عبدالفتاح قاسم الشعيبي
القرصنة ليست ظاهرة جديدة في تاريخ المياه اليمنية في البحر الأحمر وخليج عدن على وجه الخصوص، فقد حفلت صفحات التاريخ بالكثير من الشواهد على وجود هذه الظاهرة في فترات مختلفة من تاريخ الدول التي بسطت سيطرتها على اليمن وأخص هنا الدولتين الأيوبية والرسولية، حيث عانينا من وجود هذه المشكلة أو الظاهرة التي هددت سلامة التجارة والتجار القادمين إلى اليمن ومنها وغيرها إلى الدول الأخرى في الشرق والغرب، والشيء الجدير بالإشارة إليه أن الدولتين الأيوبية والرسولية أدركتا أن أمن البلاد واستقرارها وطمأنينة مواطنيها، عوامل مهمة للتقدم الحضاري والرفاهية الاقتصادية والاقتدار العسكري والسياسي للدفاع عنها فعملتا بشتى الوسائل المتيسرة على تحقيق قدر منه، واستطاعتا خلال عصور قوتهما وازدهارهما تحقيق النجاح في الدفاع عن أمنها القومي أو الجماعي والتحدي لمن حاول إيقاف الاستمرارية التاريخية الحضارية لبلاد اليمن، فشمل ذلك اتخاذ العديد من الوسائل والسبل الكفيلة لحماية مصالح الدولة وحقوق الجماعة من أشكال التشويه والتخريب والهدم، ويعني مفهوم الأمن القومي قدرة الدولة وأجهزتها المختصة على حماية الجماعة التي تعيش ضمن الكيان السياسي من التعرض للأخطار والتحديات التي تهدد كيانها وشرعيتها واستقلالها ووحدتها واستقرارها.
لقد كان للإجراءات الأمنية الدور الأساسي والفعال لتنشيط التجارة وتطور البلاد بسبب تحقيق الأمن والاستقرار الداخلي، وقد كان وما يزال ازدهار اليمن داخلياً ودوره في العالم مرهون بهدوء واستقرار الأحوال الداخلية في ظل دولة قوية تعنى بالمرافق العامة وتحسن تنظيم تجارتها وإدارة علاقاتها بالدول الأخرى، إن الإجراءات الأمنية في المياه البحرية اليمنية قد اتخذت وسائل عديدة لحماية التجار والتجارة من خطر القراصنة ، منها نظام مراقبة السفن القادمة ونظام التفتيش على البضائع وبناء العديد من المؤسسات ذات الصلة الوثيقة لتأمين سلامة التجارة والتجار، وكذلك المدن والموانئ اليمنية وتحقيق الأمن والاستقرار فيها، وهذه الإجراءات إن دلت على شيء فإنما تدل على أن حكام اليمن في تلك العصور اهتمامهم بقدوم السفن التجارية إلى الموانئ اليمنية البحرية كما تدلنا على المستوى الرفيع في التفكير بحماية مصالح الدولة والمجتمع، والضرب على أيدي العابثين، وفي الوقت نفسه تدل على تطور المؤسسات الأمنية المتنوعة التي أسستها الدولتان الأيوبية والرسولية لحماية التجارة في البحر.