سراج الدين اليماني
فإن أقل ما يمكن أن يقوم به العاجزين عن الوصول إلى أرض الملحمة الكبرى في هذا العصر أرض الصمود والنصر والعزة "أرض غزة" والذي لا يتمكن من تقديم الدعم المادي لمساعدة إخوانه المنكوبين من جراء العدوان البربري والوحشي والهمجي الغاشم أقول له عليه أن يرفع أكف الضراعة إلى المنتقم الجبار قاسم ظهور الأكاسرة والقياصرة والأباطرة ومخزي الجبابرة، وأن يدعوه بقصم ظهور الصهاينة وإخوانهم من العملاء في السلطة الفلسطينية التي تحارب الإسلام والمسلمين في قطاع غزة والضفة الغربية وباقي مدن فلسطين حتى لا يقاوموا الاحتلال ويرضخوا لإملاءات عباس الماسوني الصهيوني العميل وكذلك للصهاينة المصريين وغيرهم من العملاء في الداخل والخارج وليعلم كل مسلم أن الدعاء هو سلاح الأنبياء والمضطرين والمحتاجين لنصرة القوي المتين لله رب العالمين، وليعلم المسلم أن لا يترك الدعاء إلا كل جبار عنيد أو غافل ساهٍ لاهٍ بليد.
ولا مرية أن الدعاء عبادة قديمة درجت عليها البشرية منذ الأزل؛ لأن الفطرة البشرية دائماً تتجه نحو قيوم السموات والأرض.
وإذا كانت البشرية قبل الأديان السماوية تخبطت في عباده الأوثان والأصنام، فإنه كان هناك نوع من التوجه الفطري اللاإرادي نحو خالق الأرض والسماء، وطلب الحاجات والابتهال والتضرعات إلى من هو قادر ومعجز على تحقيق الأمنيات وكشف الكربات، وهذا الأمر نلاحظه في كثير من الآثار الباقية للأمم المندثرة في منحوتاتها ومعابدها القديمة ومخطوطاتها وكتاباتها الحجرية.
وإن دل على شيء فإنما يدل على الفطرة البشرية التي كانت تجعل الإنسان في فترات الضياع والبعد عن تعاليم السماء ووصايا الأنبياء والمرسلين يتجه نحو النور الذي كان يشع في جنبات نفسه، فيلهج قلبه بالدعاء والالتجاء إلى من هو مشرق في ذاته، وبعيد عن عقله، أي الله سبحانه وتعالى الذي كان يجهل حقيقة وجوده.
إذن فإن الدعاء والالتجاء إلى الخالق القدير، والتوسل إلى السماء كان يمارسه أولئك الذين عبدوا الأصنام والحجارة عندما كانوا يشعرون بأن عباداتهم وأصنامهم لا ترضي ولا تشبع حاجاتهم الروحية والفطرية التي كانت تجيش في نفوسهم بين الفترة والأخرى، ولأن الدعاء هو الأصل في العبادة، وهو السلوك اللاإرادي الذي يقوم علاقة الإنسان بربه ذي الجلال والإكرام كان سلاح الأنبياء والمرسلين من لدن آدم عليه السلام وحتى خاتم الأنبياء والمرسلين.
ومن المواطن الذي يستجيب فيها الله سبحانه وتعالى دعاء عبادة المؤمنين في الحروب والمعارك، ولا سيما أن معاركنا اليوم وبحكم الطبيعة الجغرافية والهيمنة الصهيونية الأميركية العالمية وبحكم الضغوط على المسؤولين على الشعوب من أجل إخماد نيران وبراكين الغضب والتي يتولد من وراءها ثورات عارمة ومعارك دامية طاحنة فإن المتقاتلين غير متكافئين في العدة والعتاد والأسلحة فهنا يتوجب الدعاء عند الهجوم أو التقاء الجيش جيش الحق والهدى الإسلامي الحمساوي، مع جيش الكفر والباطل الصهيوني الأميركي المصري السلطاوي لأن في مثل هذه المواطن تكون القلوب حاضرة والعقول مستجمعة والنوايا مخلصة للذود عن حياض الأهل والعرض والمال والدين والوطن وللذود عن الحق والهدى.
ولو راجعنا تاريخ الإنسانية المتمثلة بتاريخ الأنبياء والرسل لرأينا أن الدعاء كان السلاح الأمضى والناجع في مواجهة قوى البغي والظلم والفساد والطغيان والجبروت، عندما أيدهم الله تعالى بنصرٍ منه بفضل إخلاصهم وتفانيهم في حمل رسالاتهم ونشرها بين البشرية.
فمن قبل دعا نوح ربه أن ينصره على قوى البغي والظلم والكفر من قومه الذين جحدوا رسالته وصدوه عن هداية البشرية إلى ما فيه خيرها وصلاحها. واليوم يواجه إخواننا في غزة من الحمساويين وغيرهم ممن أبى أن يركع ويسجد ويخضع لضغوط السلطة الفلسطينية المتصهينة بقيادة العجوز الخرف الماسوني محمود عباس فما أشبه الليلة بالبارحة فإن الحمساويين يلاقون من قومهم ومن أقرب الناس إليهم ما لاقاه نوح عليه السلام من قومه فحكى الله سبحانه عن نوح وما كان من نصره المؤيد على قومه "فدعا ربه أني مغلوب فانتصر"، وكذلك نحن نقول لإخواننا في غزة وخصوصاً من يجابهون العدو لرد العدوان الغاشم على بلاد المسلمين لا أقول على قطاع غزة لأن قضية غزة قضية كل بلاد المسلمين في أصقاع الأرض التي تحوي المليار والنصف والذين يعيشون على سطح هذه الأرض فإنهم كلهم مرتبطون بغزة، غزة النصر والصمود والعزة، العزة لكل المسلمين.
وكذلك نبي الله هود عليه السلام عندما كذبه قومه وجحدوا نبوته وسخروا منه، وحاربوه بكل أنواع الحرب الكلامية والتعذيبية، وكانوا يبطشون بأتباعه بطش الجبارين المتغطرسين، ويظلمون المستضعفين في الأرض، ويقفون في وجه "هود" ويمنعونه من نشر رسالة الهداية والخير.
وكذلك إخواننا في غزة يحاربون من قومهم في السلطة الصهيونية المتمثلة في حركة فتح بقيادة الماسوني العميل "أبو مازن" فإنهم أصدروا قرارهم بحل الحكومة التي كانت تقودها حماس وبكل جدارة واقتدار وأحبها الشعب الفلسطيني الذي كان قابعاً تحت احتلالين، الاحتلال الصهيوني الغاصب والمدمر، والاحتلال في ظل حكومة ما قبل حماس، فلذلك أيضاً أحبتها كل حكومات دول الجوار والدول العربية ورحبت بها وتلقت خبر فوزها بكل فرحة وسرور إلا حكومة الاحتلالين الصهيونيين وقاموا عليها وافتروا عليها الأكاذيب واختلقوا ضدها الشائعات المغرضة والمنددة بالإسلام الذي عند أعضاء الحركة الحمساوية ولأنهم لا يحاربون حماساً كأشخاص وإنما يحاربون المنهج الرباني الحق الذي تحمله حماس فإنهم لم يفلحوا في أثناء الشوارع العربية والإسلامية عن حب ودعم ومساندة حماس بكل ما أوتيت حتى بعد حلها فإن حلها لم يؤثر فيها ولن يؤثر فيها وأيضاً لن يستطيعوا على إثناء هذه الشعوب عن مواصلة دعمها ومساندتها لحركة حماس وخصوصاً في ظل هذه المجازر والمآسي والصمود العربي من قبل الحكام المخذولين منزوعي الهيبة والذمة والضمير.
وكذلك ما لاقاه إبراهيم عليه السلام من قومه فقد أيده الله سبحانه وتعالى بنصر من عنده على قومه الذين عذبوه وجحدوا رسالته وصدوه عن دعوة الناس إلى الخير والهدى، فأنجاه من نارهم نار النمرود وكانت هذه النجاة بمثابة البدايات الأولى للنصر المؤزر له من ربه عز وجل ومن ثم بعد أن أقام إبراهيم في قومه ما أقام، ومارس معهم كل أنواع الجدال والحوار لإقناعهم برسالة الحق، ومع ذلك لم يكفوا عن إيذائه، فقرروا نفيه وإبعاده عن البلاد، وهنا وقف إبراهيم عليه السلام قائلاً لهم ومخاطباً أبيه على وجه الخصوص: "قال سلام عليكم. . . " فمكن الله لإبراهيم في الأرض واجتمع حوله الناس المؤمنون به وبرسالته، وأتاه الله الذرية والأولاد، وأظهره أخيراً على قومه الذين قاوموه منذ البداية.
فسبحان الله ما هذا التشابه العجيب فيما لاقاه أنبياء الله ورسوله وما يلاقيه إخواننا في حركة حماس ومن معهم من المجاهدين في غزة والضفة الغربية. . ألم يجادل الحمساويون الصهاينة في حركة فتح في كل محفل وميدان وفي كل دولة بادرت من أجل لم الشمل الفلسطيني وفتح تتلكأ وتتمرد على الإرادة الإلهية وأيضاً تتمرد على الإرادة الدولية وتعطل كل المبادرات وآخرها المبادرة اليمنية التي اتفق عليها الطرفان وفجأة يملي الصهاينة على أخيهم أبي مازن بأنهم غير راضون عن هذه المبادرة اليمنية لأنها في الصميم وآخر فترة للشتات الفلسطيني وانقسام الصف، ولأن اليهود يسوؤهم ذلك أن الفصائل الفلسطينية وخصوصاً هذين الفصيلين الكبيرين العريضين يجتمعا على كلمة سواء لأنه مزعج ومغلق لأمن المنطقة كلها والتي تساند التعربد الصهيوني وعلى الصهاينة بشكل خاص وأيضاً على عباس لأنه يخاف أن حماس تسحب البساط من تحته فبعد ذلك لن يستطيع البقاء على السلطة وخصوصاً إذا جرت انتخابات عادلة ونزيهة وأيضاً لأن من إخوانه الصهاينة سيكون مهدداً وخصوصاً لو امتلكت حماس السلطة بأسرها وهذا ما لا يريده الصهاينة فضغطوا على عباس حتى شلت إحدى عينيه وأبانت للعالم الخيانة التي يحملها لوطنه وشعبه فبادر برد بنود الاتفاقية العشرة ثم رمى بهذا الرد حركة المقاومة الإسلامية حماس كذباً وبهتاناً وزوراً.
وكذلك الأمر حيث كان الحال مع خاتم الأنبياء والمرسلين محمد عليه الصلاة والسلام فقد نصره الله على أعدائه كفار ومشركي قريش وغيرهم بفضل الدعاء، وحسن اليقين بربه عز وجل.
فمنذ غزوة بدر الكبرى التي تعد أول معاركه مع قوى الكفر والشرك استنزل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم النصر من عند ربه عز وجل ولم ترهبه قوة العدو، ولم يخشى ملاقاتها، علماً أن عدد أفراد جنود المشركين كانت تفوق عدد المسلمين أضعافاً مضاعفة، ويومها خاف الصحابة من ملاقاة جيش المشركين الجرار المجهز بالسلاح والعتاد والفرسان، ولكن النبي عليه الصلاة والسلام شد من أزرهم واستنهض هممهم وقال لهم: "سيروا وابشروا فإن الله تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين والله لكأني الآن أنظر إلى مصارع القوم".
الله أكبر ونحن نقول لإخواننا في قطاع غزة "سيروا وابشروا ولكن ليصاحبكم الدعاء في كل أوقاتكم" واللجوء إلى الله عز وجل وإن هذا الذي ترونه من الحشود على الحدود مع القطاع من دبابات العدو فإن الله كفيل به وقادر على هزمه بكم أنتم وبما أعده من جنود للقضاء على هذه الغطرسة والغرور والعنجهية والوحشية التي لا تكون إلا من أناس ماتت قلوبهم وضمائرهم وتلطخت أياديهم بالدماء مثل هؤلاء العلوج والجزارين من الجلاوزة والجلادين الدولة المسخ والغدة السرطانية التي تفت في عضد الأمة بإرهابها ولكن الحق ليس عليها وإنما الحق على المتصهينين لها والذين غرهم النظر على شعر ليفني الأصفر وإلى بنطالها الضاغط الذي يبين حجم جسمها ويظهر مفاتنها فالخبرة صدقوا أنها تكون لواحد منهم والله إن ليفني لن ترضى بأحدهم حذاءاً لها وأنا أقسم بالله غير حانث بهذا.
فلذلك على إخواننا في حماس سواء الجناح العسكري أو السياسي أو الدعوي أن يستمروا في الدعاء وأن يخلصوا مع ربهم من أجل أن يستجيب لهم، وأن لا ييأسوا من تأخر النصر إنما هو التمحيص وزيادة الأجر، وأيضاً على إخواننا في جميع أنحاء العالم أن لا يفتروا عن الدعاء وليجعلوا ألسنتهم تلهج بالدعاء لإخوانهم في غزة، وأن تكون ألسنتهم رطبة من ذكر الله سبحانه.
الباحث في شؤون الإرهاب