهمات والاستخفاف بالسلطة الفلسطينية وكل رموز السيادة الفلسطينية والحقوق أيضاً وهو ما تقر به اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في بياناتها السابقة، هذه اللجنة التي نتمنى أن تضم كل القوى الفلسطينية وأن تبقى قائدة للعمل الوطني وليس للاستخدام المؤقت، كما يجب أن ينطلق أيضاً من الالتزام بالبرنامج الوطني المجمع عليه وهو بالمناسبة برنامج منظمة التحرير الفلسطينية وأساسه وجوهره المقاومة للاحتلال واستخدام كل الوسائل في هذه المقاومة، فهل كان البيان وخصوصاً مقدمته الطويلة متطابقاً مع ما نريد ويريد شعبنا الفلسطيني في الداخل والخارج؟.
لقد تابعنا جميعاً مظاهرات واعتصامات ونشاطات أهلنا في الوطن والشتات كما تابعنا أنشطة الشعب العربي في كل العواصم والمدن العربية فماذا كانت وبأي اتجاه؟.
شعبنا ليس في حاجة للغذاء والدواء والكساء وغيره كأولوية على أهميتها وضرورتها ونحن نشكر وندعم كل يد عربية أو غيرها تقدم العون والمساعدة على هذا الصعيد الإنساني الهام والملح، لكن الشعارات والمطالب تتضمن ما هو أهم، إنها تتضمن المطالبة بالعمل على رفع الحصار وتقديم الدعم بكل أشكاله كما المشاركة في التصدي للعدوان بكل الطرق وليس التضامن فقط، والأهم من ذلك العمل على إفشال أهداف هذا العدوان وهزيمته عبر حركة سياسية ومواقف محددة ولمن لم يسمع أو يرى نذكر ببعض الطلبات : فتح معبر رفح بالاتجاهين مع إيصال كل الدعم التمويني والطبي والعسكري للقطاع، كما إغلاق السفارات الإسرائيلية في الوطن العربي، ووقف إمداد الغاز من مصر للكيان الصهيوني، ووقف المفاوضات العبثية معه بشكل نهائي وليس مؤقت، وفتح الجبهات العربية أمام المتطوعين من أبناء الأمة، ووقف إمدادات النفط عن أمريكا ومقاطعتها اقتصادياً وسياسياً هي وغيرها من الدول المساندة للعدو الإسرائيلي وعشرات الطلبات الأخرى مما لا يتسع المجال لذكره.
إذن كان لابد من بيان يحمل مضامين المشاركة في المعركة والتصدي للعدوان وليس كما سمعنا من رفض وشجب وغير ذلك من العبارات التي لا تقدم ولا تؤخر.
وفيما يخص الدعوة التي وجهها الرئيس وتبنتها اللجنة التنفيذية فخيراً فعل الرجل بهذه الدعوة ونتمنى أن تقبلها كل القوى بما فيها حماس والجهاد وأن يضعوا أمام الرئيس الفلسطيني كل هواجسهم وشكوكهم بصراحة ووضوح كما عليهم وكل المشاركين تقديم رؤيتهم لما يجري على الساحة الفلسطينية دون الغوص كثيراً في الخلاف الفتحاوي الحمساوي، بل الحديث الآن عن أفضل الطرق وأكثرها تأثيراً للمشاركة في معركة الدفاع عن أهلنا وعن مشروعنا الوطني ذلك أن ضرب المقاومة في قطاع غزة سيضعف الموقف الفلسطيني في كل مكان وأولها رام الله التي تواجه حصاراً عسكرياً إسرائيلياً مشابهاً وقد رأينا نموذجه أمس على التلفاز.
لابد أن نتحدث مع بعضنا بمنتهى الصراحة والوضوح واضعين نصب أعيننا أن نخرج من الاجتماع موحدين ومتفقين على المواجهة بكل أبعادها وخاصة السياسية لحماية مستقبل قضيتنا وتماسك مؤسساتنا وجسر الهوة بين فرقاء الصف الواحد والدم الواحد.
المطلوب بوضوح من الجميع أن يركزوا على مصلحة وطنهم وشعبهم بعيداً عن تحالفاتهم الإقليمية والدولية وارتباطاتهم بهذا الطرف أو ذاك، وفي الوقت الذي نرفض فيه منطق مقدمة البيان الآنف الذكر حول بعض الدول العربية والدفاع عن حكوماتها بدعوى وجود من يتآمر عليها لتمزيق الصف وغير ذلك من العبارات الهجومية بغير رصيد من الحقائق أو حتى الدعم الشعبي، فإننا نطالب كل الأطراف بعدم زجنا في معركة سياسية أو إعلامية مع أي من هذه الحكومات حيث يتكفل الشعب العربي في هذه الدول بالتعبير عما نريد ونعتقد ولعل مصر وشعبها العربي الأصيل المثال الأبرز في هذا الصدد، ونحن لسنا معنيين لا بالهجوم ولا بالدفاع عن أنظمة أكل الزمان عليها وشرب كما فعل السيد عبد ربه في حديثه اليوم. الشعب الفلسطيني ينتظر اجتماع اليوم وكله أمل في موقف واحد تجاه العدوان من كل الأطراف، موقف يتصدى للعدوان ويثبت جدارة وأحقية في قيادة هذا الشعب العظيم صاحب التضحيات الكبرى، قيادة تحترم الشهداء وتاريخ شعبها وكرامته..المجد للشهداء والنصر للمقاومة.<
Zead51@hotmail.com